رعد لـ سلام: "ستكتشف بعيونك" أنّنا مع الدّولة!
غطّت على جلسات الثقة المضمونة لحكومة نوّاف سلام “التكويعة” السياسية لـ”الحزب” باتّجاه انخراط أوسع في اللعبة الداخلية قد يكون الأوّل من نوعه منذ تموز 2005 تاريخ مشاركته للمرّة الأولى في الحكومات المتعاقبة. ليس الأمر تحليلاً سياسياً بقدر ما عكست هذا التوجّهَ الخطاباتُ المتتالية للأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم، الذي ركّز على “التعاون مع الجميع لإعادة بناء الدولة واستكمال بناء المؤسّسات”، وعلى رأس الأولويّات إعادة الإعمار.
حتى الآن تجاوز “الحزب” ثلاث محطّات أساسية من دون أن “يُفلِت” طرف ثوب تمسّكه بدور الدولة، بما في ذلك تحميلها مسؤولية إعادة الإعمار على شكل “الحصول على تبرّعات أو الدعوة لمؤتمرات أو الاستعانة بدول. عمليّة الإعمار هي مسؤوليّة الدولة، لأنّ ما هدّمته إسرائيل قامت به على أرضٍ لبنانية”، كما قال الشيخ قاسم.
في الوقائع، مرّ التمديد الأوّل للانسحاب الإسرائيلي في 27 كانون الثاني، ثمّ التمديد الثاني “المفتوح” بعد 18 شباط، ولم يُنفّذ “الحزب” تهديداته بعدم السكوت عن واقع الاحتلال. ثمّ كرّس العدوّ الإسرائيلي تمركزه في خمس نقاط حدودية، وغيّر المعالم الجغرافية لبعض القرى في عمليّة قضم واضحة، ونفّذ اغتيالات وواظب على ضرب ما يقول إنّه قواعد ومنصّات عسكرية تابعة لـ”الحزب”، ولم يَخرج الأخير من مربّع “التمسّك بمسؤولية الدولة في دحر الاحتلال”، في خطاب يبدو أنّه سيواكب مرحلة ما بعد تشييع السيّد حسن نصرالله، وتحت سقف “سنردّ في المكان والتوقيت المناسبين”.
إلى الدّاخل
هي مرحلةٌ مفتوحة على استحقاقات داخلية أساسية، وستتجاوز بالتأكيد ولاية حكومة نوّاف سلام، التي أثقلت نفسها بمهامّ تحتاج فعليّاً إلى عهود متعاقبة لإنجاز جزءٍ يسير منها، حتى لو ابتدَع سلام تعبيراً جديداً على السمع، متبنّياً تعبير “نريد دولة” تقوم بكذا وكذا، في متن البيان الوزاري، وكأنّه مواطن، مع 23 وزيراً، يطلبون من الحكومة التزامات، وليس العكس إلزام الحكومة نفسها بهذه التعهّدات.
في أحد خطاباته، في ذروة جنون الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودعوته إلى بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر والسعودية، قبل أيّام قليلة من موعد الانسحاب الإسرائيلي في 18 شباط، و”التحشيد” الشعبي لتشييع “السيّدين”، وَجَد الأمين العامّ لـ”الحزب” الوقت ملائماً، ضمن سياق توضيح موقف “الحزب” من “المساعدة في بناء الدولة”، للحديث عن ورشة الإصلاحات الضروريّة، وردّ أموال المودعين، ومحاربة الفساد، وإجراء التعيينات الإداريّة، مقترحاً إجراءها وفق المباراة.
هكذا، كما قال، “ننتهي من المُحاصصة، ويأتي الأكفأ بعيداً عن الحسابات الطائفية والسياسية”، مذكّراً بـ “الآليّة التي اقترحها (عام 2010) الوزير محمد فنيش بأن يتمّ اختيار الثلاثة الأوائل في المباراة، والحكومة تختار واحداً من الثلاثة”.
