لبنان يودّع البابا فرنسيس: صلاة مرافقة في حاريصا الجمعة وإضاءة شموع على شرفات المنازل
شبح نتنياهو بين ترامب وخامنئي
بات جليّاً ما في رأس بنيامين نتنياهو. لن يكتفي بازالة حركة "حماس"، ومعها قطاع غزة من الوجود، ولا دفع لبنان الى مأزق وجودي، ولا المرابطة عند أبواب دمشق، لكي يتوّج ملكاً على الشرق الأوسط، بل وعلى العالم، كما قال "يهوه". لا بد من ضرب ايران ولو بالقنبلة النووية، ما يزعزع عظام رجب طيب اردوغان الذي لا بد أن يتوجه حافياً، بل وعارياً، الى أورشليم. لنتصور مولانا الخليفة وهو يجثو باكياً عند حائط المبكى.
حتى الساعة لا يزال دونالد ترامب بحاجة الى خدماته الدموية، سواء كانت الخدمات التكتيكية أم الخدمات الاستراتيجية. من أجل ذلك زوده بتلك الكمية من القنابل النوعية، التي اذا استخدمت ستكون هناك هيروشيما ثانية، وربما هيروشيما ثالثة ورابعة في الشرق الأوسط. بعد ذلك يلقي الرئيس الأميركي برأسه في صندوق القمامة. ولكن من يعلم كيف يتمدد "اللوبي اليهودي" أخطبوطياً في مفاصل الدولة العميقة، لا بد أن يسأل "متى يلقي نتنياهو برأس ترامب من نافذة البيت الأبيض"؟
الضربة قبل أن يغادر بعد أشهر، قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا موقعه، وهو الذي زار "اسرائيل" حين كان شاباً، كما زارها 15 مرة في العامين الماضيين، ليبدي افتتانه بالأداء (المغولي أو الاسبارطي) "الاسرائيلي" ضد الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين واليمنيين. هكذا يلج الجنرالات الأميركيون التاريخ، عبر الخنادق أو عبر القبور.
بحسب "يديعوت أحرونوت"، كوريلا، وبالتنسيق مع مستشار الأمن القومي مايك والتز، قام بما يلزم للتمهيد للضربة المشتركة ضد ايران، لكن ترامب آثر الخيار الديبلوماسي خشية السقوط، مثلما سقط رؤساء آخرون في استراتيجية الوحول. الرجل الذي يريد الدخول الى التاريخ، ولو على ظهر الشيطان، لا يريد التزلج على أرصفة الجحيم.
من يدعم موقفه داخل فريقه، يعتبر أن آية الله خامنئي الذي وافق على اتفاق فيينا عام 2015 بتنازلات هامة، لا بد أن يكون مستعداً لتنازلات سياسية واستراتيجية أكثر أهمية. اذ مثلما يبحث دونالد ترامب فوق جثة الدمية الأميركية، أي فولوديمير زيلينسكي في أوكرانيا، للحصول على المعادن النادرة، يراهن على الأسواق النادرة في ايران تحت عباءة مرشد الجمهورية، والذي يدرك أن وضع بلاده الآن لم يعد قطعاً، بالقوة التي كانت عليها منذ 10 سنوات.
في نظر الفريق اياه أن القيادة الايرانية خسرت أوراقها الجيوسياسية. لبنان في قبضة مورغان أورتاغوس. سوريا موزعة بين أنقرة و"تل أبيب". غزة تحولت الى ركام، لتتكفل القاذفات الأميركية الهائلة بالتدمير المنهجي للترسانة الحوثية.
لا شك أن الايرانيين الذي جعلتهم الكوارث الأخيرة يدركون مدى الهوة التكنولوجية بينهم وبين الأميركيين (و"الاسرائيليين" بطبيعة الحال) يفضلون الضربة الديبلوماسية، أياً تكن نتائجها بالنسبة لـ "الحلم الايراني"، على الضربة العسكرية التي قد لا تكتفي بزعزعة النظام (وهو ايديولوجياً النظام المقدس)، وانما تقويضه، اذا أخذت بالاعتبار الضائقة الاقتصادية التي جعلت البلاد على حافة الاختناق.
على الصعيد الاقليمي، ثمة من كان يراهن على اجتثاث "الظاهرة الايرانية". أصحاب الرهان باتوا يرون أن المنطقة بدولها وأنظمتها، هي من الهشاشة السياسية والعسكرية، وحتى الهشاشة البنيوية، بحيث لا تستطيع أن تتحمل تداعيات أي حرب واسعة النطاق، ولا حتى الحرب الموضعية التي قد تمتد في هذا الاتجاه أو ذاك.
فلاديمير بوتين الذي وقّع الاثنين الفائت (21 نيسان) على اتفاقية الشراكة (لا التحالف) الاستراتيجية مع ايران، والتي تلحظ "تطوير التعاون العسكري"، نصح القيادة الايرانية باعتماد الحد الأقصى من البراغماتية في المسار التفاوضي مع الولايات المتحدة، على الأقل لتجاوز المرحلة الحالية، وهي المرحلة المجنونة على المستوى الأميركي وعلى المستوى "الاسرائيلي"، حتى في نظر مسؤولين ومحللين استراتيجيين ايرانيين.
الشرق الأوسط، وربما العالم كله في حالة من الارتجاج. المؤرخة اليهودية الأميركية آفيفا تشومسكي تطرح هذا السؤال على بنيامين نتنياهو "دونالد ترامب بقدراته وبصلاحياته الأمبراطورية يريد اعادة تشكيل العالم، وربما ما بعد العالم، فهل تعتقد أنه سيعطيك الفرصة لتغيير الشرق الأوسط وفق رؤيتك أنت لا وفق رؤيته" ؟ هي تعتبر أنه "كما العالم الآن في عنق الزجاجة، لا تستطيع "اسرائيل" الا أن تكون كذلك، الا اذا كان زعيم "الليكود" يرى في نفسه ذاك "الماشيح" الذي ينتظره "اليهود"، وبينهم أنا، التي لا ترى فيك سوى القاتل"...
في المشهد، شبح نتنياهو في الوقت الحاضر بين ترامب وخامينئي، داخل ردهة المفاوضات التي يفترض أن تنتهي خلال أسابيع، لا خلال أشهر أو سنوات، فهل يبادر رئيس الحكومة "الاسرائيلية"، اذا لاحظ أن الاثنين على وشك الاتفاق، تفجير الحرب ضد ايران، خصوصا ً وأن الجنرال كوريلا جاهز للتدخل بكل امكاناته، ووضع الرئيس الأميركي أمام الأمر الواقع ؟
"اسرائيليون" من النخبة يسألون "اذا كانت الحرب ضد غزة لم تنته بعد أكثر من عام ونصف، هل نحن قادرون على خوض حرب المائة عام ضد ايران"؟؟
نبيه البرجي-الديار
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|