تيار جديد في السويداء.. هل يشق الدروز طريقهم نحو "الإدارة الذاتية"؟
أثار الإعلان في مدينة السويداء، معقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، عن تشكيل تجمع وطني سياسي بمظلة تنظيمية، تقديراتٍ متفاوتة لدى المحللين السياسيين، رأى فيها البعض خطوة أولى لتشكيل حكومة ادارة ذاتية للدروز، فيما قرأها آخرون مجرد تجديد موسمي لتعكير المرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة، بمحفّزات خارجية.
فقد شهد القصر الثقافي بمدينة السويداء، مؤتمرا حاشدا لشخصيات مدنية وفعاليات دينية واجتماعية من مختلف أرجاء المحافظة، تحظى بمباركة من الرئيس الروحي للطائفة الشيخ حكمت الهجري، والذي انتهى بالإعلان عن تشكيل “التجمع الوطني في السويداء”الذي وصف”مشروع الحلم".
وتضمنت شعارات التجمع مواقف سياسية معارضة للإدارة الجديدة في سوريا، شملت رفضهم لمؤتمر الحوار الوطني، والإعلان الدستوري المؤقت، وكذلك الحكومة السورية الحالية.
وكان لافتا تشكيل هيئة سياسية لـ "التجمع الوطني" يراد لها أن تكون مظلة تنظيمية بديلة للجان السابقة التي جرى حلها في مختلف قرى وبلدات المحافظة.
المحلل السياسي لطيف أبو نبوت، قرأ في هذه التشكيلة السياسية المعززة بتشكيلات مسلحة، ملامح "قيادة جديدة مؤهلة للمعارضة الدرزية، وفي توقيت انتقالي فائق الحساسية" حسب تعبيره.
وأشار إلى جملة من المستجدات على المشهد السوري تزامنت لتجعل توقيت تشكيل قيادة سياسية للمعارضة الدرزية مسألة غير عادية.
وفي تقدير المحلل أبو نبوت، أن قرار الإدارة الأمريكية بتقليص قواتها العسكرية في سوريا إلى النصف، هو من نوع القرارات التي تعيد رسم خريطة التوازنات في مختلف أنحاء سوريا وبالذات ما يتضمن كثافات عرقية ومذهبية طالما انتظرت أن تكون لها إدارات محلية ذات طابع كونفدرالي.
ويضيف في حديثه لـ "إرم نيوز "، أن تقليص القبضة العسكرية الأمريكية في سوريا يفتح شهية إسرائيل من جهة وتركيا من جهة أخرى، لتعزيز النفوذ على حساب الاستقرار الداخلي؛ ما يترك المجال للتكهن بتصعيد مبرمج في دعاوى الرعاية الإسرائيلية لطموحات الإدارة الذاتية الدرزية .
ويستذكر المحلل أبو نبوت، أن الاتفاق الذي أبرمته الحكومة السورية الانتقالية مع قوات سوريا الديمقراطية ( قسد) المتعلق بوحدة السلاح تحت مظلة الدولة، كان تضمّن ميزات ٍنوعية رأت فيها مرجعية الشيخ الهجري ما يشجعها على المطالبة بالمثل؛ وهو ما يبدو أنه أحد محفزات تشكيل " التجمع الوطني في السويداء" ليضمن التفاوض مع الدولة على خصوصية في سلاح الفصائل الدرزية لا تقل عن التي يطالب بها الأكراد وتنظيم قسد.
وفي مقابل هذه القراءة التي تصف تشكيل التيار السياسي الجديد في محافظة السويداء بأنه خطوة أولى لتصنيع حكومة إدارة ذاتية درزية، فإن المحلل السياسي إرحيّم النوباني، يقرأ المشهد في السويداء من زاوية ما يسميه "إعادة تشغيل الأسطوانة ذاتها بصوت مرتفع"،
وأكد أن مباركة المرجعية الدرزية لما تم الإعلان عنه من تنظيم سياسي جاء دون ترخيص، وأنه يندرج خارج القانون ولا يحظى بأي قيمة تنفيذية تحصّنه من الرفض الرسمي.
ويستذكر النوباني، أن المشهد السياسي والعسكري والديني في السويداء يخضع لتوزيعة تاريخية فيها من التنويع و كثافة العدد ما يجعل التأثير الحقيقي للشيخ حكمت الهجري محدودا، على أهميته.
فهناك أكثر من مرجع روحي واجتماعي يحظى بدعم وتأييد واحترام داخل طائفة الموحدين السوريين. فمشايخ العقل الرئيسين ثلاثة: حكمت الهجري، و حمود الحناوي، ويوسف جربوع، بالإضافة إلى وجوه تتزعم وتقود فصائل مسلحة تشكلت خلال سنوات النزاع، أبرزها الشيخ ليث البلعوس قائد "قوات الكرامة"، وهو نجل الشيخ وحيد البلعوس المعارض للنظام السوري ومؤسس قوات الكرامة الذي توفي في حادث سيارة عام 2015، وهناك أيضاً الشيخ سليمان عبد الباقي، قائد قوات "أحرار الجبل".
ويشير المحلل النوباني في حديثه مع "إرم نيوز" إلى أنه في مقابل المواقف المتتابعة التي اعتمدها الشيخ الهجري في رفض تسليم السلاح والانضواء لسلطة النظام الجديد في دمشق، فقد ظلت فصائل مسلحة رئيسية مثل "لواء الجبل" و"رجال الكرامة"، تعلن عن استعدادها "للاندماج ضمن جسم عسكري يشكل نواة لجيش وطني جديد".
ويخلص النوباني، الى القناعة بأن الإعلان عن تشكيل تجمع وطني سياسي بمظلة تنظيمية، أخذ حجما مضاعفا عن وزنه الحقيقي. فكل ما يتصل بالدروز يأخذ بالعادة حجما مضخما لوجود أطراف خارجية مستفيدة، حسب قوله.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|