قتلى وجرحى في سوريا... إليكم ما تشهده مدينة الصنمين في ريف درعا
الحريرية و”تيكيت” الدّخول المتأخّر إلى العهد
تطمح الحريرية السياسية لدخول متأخّر في عهدٍ لم تشارك في صنعه، لا في الداخل ولا بالتواصل مع القوى الإقليمية والدولية. وقد يكون سبيلها الوحيد إلى ذلك أن يُقطع “تيكيت” العودة من خلال الإمساك بالتمثيل السنّيّ في الانتخابات المقبلة، فيصبح العهد مضطرّاً إلى التعامل معها كما يتعامل مع القوى التقليدية الشيعية والمسيحية. لكنّ أدواتها لا تبدو كافية لتحقيق الغرض.
يشكّل العهد الجديد حالةً تاريخيّةً خاصّةً من حيث إنّه ليس منبثقاً من توازنات المجلس النيابي المنتخب عام 2022، بل من التوازنات الجديدة في الداخل والإقليم. لا شكّ أنّ حكومة العهد واءمت تركيبتها بقدرٍ معقول مع الكتل الكبرى في مجلس النواب الحالي، لكنّها، في الواقع، لم توائم نفسها مع الماضي، بل مع القوى التي يُعتقد أنّها ستظلّ وازنة في مجلس 2026، وعلى وجه التحديد: ثنائيّ “الحزب” وحركة أمل لدى الشيعة، وزعامة وليد جنبلاط لدى الدروز، و”القوات” و”الكتائب” لدى المسيحيين. وليس استبعاد “التيار الوطني الحرّ” من الحكومة ناجماً عن قراره اختيار المعارضة بقدر ما هو استشرافٌ لتضاؤل دوره مسيحيّاً في المرحلة الجديدة.
لكنّ هذه القوى كلّها، الممثّلة منها في الحكومة وغير الممثّلة، تظلّ في منظور العهد قوى تقليدية، فلا هي من أتت به، ولا هي رافعته، ما دام رئيسا الجمهورية والحكومة أتيا إلى الحكم من خارج النادي التقليدي، وهما يحاولان الحكم بأدوات أمنيّة وسياسية لا تخضع للمحاصصة، أي لا تخضع لميزان القوى التقليدية، على أمل أن تأتي الانتخابات النيابية المقبلة بميزان جديد للقوى في مجلس النواب. وهنا سيكون التعويل بشكل أساسي على الساحات الأكثر سيولةً واستعداداً للإبحار مع اتّجاه الريح.
لا تغيير على الخريطة الشّيعيّة
ليس من المعوَّل أن يطرأ تغيير وازن على خريطة التمثيل الشيعي، لا سيما أنّ الطائفة مجروحة ومنكوبة، ولا شكّ أنّ تصويتها سيكون لردّ الاعتبار بالأصوات بعدما فقدت ما فقدته من قوّة وسلاح. وربّما أقصى ما يمكن التعويل عليه هو كسر حصريّة التمثيل بخروق محدودة للوائح الثنائي في البقاع والجنوب. وهذا بحدّ ذاته سيكون معطى سياسيّاً كبيراً إن حدث.
أمّا المسيحيّون فتظلّ ساحتهم الكتلة المتحرّكة في الحياة السياسية كما كانت منذ الانسحاب السوري من لبنان عام 2005. وفيها كان التنافس الأكبر بين المعسكرين اللذين تأسّسا في 8 و14 آذار 2008. عصف بها تسونامي ميشال عون في ذلك العام، ثمّ رجّحت كفّة 14 آذار في 2009، بهامش ضئيل، ثمّ وسّعت كتلة عون في 2018، ثمّ رجّحت كفّة “القوّات” والتغييريّين في 2022. وقد تكون الساحة التي تختبر قدرة رئيس الجمهورية جوزف عون في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة على التحوّل من البزّة العسكرية إلى تأسيس حالة سياسية خاصّة به، كما فعل فؤاد شهاب وميشال عون من قبل.
السّاحة السّنّيّة الأكثر إرباكاً
غير أنّ الساحة السنّيّة تظلّ الأكثر إرباكاً وارتباكاً. فالسُّنّة يشعرون أنّهم في صميم العهد الجديد، من حيث إنّه يحمل تطلّعاتهم وهواجسهم في شأن تطبيق الطائف واحتكار الدولة لحمل السلاح، وبسط سلطتها على كامل التراب اللبناني. وهم في صميم العهد من حيث إصلاح العلاقات مع العمق العربي، وخصوصاً مع السعودية، وإخراج لبنان من المحور الإيراني الذي زجّ بالبلاد والعباد في حروب المنطقة. لكنّهم خارجه من حيث شكليّة التمثيل النيابي والوزاري. وقد لا يُلام العهد في ذلك بقدر ما تُلام حالة التمثيل السنّيّ التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة.
أتى رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري لإحياء ذكرى استشهاد والده في 14 شباط، وأبدى تطلّعاً صريحاً إلى العودة إلى النشاط السياسي بعد ثلاث سنوات من الاعتزال والابتعاد خارج البلاد. لكنّه لم يحمل في عودته مشروعاً سياسيّاً للدخول في المرحلة من أبوابها وبما يشبه أجندتها ولغتها وديناميّتها. بدا خطابه ميّالاً إلى تطمين الثنائي الشيعي بما أمكن من عبارات الودّ الضمنيّ. وبدا أنّ حزبَيْ الثنائي الأكثر احتفاء بعودته. فيما كانت العناوين السياسية الأساسية للخطاب خلف بيان القسم والبيان الوزاري. إذ وردت عبارة واحدة تشير إلى “دولةٍ، السلاح فيها احتكار للجيش الوطني والقوى الأمنيّة الشرعية”، من دون ذكر مباشر لـ”الحزب” وسلاحه في الخطاب.
لا شكّ أنّ “تيّار المستقبل” يتهيّأ للعودة من بوّابة الانتخابات البلدية أوّلاً ثمّ الانتخابات النيابية العام المقبل. لكنّ أصله الأساس الذي يعوّل عليه، كما يبدو، هو الفراغ في الساحة، وما قد يولّده من توقٍ لدى الناخب السنّيّ إلى تشكيل قوّة سياسية وازنة تحفظ تمثيل الطائفة في السلطة. لكن إذا كان الجمهور السنّي العريض يحتفظ للحريري الابن بالكثير من الودّ تجاه بيته وبيت أبيه، فإنّ تقويم تجربته ربّما يوصل إلى مكان مختلف. فتيّاره لا يبدو أنّه عائدٌ بجديد بعد إخفاقات الشراكة مع عهد ميشال عون، لا على مستوى الزخم الداخلي، ولا على مستوى العلاقات العربية والدولية، ولا على مستوى الأدوات التنظيمية والمادّية. وقد لا يكون اسم البيت وحده كافياً لاستعادة زخمٍ بدّدته السنوات العشرون الماضية.
إلّا أنّ المأزق السنّيّ ليس في الحريرية من دون غيرها. فالتمثيل السنّيّ في الحكم بشكله الراهن برّرته اللحظة السياسية، لكنّه قد يطرح إشكالية في ضوء ما تفرزه الانتخابات المقبلة. إذ إنّ رئيس الحكومة نوّاف سلام، الآتي من خارج النادي السياسي التقليدي، سيكون عليه أن يثبت شرعية تمثيليّة ليتحوّل من رئيس انتقاليّ إلى عضوٍ دائمٍ في نادي أصحاب الدولة. فهو يتصرّف كنخبويّ يتوّج مساراً قضائياً ودبلوماسياً وأكاديمياً، لا كزعيم يقود الشارع. وهو، على ما يبدو، من بيت الزعماء، لكنّه ليس من طينتهم في قيادة الشارع وتشكيل اللوائح.
عبادة اللدن-اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|