الحزب وتثبيت ثقته بالدولة..
في مناسبة تشييع "حزب الله" أمينه العام السابق السيد حسن نصرالله وخلفه هاشم صفيّ الدين، أقدم الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في رسالته المسجلة في تأبينهما على "تسليف" الدولة اللبنانية قسراً أو اختياراً، في ظل تضاؤل الخيارات المتاحة أمام الحزب، ورقة المسؤولية التي "الآن تقع على عاتق الدولة" لضمان انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية.
أسهم ذلك في إعطاء دفع لخطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون وأعطى دفعاً لزيارته للمملكة العربية السعودية من حيث قدرته على إظهار الثقة ببدء مسار نهوض الدولة واستعادة سيادتها على كل أراضيها كما ترغب الدول الخليجية والإقليمية وحتى الدولية ما بعد الحرب بين إسرائيل والحزب. يتيح ذلك لرئيس الجمهورية في لقاءاته على هامش القمة العربية في القاهرة تأكيد الحاجة إلى الدعم في ملفّين على الأقل على صلة وثيقة باستعادة الدولة قدرتها على فرض سلطتها: أحدهما العمل على نحو مشترك وربما مع الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ اتفاق وقف النار والانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان للإفساح في المجال أمام الدولة لممارسة سيطرتها على الحدود وفقاً لاتفاق الهدنة. والآخر طلب الدعم للجيش اللبناني من أجل أن يتمكن من الانتشار بقوة في جنوبي الليطاني وتنفيذ ما يتصل بمهامه في هذا الإطار وكل ما يتعلق بالمراحل اللاحقة أيضاً في تنفيذ مندرجات القرار 1701 باعتبار أن هذا العامل مهم جداً، إذ فيما يستمر الحزب في الضغط على الدولة في تصريحات ومواقف متواصلة من أجل الضغط الديبلوماسي لتأمين الانسحاب الاسرائيلي، فإنه يظهر في الوقت نفسه استعداداته للقفز على أي تأخير من أجل تبرير استمرار سلاحه في شمالي الليطاني على قاعدة تحسّبه لعدم انسحاب إسرائيل، فيما تأخذ عليه أوساط سياسية عدة التوظيف سياسياً لذلك بينما هو من يتحمّل مسؤولية عودة الاحتلال الإسرائيلي إلى لبنان نتيجة حرب مساندة غزة وهو من يتعيّن عليه مساعدة الجيش اللبناني على تسليم كل مراكزه وأسلحته في جنوبي الليطاني منعاً لإعطاء ذرائع لإسرائيل بالبقاء في النقاط التي بقيت فيها فضلاً عن وجوب أن يفسح المجال للدولة اللبنانية للقيام بجهودها وفقاً للمعطيات والظروف المتاحة من أجل ضمان تنفيذ إسرائيل اتفاق وقف النار. فتهريب أموال للحزب عبر مطار بيروت مهما تكن الذريعة التي تعلن أو توجد لذلك، بمعنى تبريرها للمجلس الشيعي الأعلى أو تهديد ما بقي من أسلحة للحزب في سوريا أو أي تحركات له، يمكن أن يشكل المبررات الكافية لإسرائيل لاستهدافه أولاً، وللبقاء ما دامت تعتبر أن هناك تهديداً من الحزب على خلفية الضمانات الإضافية التي تردد أن الولايات المتحدة قدمتها بشكل ثنائي لإسرائيل في ما يتعلق بتنفيذ وقف إطلاق النار، بما في ذلك الاعتراف "بحقها" في الرد على تهديدات "حزب الله".
ولكن موقف الحزب الرسمي قد يكون تكتيكياً للرغبة في الحصول على المساعدات لإعادة الإعمار فيما هو لن يساعد الدولة اللبنانية في تأكيد انطلاقتها لفرض سيادتها أو أقله سيكون ذلك تحت الاختبار لمدة لن تكون قصيرة في أي من الأحوال. ومسؤولية الحزب أن يعطي فرصة حقيقية للدولة للانطلاق وتسويق قدراتها من جهة وإجماع أفرقائها على قيامها وعدم توفير ذرائع لإسرائيل مهما تكن في ظل خلل فظيع في التوازن العسكري والقدرة على تجييش الدعم الخارجي فيما بدأ الرئيس عون أولى خطواته في هذا المسار. فبعد انتهاء زيارة الرياض، صدر بيان لبناني - سعودي مشترك أكد "أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، والتأكيد على الدور الوطني للجيش اللبناني وأهمية دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة". ففي البيان الذي صدر عن القمة السعودية اللبنانية عناوين أساسية للمرحلة المقبلة في لبنان بدءاً من السعودية وصولاً إلى كل الدول الخليجية والخارج معاً وفيه "أهميّة التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، تطبيق القرارات الدوليّة ذات الصلة، بسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانيّة، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وعلى الدور الوطني للجيش اللبناني، وأهميّة دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانيّة كافّة، بالاضافة الى ضرورة تعافي الاقتصاد اللبناني وتجاوزه لأزمته الحاليّة، والبدء بالإصلاحات المطلوبة دولياً وفق مبادئ الشفافيّة وتطبيق القوانين الملزمة". والجميع ينتظر أن يفي لبنان بكل ذلك لمساعدته لا سيما في ظل تحديات مخيفة تبدأ من غزة ولا تنتهي بسوريا والدول العربية الأخرى.
روزانا بو منصف - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|