تشغيل البوابات الإلكترونية للمطار بـ"التراضي"؟
رفض وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني توقيع عقد رضائي لتشغيل وصيانة البوابات الإلكترونية في مطار بيروت الدولي. وطلب من هيئة الشراء العام التحقّق من إمكان إجراء عقد كهذا مع شركة «بلاك دلتا» تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 46 من قانون الشراء العام، التي تجيز التعاقد بواسطة العقود الرضائية مع الجهات المعتبرة «عارضاً وحيداً للخدمة»، ولا سيما أن الخدمات المنصوص عنها في مشروع العقد تشمل خدمات التنظيف والحراسة التي يمكن لأي جهة تقديمها.
في شباط الماضي، أحالت المديرية العامة للطيران المدني طلب توقيع عقد رضائي غير مكتمل الأركان القانونية مع شركة «بلاك دلتا» لتشغيل وصيانة البوابات الإلكترونية إلى وزير الأشغال العامة والنقل. حينها، ردّ رسامني الطلب موجهاً أربعة أسئلة إلى المديرية العامة للطيران؛ أولاً، سأل عن سبب مخالفة المديرية العامة للطيران رأي ديوان المحاسبة، والقاضي بتسجيل الوكالات الحصرية في وزارة الاقتصاد لاعتماد العقد الرضائي مع مقدّم الخدمة.
ثانياً، طلب بيان أسباب رفع مشروع عقد الصيانة قبل تسليم المشروع في شباط من عام 2025، فيما العقد مرفوع ابتداءً من 15 كانون الأول 2025. ثالثاً، طلب معرفة السبب لعدم توقيع مصلحة صيانة الأجهزة في المديرية العامة للطيران على مشروع العقد.
رابعاً، سأل عن مدّة ضمان التجهيزات المقدمة على سبيل الهبة من الشرطة الفيدرالية الألمانية ومنظمة الهجرة الدولية، لا سيّما أنّ البوابات ركّبت من 8 أشهر، وبقي على مدّة الضمان 4 أشهر، وهي لم تشغّل حتى الآن، وتركها من دون تشغيل يؤدي إلى وقوع أعطال عليها، وفقاً لرسالة رسامني.
أجابت المديرية العامة للطيران المدني عن أسئلة رسامني. وأرفقت مع طلب توقيع العقد الرضائي إفادةً من دائرة الشركات في مصلحة التجارة في وزارة الاقتصاد، وتفيد بأنّ شركة «بلاك دلتا» هي «ممثل معتمد ومدرّب في لبنان لدعم وصيانة البوابات المثبتة في المطار، وهي الوحيدة المرخصة من شركة Magnetic Access الألمانية».
ما يعني أنّ المديرية العامة للطيران المدني أجازت لنفسها استخدام صيغة العقد الرضائي للتعاقد مع «بلاك دلتا». لكن هذا الجواب لم يقنع رسامني، فسأل هيئة الشراء العام عن «مدى قانونية تضمين العقد الرضائي تأمين فريق من العاملين لصيانة الأعمال المدنية، والزجاج الفاصل، والبلاط»، فضلاً عن «انطباق معايير الممثل الحصري على بلاك دلتا».
وحول عدم توقيع مصلحة صيانة الأجهزة، أعادت المديرية العامة للطيران المدني السبب إلى «إفادة المصلحة بعدم قدرتها على صيانة البوابات ومتابعة عملها على مدار الساعة». إذ لا يتوافر لدى المصلحة العدد الكافي من الفنيين للقيام بأعمال الصيانة. أما نظافة البوابات وأعمدة خطوط الانتظار والأحزمة والزجاج والبلاط، وجميع المنطقة الواقعة في قاعة المغادرين، فهي خارج صلاحية مصلحة صيانة الأجهزة، وفقاً لإفادة الطيران المدني.
ولكن ما هي المهمات المطلوبة من «بلاك داتا»، والتي ستكلّف الخزينة العامة مبلغ 349 ألف دولار سنوياً. بحسب مشروع العقد المقترح، تنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة بأن تقوم الشركة بـ«أعمال الصيانة التقنية على مدار الساعة، وتوفير تراخيص تشغيلية للبوابات». بمعنى آخر، هذا ثمن برامج إلكترونية.
كما يتضمن العقد أمراً مستغرباً إضافياً، إذ يطلب من الشركة تأمين 9 عمال نظافة للقاعة حيث البوابات. وتبلغ تكلفة هذا الجزء من العقد حوالى 292 ألف دولار، ما نسبته 84% من مجمل قيمة العقد.
وتنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة في العقد على تزويد «بلاك داتا» الدولة اللبنانية بقطع غيار خاص بالبوابات، وتبلغ تكلفة هذه القطع 57 ألف دولار سنوياً. أما طريقة الدفع التي ينص عليها الاتفاق الرضائي، فوزعت على 4 أشهر، وتلزم الدولة بالدفع كلّ 3 أشهر مبلغ 87 ألفاً و233 دولاراً.
وفي المقابل، تمّ تركيب 30 بوابة الكترونية في المطار، 4 منها على المدخلين الشرقي والغربي لقاعة المغادرين، و20 بوابة عند كونتوارات الأمن العام في القاعة نفسها، و6 بوابات على المداخل المؤدية إلى مناطق الصعود على متن الطائرات. كما حصل المطار بموجب الهبة على منصة قيادة وتحكم بالبوابات الإلكترونية، تمكِّن من مراقبة وإدارة عمل البوابات الثلاثين كلّها.
هيئة الشراء العام تسقط حجة الوكالة الحصرية
في ردّها على طلب وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني بإبداء الرأي في صحة العقد الرضائي مع شركة «بلاك دلتا»، ومدى اتساق أحكام مشروع العقد مع المادة 46 من قانون الشراء العام، رأت هيئة الشراء العام أنّ إثبات احتكار شركة لتقديم الخدمة، ما يسمح بالتعاقد معها وفقاً لصيغة العقد الرضائي، يقع على عاتق الجهة الشارية، أي وزارة الأشغال العامة والنقل، بحسب المادة 102 من قانون الشراء العام. فموجب إثبات توافر شروط الفقرة الثانية من المادة 46 هو على عاتق جهة التعاقد، وتقتصر مهمة هيئة الشراء العام على تأمين المساندة والإرشادات والتوضيحات للحالات العملية المعروضة أمامها.
ولفتت هيئة الشراء العام في ردّها أيضاً لعدم كفاية حجة حمل شركة لـ«وكالة حصرية» من الشركة الصانعة للتعاقد معها رضائياً، وهي الحجة المقدّمة من المديرية العامة للطيران المدني لإقناع رسامني. إذ يمكن لشركات أخرى أن تكون قادرة على تأمين الأعمال المطلوبة. كما أكّدت هيئة الشراء العام على «عدم وجود أي سند قانوني يسمح بالتعاقد رضائياً لتأمين أعمال النظافة، وصيانة الأعمال المدنية والزجاج الفاصل والبلاط».
فؤاد بزي-الأخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|