الصحافة

“الحزب” ينصب فخاً للعهد…فهل ينجح؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يزداد الضغط الدولي كل يوم على السلطة اللبنانية المتمثلة برئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، لتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً القرارين 1701 و1559 اللذين يقضيان بنزع سلاح “حزب الله”، لكن الرئيسين لا يبدوان متحمسان لفعل ذلك بالسرعة المطلوبة من قبل المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية.

لا بد من الاعتراف بأن سرعة الأحداث اقليمياً ترخي بظلالها ايضاً على المشهد اللبناني، وتنشط اسرائيل باستهداف مخازن لـ”الحزب” في الضاحية الجنوبية وتقوم باغتيال قيادييه كلّما شعرت بنشاط عسكري أو استخباراتي له. من جهة أخرى، تستمر التهديدات الأميركية -الاسرائيلية في توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية، والأمور تتجه إلى الحسم، وفق توجيهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اما ديبلوماسياً أو عسكرياً.

يعتبر مراقب سياسي مطلع أن الطرفين أي السلطة من جهة و”الحزب” من جهة أخرى، يحاولان كسب الوقت، وتدوير الزوايا، رغم أن الموفدة الديبلوماسية الأميركية مورغان اورتاغوس تأتي إلى لبنان بخيارات محددة، حاملة في جعبتها كلاماً أميركياً رسمياً واضحاً: يجب معالجة مسألة السلاح من دون تباطؤ، وفي حال استمرت الحكومة في ترددها وفي ممانعة تشكيل لجان التفاوض ذات الطابع العسكري والسياسي حول الحدود والنقاط التي تحتلها إسرائيل، فإن واشنطن سترفع الغطاء السياسي والدبلوماسي بما يمنح إسرائيل حرية توسيع الحرب! وبالتالي لا خيارات عديدة أمام الحكومة اللبنانية، وإدارة ترامب لا تتحلى بالصبر، ولا تعجبها مبررات الحكومة اللبنانية التي تكتفي برمي المسؤولية فقط على الطرف الإسرائيلي وتكرار الطلب لردع الغارات وضبط إسرائيل، إنما تطلب خطوات عملية لنزع سلاح “الحزب” وبسط سيادة الدولة على كل أراضيها.

ويؤكد المراقب السياسي أن الإدارة الأميركية دعمت الرئيس عون للبدء بمرحلة جديدة في لبنان لا تشبه المرحلة السابقة التي زوّر فيها “الحزب” اتفاق الطائف والقرار 1701 والبيانات الوزارية المذيّلة بشعارات خشبية مثل جيش وشعب ومقاومة.

واللافت أن هناك مخاوف، وفق المراقب المطلع، بأن الأمور عادت لتأخذ مساراً يتّسم بالتردد والخوف من السلطة السياسية كي لا تؤدي الضغوط الدولية لنزع سلاح “الحزب” إلى نزاعات مذهبية، لذلك تحاول التعامل مع الأمور بطريقة جزئية واستنسابية، منتظرة ما سيؤول إليه الوضع اقليمياً.

قد لا يكون هذا التصرف حكيماً، لأن الديبلوماسية الأميركية بقيادة ترامب لا تريد أن تسمع شعارات فقط بإحتكار الدولة للسلاح فيما لم يتغيّر شيئاً على الصعيد الميداني وفائض القوة التي يمارسها “الحزب” كما في الماضي، ووضع القرار الاستراتيجي في أحضان إيران.

يعلم “الحزب” أن الميزان الاقليمي ليس في مصلحته، وكل ما يريده هو المحافظة على سلاحه حتى يصبح المشهد أكثر وضوحاً، لذلك عمل على تكرار تفسيره لاتفاق وقف إطلاق النار بأنه يعترف في تسليم سلاحه في جنوب الليطاني، فيما يروّج بأن سلاحه في شمال الليطاني يخضع للحوار وما يُعرف بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، ويلفت المراقب السياسي إلى أن هذا الأمر يُعتبر “فخاً” للعهد الجديد المتمثّل بالرئيسين عون وسلام، لأن لا شيء في الدستور او القرارات الدولية أو البيان الوزاري يتحدّث عن حوار واستراتيجية دفاعية، بل تسليم سلاح “الحزب” في كل المناطق اللبنانية، ليكون الجيش اللبناني وحده حاملاً للسلاح.

أما عون فلم يتحدّث عن استراتيجية دفاعية في خطاب القسم بل “إستراتيجية الأمن الوطني”، ويشير المراقب السياسي إلى أن هذا يعني أن العهد الجديد لن يناقش موضوع السلاح مع “الحزب” وفق المفاهيم السابقة ولن تبقى الحرية لسلاحه في صيغة ملتبسة دخيلة لا تعرفها الدول، أما أي استكانة للحكومة بازدواجية السلاح بين أصيل ورديف أو مواجه ومساند فسيكون فخأ للعهد الذي يرأسه عون، وسيكون مصيره كمصير عهد الرئيس السابق ميشال عون.

إذاً لا مفر من مسألة نزع سلاح “الحزب” بالنسبة إلى الأميركيين، ووسائل الضغط كثيرة أهمها على صعيد إعادة الإعمار، بحيث لن تقدّم الدول أي “فلس” قبل الانتهاء من موضوع السلاح، وبات واضحاً من مصادر ديبلوماسية أميركية، بأن ما هو مطروح اليوم نزع سلاح “الحزب” من قبل الدولة اللبنانية سلمياً أو بالقوة، وإلا سيمنح ترامب اسرائيل الضوء الأخضر لتوسيع الحرب بدلاً من عملياتها التي تجريها بالتقسيط.

ويوضح المراقب السياسي بأنه على الحكومة أن تواجه “الحزب” بثلاث خطوات: المكاشفة الرسمية على أعلى المستويات، لاسيما داخل مجلس الوزراء ومع قيادات “الحزب”، حول خطورة بقاء السلاح، مع استخدام المراقبة الشديدة لتجفيف عصب السلاح أي المال، ثم المراقبة اللصيقة لحركة مربعات السلاح من الجنوب إلى الضاحية والبقاع.

ولا شك في أن سلاح “الحزب” مرتبط بالصراع الاقليمي، وهو لا يزال يملك صواريخ بعيدة المدى واستراتيجية وقادرة على الوصول إلى العمق الاسرائيلي، ولن تفرّط ايران بجبهة متقدّمة لها على الحدود اللبنانية-الاسرائيلية، وتتطلع إلى استخدام هذه الصواريخ في حال تعرّضت لهجوم أميركي-اسرائيلي، وهذا يوشك على الحصول، وبالتالي لا يبدو أن لبنان سينتظر كثيراً نهاية ملف السلاح لأن التطوّرات الاقليمية تفرض نفسها.

وأخيراً، لن تجد أي دعوة لحوار داخلي حول سلاح “الحزب” أي قبول من الأحزاب السيادية اللبنانية مثل “القوات اللبنانية” و”الكتائب” اللذين لا يعتبران أنفسهما معنيان في مثل هذه الحوارات بل لتطبيق الدستور والقرارات الدولية، وحتماً العهد الجديد أمام امتحان صعب في وقت تضيق فيه الخيارات إلى حد كبير وسط ضغط دولي شديد.

لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا