قتلى وجرحى في سوريا... إليكم ما تشهده مدينة الصنمين في ريف درعا
محكمة الأحداث vs المحكمة الجعفرية: طريق حلّ قضايا الحضانة ليس معبّداً
في المحكمة الجعفرية، تشهد قضايا الطلاق «ارتفاعاً صاروخياً»، وفقاً لمتابعين، مع ما يرافقها من ظلم للأمهات غالباً، وللآباء أحياناً عندما يكون للمرأة وساطة ونفوذ، وللأولاد في كل الحالات.
الأحكام العشوائية والمجحفة التي تصدر عن بعض القضاة الشرعيين، في مسائل الحضانة والنفقة وحق الرؤية، تدفع بعض أطراف النزاع للجوء إلى محكمة الأحداث المدنية، ما يزيد من دوامة حضانة الأولاد، بسبب تناقض الأحكام، و«شدّ الحبال» بين القضاءين الشرعي والعدلي، في ظل تعطّل الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي تتولى البت في طلبات تعيين المرجع عند حدوث اختلاف على الاختصاص بين محكمة عدلية وشرعية، بسبب أزمة التشكيلات القضائية وعدم اكتمال النصاب بعد تقاعد عدد من رؤساء الغرف في محكمة التمييز.
بعدما أعطت المحكمة الجعفرية حضانة ولديها لوالدهما المسافر، لجأت عبير خشاب إلى قصر العدل، وحصلت من القاضية المنفردة الجزائية الناظرة في قضايا الأحداث فاطمة ماجد على قرار بمنع سفر الحدثين وإخضاعهما لعلاج نفسي، بعد الاستماع إليهما والتأكد من أنهما لا يرغبان في الالتحاق بالوالد.
كذلك حصلت خشّاب من محكمة الأحداث على حكم بالنفقة لا يتطابق مع حكم المحكمة الشرعية. ولدى محاولة الوالدة أثناء الحرب الأخيرة إصدار جوازي سفر للولدين، اصطدمت بقرار منع سفر بحقهما صادر عن المحكمة الجعفرية عام 2021، وردّ قاضي محكمة بيروت الشرعية الجعفرية الشيخ موسى سموري طلب إباحة السفر للولدين الذي تقدّمت بها الوالدة لرفض الأب التراجع عنه»، كما تروي لـ «الأخبار».
مرة أخرى، أصدرت القاضية ماجد في 1 تشرين الأول الماضي قراراً لخشاب بالاستحصال على جوازي سفر للولدين من دون انتظار موافقة الوالد وتوقيعه، «نظراً إلى الخطر الكبير الذي يتعرض له المدنيون وعدم جواز بقاء قاصرين من دون سفر». إلا أن سلطة القضاء الشرعي كانت أقوى، و«لم أنجح في تحرير أولادي»، على حدّ تعبير خشّاب التي لا تزال تقصد المحكمة الجعفرية للاستئناف.
قضية خشاب ليست استثناءً. وبحسب المحامي حسين رمضان، «صدرت عن المحكمة الجعفرية ومحكمة الأحداث قرارات متناقضة في كثير من القضايا»، لافتاً إلى أن أحكام «الأحداث» ليست إبطالاً لحكم شرعي، «بل قرارات يتخذها القاضي على شكل تدابير ملزمة» استناداً إلى قانون «حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر» (رقم 422/2002».
ويوضح أن هذه القرارات لا علاقة لها بالحضانة، بل بحماية الحدث من أي خطر جسدي أو نفسي أو معنوي، قد يرتبط بأهلية الوالدين لرعايته. وبالتالي، لا يمكن، مثلاً، للمرأة التي لا يعجبها حكم شرعي تصحيحه في محكمة الأحداث».
في المحصلة، هناك تضارب في صلاحيات سلطتين قضائيتين ولو اختلفت التسمية بين «حماية الحدث» و«الحق في الحضانة». ويلفت مصدر حقوقي إلى أن «الدستور اللبناني نصّ بوضوح على خضوع اللبنانيين لنظام طوائفهم في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، كالزواج والطلاق والحضانة، والتي لا يملك القضاء المدني خبرة للبتّ فيها»، لذلك، فإن «صدور قرارات تتعلق ضمناً بالحضانة وحق الرؤية تحت عباءة القانون 422 يعدّ مخالفاً للدستور»، متسائلاً حول «علاقة حماية الأحداث بقضايا النفقة، وأي عمل للمحاكم الشرعية يبقى بعد ذلك؟».
إلا أنه يعيد «ما يحدث من تجاوز محكمة الأحداث للمحاكم الشرعية، إلى بناء الأولى أحكامها على الأصول العلمية والمنطق لما فيه مصلحة الطفل، خلافاً للمحاكم الشرعية، وتحديداً الجعفرية، التي تصدر أحكاماً عشوائية مؤلفة من سطرين، ومن دون تعليل في غالب الأحيان. كما تحكمها المزاجية والوساطة وغياب الخبراء في علم النفس والطب والاجتماع والمسائل العقارية... ونقص في الأدوات الحديثة».
وتلفت مصادر قانونية إلى أنه في الحرب الأخيرة، ازدحمت المحكمة الجعفرية بالمراجعين لطلب إباحة سفر عشرات النساء والأطفال تمهيداً لخروجهم من البلاد، «ما يشير إلى الفوضى التي تحكم إصدار قرارات منع السفر، من دون شروط محددة، وأحياناً لمجرد الابتزاز في قضايا الطلاق والحضانة». وتشير، على سبيل المثال، إلى أن إحدى المطلّقات اكتشفت بعد 13 سنة من طلاقها أن طليقها رفع دعوى إبطال طلاق ومنع سفر بحقها». وتتجاوز هذه التدابير تقييد الأفراد وحجز حريتهم إلى حدّ تعريضهم للخطر المباشر، في حالات استثنائية كالحرب.
والجدير بالذكر أن أداء المحاكم الجعفرية لا يزال على حاله رغم أن المرجع علي السيستاني أفتى، رداً على سؤال لرئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا الشيخ محمد كنعان حول النزاع على الحضانة وإمكانية تقديم مصلحة الطفل شرعاً، بأن «للحاكم الشرعي الاستعانة بأهل الخبرة لإصدار الحكم إذا كانت الحضانة للأب وزعمت الأم أنه لا يسعه القيام بها، وفقاً لما تقتضيه حالة الولد»، ما يفتح أمام المحاكم الجعفرية فرصة للإصلاح وإعادة النظر في أحكام الطلاق والحضانة.
"طلاق الحاكم" معلّق
بعد وفاة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وكيل السيد علي السيستاني في دعاوى ومسائل طلاق الحاكم، وعدم الإجازة لنائبه الشيخ علي الخطيب البت فيها، جُمّدت كلّ دعاوى «طلاق الحاكم» في المحاكم الجعفرية. والمقصود بـ«طلاق الحاكم»، تفويض الحاكم الشرعي تطليق المرأة بنفسه بغض النظر عن موقف الزوج، عندما يفشل الأخير في حالات معينة في أداء ما عليه مثل الهجر أو الامتناع عن الإنفاق عليها، فيخسر حقه الحصري في الطلاق.
علماً أن المرأة في المذهب الجعفري لا تملك الحقّ في فسخ الزواج، ولا يمكنها رفع دعوى تفريق. وبعدما خسرن «طلاق الحاكم»، آخر ملجأ لـ«الخلاص»، بقيت عشرات النساء «لا معلّقات ولا مطلّقات»، ولا خيار أمامهن غير تحمّل تنكيل الزوج أو التنازل عن حقوقهن المادية وأحياناً حضانة الأولاد للحصول على موافقة الزوج على الطلاق.
زينب حمود - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|