الصحافة

“تشويش” مسيحيّ على حوار الرّئاسة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قدّم رئيس الجمهورية جوزف عون في الأيّام الماضية دفعة متقدّمة من المواقف التي تشير إلى تكريس مسار، لا سابق له، يجعل من سلاح “الحزب” مادّة تفاوض جدّيّ، بقبول الطرفين، ومن دون إشكالات تواكب سحب السلاح جنوب الليطاني وشماله. مع ذلك، عكست تصريحات بعض القادة المسيحيين، أو ممثّلين عنهم، تشويشاً على مقاربة الرئاسة الأولى لمسألة الحوار في شأن السلاح، وتجاوزت بـ”مزايداتها” حتّى الضغوط الدولية التي قدّمت الإصلاحات على السلاح.

في تصريحاته الأخيرة، ومنها تلك التي أدلى بها إلى محطّة “الجزيرة” عشيّة زيارته لقطر، كشف رئيس الجمهوريّة معطيات عدّة ستبقى خاضعة للاختبار العمليّ على الأرض، قبل إنجاز “المهمّة الكبيرة” التي تطلبها الدولة من “الحزب”، وهي تسليم سلاحه بـ”الحوار”:

– للمرّة الأولى يصدر تصريح رسمي، من أعلى مستوى رئاسي، بإبداء “الحزب” “مرونة وليونة” في ما يتعلّق بتفكيك الجيش أنفاقاً وقواعد سلاح ومخازن أسلحة شمال الليطاني (وليس فقط جنوبه)، ثمّ مصادرتها، مؤكّداً أنّه ليست كلّ المواقع التي “يُنظّفها” الجيش من السلاح، يتمركز فيها بالضرورة، قائلاً: “مهمّة الجيش مسهّلة. حتى في بعض المراكز شمال الليطاني لم يعترض “الحزب”، وهذا مؤشّر إيجابي وليونة”، كاشفاً أنّ جزءاً من هذه العمليات حصل فعلاً في الهرمل والنبيّ شيت والجيّة.

– كرّر الرئيس عون مجدّداً براءة “الحزب” من إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل، متحدّثاً عن “بصمات” لا يزال يُعمَل عليها لمعرفة أصحابها، و”لدينا طرف خيط بس بدّها وقت”، ضمن تعاون أمنيّ بين الجيش والأمن العامّ. ذهب عون أبعد من ذلك بالتأكيد أنّ “الحزب واعٍ لمصلحة البلد، ونراهن على وعيه”.

– لا مهلة زمنيّة للحوار مع “الحزب” في شأن سلاحه “الذي نريده برواق وحكمة وبعيداً عن القوّة”، لكن نريده بأسرع وقت “بسبب الاستحقاقات التي تنتظر لبنان”. الأهمّ أنّ الرئيس عون جزم حصول تبادل رسائل بين الرئاسة الأولى و”الحزب” “على أن ينتهي الأمر بجلسة “وجهاً لوجه”، إذا أمكن، حين تصبح الأمور في خواتيمها”.

ضمانات

تفيد المعلومات بأنّه “لا سياق رسميّاً حتّى الآن لتبادل الرسائل مختلف عن سياق التفاوض والتنسيق المعتاد الذي كان سائداً بين الطرفين، حين كان عون قائداً للجيش، فالعميد أندريه رحّال هو الجهة المكلّفة من  الرئيس عون بهذا الملفّ، ومن يحاوره من جانب “الحزب” على تماسّ مباشر مع القيادة الحزبية ومركز أخذ القرار. لكنّ تبادل الرسائل بدأ فعلاً بين الطرفين في ما يتعلّق بالسلاح، و”الضمانات” المُعطاة من “الحزب” ولـ”الحزب” تشكّل جزءاً أساسيّاً من هذا الحوار، لا سيّما أنّ إسرائيل لا تزال تحتلّ مواقع حدودية وتستبيح الأجواء اللبنانية وتنفّذ الاغتيالات. وأمس، تحديداً، تعرّضت ميس الجبل لإطلاق نار مباشر على المنازل، واستهدفت القوّات الإسرائيلية بصواريخ موجّهة مركبة في عيترون”، مستهدفة ما زعمت أنّه عنصر من “الحزب”.