ثقة “الحزب” لحكومة سلام
بدا هذا التفصيل الإداري كملاقاة لقرار “كتلة الوفاء للمقاومة” بـ “التعاون مع الحكومة الجديدة ومنحها الثقة”، كما جاء في كلمة رئيس الكتلة محمد رعد أمس.
أكثر من ذلك طغى النَفَس الإيجابي على كلمة رعد، على الرغم من كلّ التطوّرات الأخيرة التي بدا فيها “الحزب” بموقع المتلقّي للخسارات المتتالية، والناقم بصمت على الأداء الرسمي في التعاطي مع الاعتداءات الإسرائيلية.
هكذا طالب رعد الحكومة، ولم يُدِنها، “بالتراجع عن قرار منع الطائرات الإيرانية من القدوم إلى لبنان تلافياً للانصياع للإملاءات الخارجية”، ورفض سياسة الابتزاز، “ناصحاً” الحكومة بعدم “الركون إلى وعود من البعض قد تطلق فقط لتعطيل وصول المساعدات من البعض الآخر في شأن إعادة الإعمار”.
أعلن رعد أيضاً “تجاوز كلّ ما قيل عن فذلكة تشكيل هذه الحكومة ومعايير تركيبتها”، ودعا إلى بتّ خيارات التصدّي للعدوّ “من خلال استراتيجية دفاع وأمن دعا إليها رئيس الجمهورية في خطاب القسم”، مسلّماً “بمسؤولية الدولة في حماية السيادة وإنهاء الإحتلال”.
إلى ذلك أكّد رعد في ردّ مباشر على النائب جبران باسيل أنّ “عدم تنفيذ كامل سلّة الإصلاحات سببه عدم صدقيّة الالتزام بالإصلاحات والانقسام الوطني اللذان أعاقا، وقد يعيقان، إعادة بناء الدولة، ولم تكن المقاومة يوماً السبب في عدم إقرارها… ورح تكتشفها بعيونك”، متوجّهاً إلى رئيس الحكومة.
في موقف هو الثاني في سلّم قيادات “الحزب”، بعد الشيخ قاسم، مَنَح الحزب المشروعية لبيان بعبدا الثلاثي، معتبراً أنّ “إصرار العدوّ على احتلاله يتطلّب موقفاً وطنياً حازماً يُترجِم مضمون بيان الرؤساء الثلاثة، ومتابعة جدّية من الحكومة. ونحن نُعرِب عن سرورنا التامّ لإعلان هذه الحكومة استعدادها لتحمّل ذلك، وستجدنا مؤيّدين لجهودها”.
توّج رعد إيجابيّاته بتأكيد “جدّيتنا وإيجابيّتنا في ملاقاة العهد الجديد، وحريصون على التعاون على أبعد مدى”.
انتخابات وورشة داخليّة
بالتزامن مع تقديم “الحزب” لـ”استراتيجيّته” في الانغماس باستحقاقات الداخل، وترك مهمّة التصدّي للعدوّ الإسرائيلي للدولة، تجزم مصادر وثيقة الصلة بـ”الحزب” أنّ “الأخير بدأ في الكواليس ورشة التحضير للانتخابات البلدية والنيابية، مع أخذ أمرين بالاعتبار: احتمال إدخال تعديلات على قانون الانتخاب، وتقويم العلاقة مع كلّ حلفائه، وتأسيس التحالفات على أساس هذين الأمرين”.
يحدث ذلك بالتزامن مع ورشة داخلية لا تزال قائمة، تحدّث عنها النائب رعد شخصياً، “لتقويم وضعنا الدقيق والشامل لمجريات الحرب وتفاصيل ما حدث من تطوّرات إيجابية وسلبية. وبتنا على بيّنة من كثير من المعطيات، ومن المواقف المؤيّدة والمندّدة أو الصديقة والمعادية. وفي ضوء ما سننتهي إليه من خلاصات، سنتابع مسيرتنا الوطنية”.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|