100 م2 بـ40 ألف دولار... إعادة الإعمار لم تبدأ والتمويل غير متوافر
عباس صباغ- النهار
لم تبدأ الخطوات الحكومية العملية لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، نظراً إلى عدم توافر الأموال الكافية للشروع في أكبر مشروع، بعدما وصل عدد الوحدات السكنية المدمرة كلياً إلى نحو 50 ألفا.
لا خطة رسمية بعد لإعادة إعمار ما هدمه العدوان، ولا تصور واضحا للتمويل، وهذا ما يبقي أكثر من 30 ألف عائلة بعيدة عن منازلها وقراها. ولذلك جاء اقتراح الوزير السابق للبيئة ناصر ياسين لإعادة الإعمار من خلال الاعتماد على القروض لبناء منازل بمساحة 100 متر مربع.
أنجز البنك الدولي في الأسبوع الأول من شهر آذار/مارس الحالي تقريره عن الأضرار جراء العدوان الإسرائيلي، وخلص إلى أن تكلفة إعادة الإعمار هي 11 إلى 14 مليار دولار، علما أن عدد الوحدات السكنية المتضررة هو 162900 وحدة بينها 45500 مدمرة كليا. هذه الأرقام تفوق بمرتين ونصف مرة الخسائر جراء عدوان تموز/يوليو 2006، مع اختلاف الظروف خلال الحرب الأخيرة، ولا سيما لجهة الدعم العربي لإعادة الإعمار أو لجهة القدرة الشرائية للبنانيين وغير ذلك.
إلا أن الحاجة الماسة إلى عودة المواطنين إلى بلداتهم تتطلب الإسراع في إطلاق الإعمار. وحتى تاريخه تقتصر الجهود الحكومية على إزالة الركام في بعض المناطق، ومنها الضاحية الجنوبية لبيروت. أما جنوبا، فيعمل مجلس الجنوب على إزالة ركام المنازل المهدمة كلياً بالتعاون مع البلديات، على الرغم من عدم توافر الإمكانات الكافية لدى المجلس.
لكن كل ذلك لا يوحي بقرب إطلاق عملية الإعمار، وخصوصاً أن قسماً كبيراً ممن هدمت منازلهم يعتمد على الزراعة لتأمين المعيشة.
وشهدت بلدات حدودية تجربة توزيع البيوت الجاهزة على المزارعين للعودة إلى ممارسة عملهم، وتحديدا في رامية (بنت جبيل)، وكذلك مارون الراس وبلدات أخرى. لكن تلك المبادرة التي أطلقتها جمعية "وتعاونوا" لا تغني عن إعادة الإعمار، ولا سيما أن عدد الوحدات السكنية المدمرة كبير جداً، وفي بعض البلدات مثل مارون الراس وعيتا الشعب والناقورة وطير حرفا تجاوزت نسبة التدمير الـ95 في المئة ووصلت إلى 100 في المئة في الضهيرة ومروحين والبستان.
وبحسب ياسين، فإن إعادة الإعمار يمكن أن تكون موحدة من خلال بناء منازل بمساحة 100 متر مربع بتمويل من صندوق خاص للإعمار، بأدوات تمويلية مختلطة، تساهم فيه المؤسسات التمويلية العربية والدولية وتشارك الدولة اللبنانية في جزء منه عبر هبات خارجية، ويكون جزء منه على شكل هبات وجزء آخر قروضاً مدعومة وطويلة الأمد، أي بين ٢٠ و٢٥ عاماً، وبصفر فوائد لإعادة بناء المنازل، على أن يصار إلى استخدام الأموال المسددة في الصندوق لتكون قروضا متجددة (revolving fund) للإعمار، ولاحقا لدعم إسكان ذوي الدخل المحدود.
ويشرح لـ"النهار" أن "تكلفة بناء المنزل من 100 متر مربع يجب ألا تتجاوز الـ40 ألف دولار، وخصوصاً أن تكلفة متر البناء الجاهز تراوح بين 300 و400 دولار، وأن تمويل الإعمار يكون من خلال الصندوق بنسبة 50 في المئة، فيما النسبة المتبقية، أي 20 ألف دولار على شكل قروض يتم تقسيطها لفترة لا تقل عن 10 سنوات ومن دون فائدة، بما معدله 2000 دولار سنوياً، أي أقل من تكلفة الاستئجار لمنزل أو لشقة".
وبحسب ياسين فإن المشروع هو للنقاش ولإيجاد حل سريع لإعادة الإعمار، وإن يكن المنزل الذي سيعاد إعماره صغير المساحة نسبياً، لكنه يفي بالغرض.
في المقابل، يعتقد الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين أن الاقتراح "غير عملي نظراً إلى عدم توافر الأموال للدفعة الأولى، وهناك أكثر من 22 ألف وحدة سكنية مدمرة، فمن أين التمويل، علما أن الحاجة ستكون إلى 880 مليون دولار، وليس لدى أصحاب المنازل المدمرة قدرة على الدفع؟"
أما عن القرض لـ10 سنوات أو أكثر، فيؤكد شمس الدين أن "القدرة على إيفائه غير متاحة لمن لا يزال نازحاً وليس لديه مدخول ثابت، والقرض هو التزام لإعادة دفعه بغض النظر عن مدة تقسيطه".
والحال أنه يمكن التعامل بجدية مع طرح ياسين، أو على الأقل تطويره، ما دامت أموال إعادة الإعمار غير متوافرة، فيما السرعة مطلوبة لإعادة الأهالي إلى ديارهم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|