كما تفيد المعلومات بأنّ الضمانات التي بدأ “الحزب” يتحدّث عنها لها أوجه سياسية وأمنية وإجتماعية تطال بيئته وكافة مؤسساته، وصولاً إلى ملف إعادة الإعمار. في المقابل، يواظب الرئيس عون على الضغط على الجانب الاميركي للضغط بدوره على إسرائيل للإنسحاب، ما يمكن أن يُسهّل كثيراً مسار الحوار مع “الحزب”. وأمس كان لافتاً إشارة عون إلى إمكان إلتحاق عناصر الحزب بالجيش، والخضوع لدورات استيعاب على غرار ما حصل مع الأحزاب بعد الحرب الأهلية.

 

حوار مكّوكيّ

وفق المعطيات، يمكن التسليم بأنّ تبادل الرسائل والحوار “المكّوكيّ” بين القيادتين، الرئاسية والحزبية، سيأخذان وقتاً طويلاً وسيكونان مرتبطين بشكل وثيق بالتزامات وضمانات متبادلة لا يمكن أن تكون منفصلة عن واقعين أساسيَّين:

– واقع الاحتلال الإسرائيلي لأنّ قيادة “الحزب” لن تكون بوارد تقديم ورقة “بدء ورشة تسليم سلاحها”، والإسرائيلي محتلّ للمواقع التي سيطر عليها بعد الحرب، أو مواظب على اعتداءاته كما فعل منذ اليوم الأوّل لتطبيق قرار وقف إطلاق النار. أكثر من ذلك، يتحدّث “الحزب” عن “ضمانات” دولية بأن لا يتحوّل الجنوب إلى”غزّة ثانية” تبقي أهل الجنوب خارجه لسنوات، وربّما قد يواجهون واقع تهجيرهم الدائم عن قرى الحافة الأمامية بـ”سلاح” عدم توافر الأموال لإعادة الإعمار وإبقاء السيطرة الإسرائيلية على الجنوب.

– لن تكون ورقة تسليم السلاح منفصلة عن المفاوضات الإيرانية – الأميركية لأنّها إحدى أقوى أوراق طهران في المنطقة. وهذا مسار، بحدّ ذاته، يحتاج إلى مدّة زمنية طويلة كي تُترجَم نتائجه على أرض الواقع. ولا يمكن منذ الآن الجزم أنّ الاستراتيجية الدفاعية التي تحدّث عنها الرئيس عون، المنبثقة عن استراتيجية الأمن الوطني، ستكون أسيرة لهذا التفاهم “النووي”، أو يمكن أن يتمّ التفاهم عليها من خارج سياق التسوية الدولية.

تشويش مسيحيّ

في ظلّ هذا الكمّ من المعطيات الرئاسية المُستجدّة في ملفّ تسليم السلاح، وفيما يجزم الرئيس عون أنّ “الموفدين الدوليين، حسب ما لمسه شخصيّاً، يقدّمون مسألة الإصلاحات المالية والاقتصادية على السلاح”، لا تزال بعض الأحزاب المسيحية، تحديداً “القوّات اللبنانية”، تمارس ضغوطاً على “كبير المفاوضين”، أي رئيس الجمهورية، وتُظهِره مفاوضاً بأقلّ من السقف المطلوب.

حزب القوّات، بلسان رئيسه سمير جعجع، لا يعترف بمسألة الاستراتيجية الدفاعية، ولا يتوانى الأخير عن استخدام أسلوب السخرية بالقول: “يعني مش عارفين إذا سلاح الطيران يللي عنّا منخلّلي يروح على  بورما أو بولونيا. الشغلة محدودة، ومعروفة حدودنا، وبالتالي شو يعني استراتيجية أمن وطني”، معترفاً فقط بالقرارات الدولية 1559 و1701 وقرار وقف إطلاق النار، ومطالباً بوضع جدول زمنيّ أقصاه ستّة أشهر، لم يشِر إليه رئيس الجمهورية في كلّ تصريحاته.

الرئيس عون الذي يتحدّث عن مرونة من جانب “الحزب”، جنوب الليطاني وشماله، يقابله رئيس الجمهورية السابق، أمين الجميّل، بكلام عن “معلومات” لديه تفيد “باستمرار وجود خلايا لـ”الحزب” تختبئ في بعض الوديان، فيما “الحزب” يعلن صراحة بأنّه لن يسلّم سلاحه خارج الجنوب”، وهو الموقف الذي لم يصدر حتّى اللحظة عن قيادة “الحزب”.

ملاك عقيل -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا