استدرجها إلى مخيم البداوي.. العثور على فتاة فقدت في سن الفيل
هذه نصيحة باريس للّبنانيّين… بشأن الطّلبات الأميركيّة
نظريّاً، كان يفترض ببيار دوكان، المكلّف تنسيق الدعم الدولي للبنان، أن يتولّى مهمّة استطلاع أحوال لبنان “الإصلاحية”، قبل أن تباشر إدارته التحضيرات الفعليّة لمؤتمر دعم لبنان، ذلك أنّ الدبلوماسي الفرنسي هو الأكثر تعمّقاً في هذا الملفّ ومتابعةً لتفاصيله مذ وقوع لبنان، رسمياً، في الانهيار الشامل. لكنّ الإدارة الفرنسية فضّلت إسناد هذه المهمّة إلى الدبلوماسي جان- إيف لودريان لأكثر من سبب عملانيّ.
يقول دبلوماسيون فرنسيون إنّ باريس ارتأت إيفاد لودريان من جديد، لأنّه صار “خبيراً” بالملفّ اللبناني، وبساسته. يعرفهم جيّداً، وصار يفهم “لغاتهم” وكيف يحدّثهم، خصوصاً أنّ الطاقم الدبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت يتابع عن كثب عمل الوزارات المعنيّة بالملفّ الإصلاحي ويضع يده على مكامن التقدّم والتخاذل. وهو ما يعني أنّ طابع مهمّة لودريان سياسيٌّ أكثر منه تقنيّاً، ويتّصل بالتحضيرات الحاصلة لمؤتمر الدعم الذي تنوي باريس تنظيمه ورعايته.
في الواقع، صار جليّاً أنّ باريس، خلافاً للإدارة الأميركية، تفضّل التعامل مع لبنان على قاعدة السياسة الباردة والهادئة التي ترتكز على الليونة والأخذ والردّ، فيما واشنطن تميل أكثر إلى الشدّة والحزم والمواجهة. ولهذا تعمل باريس على تدوير زوايا الموقف الأميركي وتشذيبه لمواءمة الخصوصية اللبنانية، خشية منها على الاستقرار الداخلي، غير المستقرّ أصلاً.
جرعة أوكسجين
بهذا المعنى، يُفهم حرص باريس على تنظيم مؤتمر دعم ماليّ، يكون بمنزلة جرعة أوكسجين تحول دون اختناق البلد، في وقت تحاصر واشنطن لبنان بمعادلتين قاتلتَيْن: لا انسحاب إسرائيليّاً كاملاً من الأراضي التي تحتلّها، لا سيما النقاط الخمس، إلّا بعد تجرّع سمّ التطبيع. ولا إعادة إعمار ما لم يتمّ نزع سلاح “الحزب” بالكامل، شمال الليطاني وجنوبه.
إذ تدلّ المعطيات الدبلوماسية على أنّ باريس تخشى من تبعات الضغوط الأميركية التي تمارس على لبنان، سواء في ما خصّ الضغط العسكري من خلال الضربات التي تواظب إسرائيل على توجيهها داخل العمق اللبناني، أو في ما خصّ الحصار الذي تفرضه على ورشة إعادة الإعمار، أو في ما خصّ طلب إنشاء ثلاث مجموعات عمل مهمّتها النظر في ثلاث قضايا: الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، تحرير الأسرى، ومعالجة النقاط الـ13 العالقة تمهيداً لتثبيت الحدود البرّية.
تعرب باريس عن مخاوفها، وفق دبلوماسيين فرنسيين، من أن تزيد هذه الضغوط من حدّة الانقسام الداخلي، مقروناً بالتوتّرات الحاصلة في الإقليم، وتحديداً في سوريا، غزة والضفّة الغربية، فيعرِّض الاستقرار الداخلي الهشّ لخضّات غير محسوبة وغير مرغوبة. ولذلك تنصح الدبلوماسية الأميركية على الدوام بمراعاة هذا الجانب ومقاربة الملفّ اللبناني بكثير من الرويّة، توخّياً لتحقيق النتائج المرجوّة.
