بين الإبقاء على السلاح أو التسليم بالدولة أي خيارات للحزب بعد التشييع؟
فرض تشييع أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله وخلفه السيد هاشم صفي الدين على القوى الأمنية اليوم الأحد التحسب لكل السيناريوهات بسبب المخاطر من أي خرق أمني أو أي إشكالات على الطرق المؤدية إلى مدينة كميل شمعون الرياضية حيث ستقام مراسم التشييع في ظل حشد جماهيري غير مسبوق. وقد أعطيت التعليمات إلى الجيش وبقية الأجهزة الأمنية لرفع الجهوزية إلى أعلى مستوياتها ومواكبة الخطة الأمنية على الأرض تفادياً لأي طارئ ولاسيما أن المشاركين سيسلكون طرقات في مناطق لديها خصومة مع «حزب الله» ما يدفع بالقوى الامنية إلى اتخاذ أقصى التدابير الاحترازية لمنع أي استفزازات تؤدي إلى توترات غير مرغوبة.
وإذا كان التشييع مناسبة حزينة وكئيبة تعلو فيها أصوات اللطميات والندبيات، إلا أن «حزب الله» سيعمل على تحويل الجنازة إلى استعراض شعبي لشد عصب بيئته الحاضنة بعد سلسلة النكسات العسكرية والأمنية التي أصابته في الصميم في الحرب الإسرائيلية الأخيرة وما خلّفته من دمار كبير في القرى الجنوبية. وسيغتنم «حزب الله» مشهد «الطوفان البشري» في عملية إثبات وجوده وللقول إن «الحزب» أعاد ترميم ذاته وإن وظيفة «المقاومة» لم تنته في عملية رفض للمتغيرات السياسية وللتوازنات الداخلية والخارجية التي فرضها اتفاق وقف إطلاق النار وبنوده الإضافية على القرار 1701 وما سمحت به ورقة الضمانات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من حرية حركة في الأجواء اللبنانية ومن تنفيذ للغارات وللاعتداءات من دون أي رادع.
وذكرت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» أن «التشييع سيكون يوماً للوفاء ولتجديد العهد والقسم من أهل الحمية وأصحاب النفوس الأبية، لقائدين عظيمين من هذه الأمة وهذا الوطن، معاهدين أن الراية لن تسقط وأن الدم لن يضيع، وأن الأرواح لن تحيد عن طريق مرصّع بأسمى القادة والشهداء، عنوانه رفض كل ظلم واحتلال ومناصرة الحق إينما كان. وكما قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، سيكون تشييعاً استثنائياً فيه الحزن والوفاء وتجديد البيعة لشعلة المقاومة التي ما كان زيتها إلا من عظيم الدماء. دم يعبق أريجه في أرض الجنوب المحررة، وسمائها الشاهدة على أعظم ملحمة، وفيما العدو يبقي احتلالاً له على ارضنا فإن اهلها غير الآبهين بالاحتلال، العارفين بحتمية التحرير، يعاودون صنع الحياة في قراهم بما أوتوا من عزم وقدرات وإرادة بقاء، ويرفعون الأنقاض بحثاً عما تبقى من أجساد أبنائهم الشهداء».
ولا شك أن نصرالله شكّل رمزاً استثنائياً لبيئة «الحزب» وهذا لا ينكره شيعة مستقلون من خارج الثنائي الشيعي. لكن البعض من هؤلاء المستقلين في الطائفة الشيعية يسأل عن مغزى دفن نصرالله في بيروت وليس في بلدته في الجنوب على غرار صفي الدين، وهل في نية «حزب الله» تحويل مكان الدفن إلى مزار ديني على الرغم من كون نصرالله ليس عالماً دينياً بل قائداً له رتبة دينية؟
في كل الأحوال، بدا أن بيئة «حزب الله» ما زالت تتعاطى بنفس القوة مع الآخرين، وهذا ما ظهر في مطار بيروت تزامناً مع الوافدين من إيران والعراق للمشاركة في التشييع حيث رفعوا الشعارات والصور والهتافات والرايات الإيرانية التي أثارت تساؤلات مسافرين في المطار من غير الطائفة الشيعية. والسؤال هو ماذا عن مرحلة بعد 23 شباط/فبراير وهل سيركز «حزب الله» على الداخل اللبناني لتعويض خسائره الجسيمة ضد إسرائيل؟ وكيف يصل الأمر ببعض مناصري «الحزب» إلى إطلاق النعوت على كل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بالخضوع للقرار الإسرائيلي وكأن رئيسي الجمهورية والحكومة هما مَن فاوض على اتفاق وقف إطلاق النار وأقرّاه؟
ويقرأ معارض شيعي في هذا الاتفاق أنه «أشبه باتفاق وقف إطلاق نار من جهة واحدة وأنه يخفي شيئاً ضمنياً بين واشنطن وتل أبيب يجعلنا نستعيد اتفاق 17 ايار/مايو الذي تمّ إسقاطه في عهد الرئيس أمين الجميل». ويقول «بات مصير السلاح على المحك في ضوء ما ورد في القرار 1701 بلاس الذي هو في النهاية ليس لائحة طعام نستطيع أن نختار منها ما نشاء، بل هو يتضمن القرار 1559 المتعلق بنزع سلاح الميليشيات ويتضمن القرار 1680 المتعلق بالمعابر الحدودية. وإذا لم يُطبّق حزب الله هذا القرار جنوب وشمال نهر الليطاني فلا أموال لإعادة الإعمار».
من هنا، سيكون «حزب الله» بعد مشهدية التشييع أمام خيارين: إما العودة للتمسك بسلاحه الذي لم يستطع لا حماية لبنان ولا حتى حماية قادته مما يعني جولة جديدة من الانقسام الوطني والطائفي حول خياراته ومغزى بقاء سلاحه شمال نهر الليطاني، وإما الاقتناع بالتخلي عن تنظيمه العسكري وعن عبء السلاح والانخراط في كنف الدولة ما يعني دخول البلد في مرحلة وفاق تؤدي إلى ازدهار وإعادة إعمار.
سعد الياس - القدس العربي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|