سوريا.. جرمانا نقطة تحول في التعاطي مع فوضى السلاح
يرى خبراء أن الاشتباكات المسلحة الأخيرة بمنطقة جرمانا في سوريا، والتي أدت إلى احتقان أمني واسع، تعكس تدهورًا في إدارة الأوضاع الأمنية وتزيد من تعقيد الأزمة القائمة، ويعتبرون أن هذه الحوادث المتكررة تشير إلى تزايد انتشار السلاح الفوضوي، وهو ما يساهم في تعزيز الأزمات الداخلية.
ويشير الخبراء إلى أن التصعيد الأخير لا يرتبط فقط بالوضع المحلي بل له أبعاد إقليمية ودولية، حيث يتداخل فيه تأثيرات القوى الخارجية، مثل تركيا وإسرائيل، التي تؤثر على مجريات الأحداث في سوريا.
وتتزايد المطالب بضرورة تحرك الحكومة السورية بشكل عاجل لتحقيق السلم الأهلي وضبط فوضى السلاح، من خلال إشراك شرائح المجتمع المختلفة والتعاون مع ممثلي المناطق المحلية لحل الأزمات الأمنية.
كما يشير الخبراء إلى أهمية اتخاذ خطوات عملية تضمن العدالة الانتقالية وتفعيل الضابطة العدلية؛ ما يشكل خطوة أساسية نحو بناء سوريا موحدة ومستقرة بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي قد تساهم في تعميق الفوضى.
وحول هذا الموضوع قال الناشط الحقوقي والسياسي سليمان الكفيري، إن ما جرى في جرمانا ليس غريبًا أبدًا على ما يجري في بعض المناطق السورية عمومًا، ويعكس احتقانًا شعبيًا عامًا وردود فعل انفعالية، وهو أيضًا يعبر عن ضعف في إدارة الأوضاع من قبل الحكومة السورية الجديدة في التحكم بالسلم الأهلي وحماية المواطنين.
وأضاف الكفيري لـ"إرم نيوز" أنه يجب تعميق "سياسة سوريا لكل السوريين" و"خطاب التسامح"، ولكن هذا لا يعني عدم محاسبة المجرمين بحق سوريا والسوريين ومن تلطخت أيديهم بالدماء، وفق تعبيره.
وتابع أن ما حصل في جرمانا يتميز بخصوصية لأنه تزامن مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي احتل أجزاء من الأراضي السورية، وهو أمر مستحيل أن يستجيب له السوريون.
وأوضح الكفيري أن خطاب نتنياهو لا يعني السوريين ولا يخدم بناء دولة سورية موحدة، ومطلب جميع السوريين بما في ذلك أهل الجنوب السوري والدروز في السويداء هو بناء سوريا واحدة موحدة.
وأضاف أن ما نراه الآن ليس إلا شكل من أشكال الضغط على الحكومة السورية الجديدة لكي لا تسير بالاتجاه الصحيح وتلبي متطلبات الشعب السوري، في ظل وجود أجندات إقليمية ودولية.
وأشار الكفيري إلى أنه نتيجة لذلك، يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية أن تسعى جاهدة لتطبيق القرارات الدولية، خصوصًا قرار 2254 بعد إلغاء مقدمته التي تخص النظام السابق، ومن ثم أن يجلس السوريون معًا للتخطيط لبناء دولة المواطنة.
وأكد أنه على الحكومة السورية الجديدة أن تقطع الطريق على المخططات الخارجية من خلال تفعيل السلم الأهلي والعيش المشترك ونشر الأمن، وبعدها يصبح السلاح المتفلت بلا قيمة في ظل بسط الأمن والأمان؛ ما يقطع الطريق على التدخلات من إسرائيل وغيرها في الشأن السوري.
من جانبه، قال الكاتب والباحث الأكاديمي د. جمال الشوفي، إن اشتباك جرمانا هو حادث من حوادث متكررة في الفترة الماضية، وله أكثر من سبب، ولكن الجوهر يكمن في عدم تحقيق الأمان بشكل عام، ولا تزال هناك مجموعات مسلحة كثيرة لم تتمكن من الاندماج مع مؤسسات الدولة.
وأضاف الشوفي في حديثه لـ "إرم نيوز" أنه تم تسليط الضوء على موضوع جرمانا بشكل كثيف جدًا لعدة أسباب، منها أنها تقع ضمن محيط الغوطة الشرقية، وأن غالبية سكانها من الدروز وهذا غير دقيق، فعلى الرغم من أن سكانها الأصليين منهم، إلا أن عدد قاطنيها يقارب مليوني نسمة من كل الشرائح السورية، وقد أثبت أهالي جرمانا حضورهم الوطني من خلال استقبال أشقائهم من الغوطة في الفترات السابقة.
وأوضح أن عدم تحقق عامل ضبط الأمن وانتشار السلاح الفوضوي فرض تكرار هذه الحوادث، ولذلك يتطلب الأمر من الحكومة السورية تقديم أواصر التعاون والتفاهم على الواقع الحالي، لكن بمفردها لن تستطيع تحقيق ذلك، إلا عبر إدماج شرائح مجتمعية واسعة معها، تمامًا كما حدث في اجتماع ممثلي الحكومة والوجهاء في جرمانا الذي أنهى المشكلة ككل.
ولفت إلى أن هذا يتحقق عندما تذهب كل الأطراف لضبط فوضى السلاح والتحذير من استخدامه المفرط الذي لا يحمد عقباه كما حدث في جرمانا وغيرها، والتعاون على تحقيق العدالة الانتقالية.
وخلص إلى أن عودة الأمن والضابطة العدلية والشرطة هي نتيجة فعلية لتعقيد المشهد السوري الذي يحتاج إلى تضافر جهود الجميع من الوجهاء في كل المناطق والحكومة السورية التي توعز بدورها إلى تجنب الاستفزازات من البعض حتى تستقر البلاد.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|