رسالتان بارزتان
من هذه الزاوية، تجدر مواكبة زيارة لودريان لبيروت، كما تقول المصادر الفرنسية، لأنّها حملت الرسائل الآتية:
هي فرصة لتأكيد وقوف فرنسا إلى جانب لبنان بعدما أنجز استحقاقه الرئاسي وتمّ تشكيل حكومة، وللاستماع إلى وجهة نظر المسؤولين اللبنانيّين في الإصلاحات المطلوبة بشدّة من لبنان لكي يستعيد ثقة المجتمع الدولي.
في هذا السياق، كان لا بدّ من المرور على استحقاق حاكميّة مصرف لبنان، الذي تقول المصادر الدبلوماسية إنّ لودريان تطرّق إليه مكتفياً بتذكير المسؤولين اللبنانيين بضرورة الأخذ بالاعتبار أنّ لبنان على المرصد الدولي، ومصداقية مصرف لبنان على المحكّ. من هنا تنطوي شخصية الحاكم على أهميّة استثنائية لأنّها البوّابة لاستعادة ثقة الأسواق المالية العالمية والصناديق الدولية.
تؤكّد المصادر أيضاً أنّ باريس لم تتدخّل في الأسماء والترشيحات إلّا بناء على طلب مسؤولين لبنانيين، وذلك لسؤال سمير عساف عن مدى استعداده لتولّي هذه المسؤولية، لكنّه اعتذر. أمّا غير ذلك فقد تعاطت باريس مع هذا الاستحقاق من خلال التأكيد أمام المسؤولين اللبنانيين أنّ الأولويّة هي للخطّة الإصلاحية الاقتصادية – المالية التي يفترض بالحكومة وضعها وتقديمها للخارج.
من هذه الزاوية أيضاً، كانت زيارة رئيس الجمهورية جوزف عون لباريس موضع تداول بين الأخير والموفد الفرنسي، لجهة أهمّية الخطّة التي سيحملها رئيس الجمهورية في زيارته وستكون بمنزلة تعهّد موثّق يُقدَّم من على منبر الإليزيه، وأمام المجتمع الدولي، يؤكّد مضيّ العهد والحكومة في المسار الإصلاحي، وذلك لوضع قطار مؤتمر الدعم على سكّته. هذا مع العلم أنّ موعد ومكان المؤتمر لا يزالان قيد النقاش، فيما لا تمانع باريس عقده في لبنان إذا طلبت الحكومة اللبنانية ذلك.
الأهمّ بالنسبة للإدارة الفرنسية هو أن تبادر الحكومة إلى البدء بورشتها الإصلاحية التي تتابعها باريس عبر بعثتها الدبلوماسية عن كثب.
نصيحة فرنسيّة عن الجنوب
كان ملفّ الجنوب موضع نقاش بين الموفد الفرنسي ومضيفيه اللبنانيّين، الذين نصحهم بالردّ رسمياً على الرسالة الأميركية التي تطلب تأليف ثلاث مجموعات عمل، حتّى لو أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي أعلن صراحة رفض لبنان السير في المشروع التطبيعيّ، الذي يقضي بتكليف سياسيّين للمشاركة في أعمال المجموعات الثلاث. إلّا أنّ الدبلوماسي الفرسي يرى أنّ من الأفضل أن يوجّه لبنان ردّاً رسميّاً إلى الإدارة الأميركية يحدّد فيه موقفه بوضوح، حتّى لو كان الرفض هو طبيعة هذا الردّ، بعد سرد الأسباب والاعتبارات التي أملت عليه الرفض.
أبدى لودريان أيضاً استعداد إدارته لمساعدة لبنان في تحضير الردّ والعمل على خطّ إقناع الإدارة الأميركية بهذا الردّ. هذا مع العلم أنّ فكرة تأليف هذه المجموعات انطلقت من الآليّة، أي لجنة الإشراف على اتّفاق وقف إطلاق النار، لتكون مكوّنة من لجان عسكرية وسياسية. ولهذا كانت مشاركة فرنسا عبر شخصيات عسكرية ومدنية، فيما واشنطن كانت تكتفي بمكوّنات عسكرية، خصوصاً أنّ مواضيع النقاش والتفاوض ليست كلّها ذات طابع عسكري، كما تقول المصادر الدبلوماسية، وهو ما يستدعي مشاركة تقنيّين إلى جانب العسكريين.
كلير شكر - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|