إستحقاق هام في أيار... على لبنان التخلي عن هذه الشركة والبحث في الخيارات الأخرى؟
لبنان في اجتماعات الربيع: التمويل مؤجل
لا تزال مستمرة فعاليات "اجتماعات الربيع" المشتركة بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بمشاركة أكثر من ستين دولة بينها لبنان الذي يشارك من خلال وفد رسمي مؤلف من 16 شخصية تقنية وسياسية، وان كان يحمل معه خطاباً موحداً نظرياً تحت عنوان إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد، والتوصّل إلى اتفاق نهائي للحصول على تمويل طال انتظاره بقيمة 3 مليارات دولار.
لكن خلف هذا العنوان الموحّد، تكمن تناقضات لبنانية مزمنة، ظهرت بوضوح في طبيعة تشكيل الوفد نفسه، وفي أهداف اللقاءات التي تعقد على هامش الاجتماعات الرسمية. الوفد الرسمي يترأسه ممثلةً لرئيس الحكومة نواف سلام لميا مبيّض ويضم وزيري المالية ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط، إضافة إلى حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ورؤساء لجان نيابية ومديرين عامين ومستشارين من مختلف المرجعيات السياسية، مع إشارة مصادر مالية إلى ان التباينات السياسية في تركيبة الوفد تؤكد عمق الانقسام اللبناني،حتى في القضايا المصيرية. هذا يُضعف من جدية أي خطاب تفاوضي موحد.
اللقاءات الأساسية تجري بعيداً عن الإعلام، على هامش اجتماعات بروتوكولية يغلب عليها الطابع التقني. فالمراهنة ليست على الطاولات الكبيرة، بل على الكواليس، حيث تتموضع القوى الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تمسك بزمام القرار داخل صندوق النقد. وفي مقال نشرته صحيفة ذا هيل، كتب ميغ لوندسيجر وإليزابيث شورتينو ومارك سوبل، إن صندوق النقد الدولي يوفر للولاياتِ المتحدة؛ أكبر مساهم فيه، نفوذاً اقتصادياً كبيراً بتكلفة ضئيلة للغاية.
ورغم محاولة الوفد تسويق نفسه كممثل لدولة أحرزت تقدماً على صعيد تنفيذ الشروط المسبقة، مثل تعديل قانون السرية المصرفية وإقرار مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف، واجتماع الهيئة العامة غدا لدراسة واقرار مشروع ققانون السرية المصرفية إلا أن علامات التشكيك كانت واضحة، أبرزها، امتناع مديرة الصندوق كريستالينا غورغاييفا عن لقاء الوفد، في إشارة قد تفسر على أنها رسالة سياسية مبطنة مفادها أن الوقت لم يحن بعد.
في المقابل، يحاول لبنان إظهار نفسه كدولة استجابت بسرعة لمطالب الصندوق، آملاً أن يكون هذا الالتزام مدخلاً للحصول على التمويل. لكن واقع الأزمة اللبنانية أكثر تعقيداً بكثير. فالشروط الهيكلية المطلوبة لم تُستكمل، خصوصاً في ما يتعلق بتوزيع الخسائر في القطاع المصرفي، ومعالجة الفجوة بين مصرف لبنان والمصارف والمودعين. وحتى الوقائع والمعطيات التي بني عليها اتفاق نيسان 2022 مع الصندوق لم تعد صالحة في ظل تغيّر هذه المعطيات الاقتصادية الجديدة، على وقع الازمات السياسية والامنية التي لا يزال يعاني منها لبنان وارخت بظلالها على المستوى الاقتصادي والمالي.
وبينما يوقع وزير المال غدا الخميس مع رئيس منطقة الشرق الأوسط في «البنك الدولي»، جان كريستوف كاريه، على اتفاقية القرض الذي سيقدمه البنك بقيمة 250 مليون دولار أميركي والذي سيوظف لمعالجة موضوع الكهرباء لا سيما شبكات النقل، يأمل لبنان الرسمي بأن يحصل على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد،على ان يكون هذا القرض بوابة لجذب دعم إضافي بقيمة قد تصل إلى 12 مليار دولار، لكن الواقع أصعب، يققول خبير مالي فالمشاكل الجوهرية كأزمة المصارف وتوزيع الخسائر ما زالت بلا حل، مع ترجيحه أن توقيع الصندوق لبرنامج تمويلي مع لبنان سيكون ربطاُ بإقرار كل المشاريع الاصلاحية المطلوبة في مجلس النواب ربطا بمشروع قانون لمعالجة الفجوة المالية والذي يسمح بإعادة التوازن في النظام المالي والذي ستعده الحكومة قريباً.
الأكيد أن لبنان في موقع المتلقي للشروط. يبحث مسؤولوه عن تمويل أولي يأمل أن يفتح باب التمويلات الأخرى، لكنهم يدركون في قرارة نفسهم أن ما يطلبه صندوق النقد أكبر من مجرد تعديل قوانين أو تحسين أرقام، فالمطلوب هو إعادة هيكلة سياسية – اقتصادية عميقة، لن تتحقق عبر اتفاق تقني محدود بتمويل لا يتجاوز 3 مليارات دولار، إنما من خلال إعادة بناء الدولة ومؤسساتها بشكل يضمن الشفافية والمحاسبة، مع الاشارة إلى أن حزب الله المتهم من قبل الجهات الدولية بأنه المستفيد الأول من "اقتصاد الكاش"، أكد مراراً أنه جاهز للدفع باتجاه الإصلاحات والتعافي المالي والاقتصادي وحماية أموال المودعين وإعادة بناء المؤسسات.
ويبقى السؤال: هل سيعود الوفد اللبناني بأي التزامات جدية، أم سيكون مجرد حلقة جديدة في سلسلة المراوحة السياسية والمالية؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|