عن تسليم سلاح حزب الله... السفير الإيراني: نلتزم بما يتفق عليه اللبنانيون
سوريا تتقبّل "دفتر الشروط" الأميركي: حاضرون لسلّة تنازلات
لم تكد دمشق ترسل ردّها على مطالب أميركية لتطبيع العلاقات، تبعتها زيارة عاجلة أجراها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى سوريا، والتقى خلالها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، حتى بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية، أو ما بقي من ممثّليها في هذا البلد، تتلمّس ضغوطاً متصاعدة. ضغوطٌ بلغت ذروتها مع اعتقال قياديَّيْن في «سرايا القدس» - الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» -، لا يزال الغموض يلفّ مصيرهما، تماماً كما يكتنف مصير بقية الفصائل، بما فيها حركة «حماس»، التي استعادت في الأشهر الأخيرة من عمر النظام السابق، حضوراً رمزياً بعد فترة قطيعة امتدّت نحو عقد من الزمن.
وتوحي المعطيات التي تصدر عن الإدارة السورية الجديدة بمساعٍ حثيثة للانفتاح على الولايات المتحدة، التي لا تزال تبدي تردّداً واضحاً حيال هذا الانفتاح، تخلّله تقديم قائمة من ثمانية شروط أولية هدفها «بناء الثقة»، تدور حول إبعاد المسلحين الأجانب عن المناصب القيادية، بما فيها الجيش السوري الناشئ، الذي اشترطت واشنطن أن يكون «جيشاً احترافياً» (بمعنى عدم وجود تجنيد إجباري)، إلى جانب فتح الباب أمام الولايات المتحدة للوصول إلى جميع منشآت السلاح الكيماوي والبرنامج الخاص به، وتشكيل لجنة للمفقودين الأميركيين بمن فيهم الصحافي آستون تايس.
وتضمّنت الشروط أيضاً طلب تفويض معلن للقوات الأميركية يسمح بتنفيذ عمليات «مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديداً للأمن القومي»، وإصدار السلطات السورية «إعلاناً رسمياً عاماً يحظر جميع الميليشيات الفلسطينية وأنشطتها السياسية في سوريا، وترحيل أعضائها بشكل يضمن طمأنة إسرائيل»، بالإضافة إلى «منع تموضع إيران وتصنيف كلّ من الحرس الثوري وحزب الله تنظيماً إرهابياً»، والالتزام العلني بالتعاون مع «التحالف الدولي» في محاربة «داعش».
وبحسب مصادر سورية، فإن السلطات قامت بالرد بشكل خطّي على قائمة الشروط الأميركية التي تسلّمها وزير الخارجية أسعد الشيباني، من نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي، ناتاشا فرانشيسكي، خلال لقاء بينهما في بروكسل في شهر آذار الماضي، من دون الإفصاح عن طبيعة الرد، وما جاء فيه. غير أن ما تبع الرد من تطورات يوحي بتقدّم كبير على الطريق الذي ترسمه واشنطن، والتي سمحت لوفد سوري بدخول أراضيها للمشاركة في فعاليتين: الأولى ترتبط باجتماعات «البنك الدولي» نهاية الشهر الحالي، والتي سيشارك فيها وزير المالية محمد يسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي محمد عبد القادر الحصرية - بعد أن تعهّدت السعودية بدفع مستحقات مالية متراكمة على سوريا تبلغ نحو 15 مليون دولار -؛ والثانية تتصل باجتماعات «مجلس الأمن» التي تنعقد في نيويورك الجمعة المقبل، ومن المقرّر أن يشارك فيها الشيباني، ويقوم برفع العلم السوري الجديد، قبل أن يجري لقاء مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن.
ووسط هذه التطورات، أعلنت «سرايا القدس»، في بيان، أن قوات الأمن السورية قامت باعتقال قيادييْن من صفوفها لأسباب مجهولة، في وقت لا تزال تلتزم فيه السلطات السورية الصمت حيال ذلك، وترفض الإدلاء بأي تصريح حول سبب اعتقال قياديَّي «الجهاد». ويتزامن هذا مع التضييق المستمر على ما تبقّى من نشاط حركات المقاومة الفلسطينية، والتي كانت تتخذ من سوريا مقراً لأنشطتها.
على أنه، وبموازاة الجانب السياسي المرتبط بالشروط الأميركية، ومساعي الشرع لتوسيع قنوات التواصل مع واشنطن، تكشف نظرة على تاريخ الرجل، الذي قاد «هيئة تحرير الشام» في إدلب، عن علاقة مرتبكة بحركات المقاومة بشكل عام، وتلك والتي نشطت في سوريا، على وجه الخصوص؛ إذ عزّت «تحرير الشام» بالشهيد إسماعيل هنية، وفي الوقت نفسه، عبّرت مراراً عن رفضها ما وصفتها بأنها «ارتباطات إيرانية» للرجل.
وعلى الصعيد الأيديولوجي، ظهرت بوضوح ملامح خلافات عميقة بين «الهيئة» و«جماعة الإخوان المسلمين» التي ترتبط بها «حماس»، الأمر الذي ساهم في تعقيد شكل العلاقة بينهما، خصوصاً بعد وصول الشرع إلى سدة الحكم في سوريا، وإعلانه الصريح «تحييد سوريا» عن الصراعات في المنطقة، بما فيها الصراع في فلسطين المحتلة.
وتأتي مساعي الشرع للانفتاح على واشنطن، مدفوعة بجهود متعدّدة الأطراف؛ إذ تلعب السعودية، التي تحاول تنسيق لقاء بينه وبين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، دوراً مهماً في سياق محاولات الرياض توسيع حضورها في الملف السوري. كما يساهم اللوبي السوري في الولايات المتحدة في عملية تعويم الإدارة السورية الجديدة، ومحاولة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي أدّى هو نفسه دوراً بارزاً في بلورتها. وفي هذا السياق، أعلن محمد علاء غانم، أحد أبرز الناشطين في اللوبي السوري، عن لقاء تمّ عقده مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، السناتور جيم ريش - الذي يُعتبر أحد أبرز الرافضين لرفع العقوبات -، وتمّ بنتيجته إقناع ريش بضرورة تعليق بعضها.
وكان نائبا الكونغرس الجمهوريان، كوري ميلز من ولاية فلوريدا، ومارلين ستاتزمان من ولاية إنديانا، زارا دمشق، الجمعة الماضي، برفقة عدد من أفراد الجالية السورية المقيمين في الولايات المتحدة، في زيارة وُصفت بأنها «مهمة لتقصّي الحقائق، وتخلّلها لقاء مع الشرع، من دون أن يتم الكشف عن تفاصيل المواضيع التي تمّت مناقشتها خلاله». غير أن ميلز وصف، في تصريحات لاحقة، الحوار مع الشرع بأنه «ملهم، ويساعد على فهم أوسع للأعداء المشتركين»، معلناً أنه سيطلع الرئيس دونالد ترامب على تفاصيل الزيارة إلى سوريا، والمواضيع التي تطرّقت إليها، بما فيها «الأمن القومي، وحلفاء سوريا، ووضع الحدود مع الجيران، بالإضافة إلى نقاش العلاقة بين سوريا وإسرائيل».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|