الصحافة

"اختراعات" وأكاذيب كبيرة ضمن عالم أصغر من "حبّة فستق" فمن يسقط في فخّها؟؟؟...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تُثبت اليوميات المحلية والإقليمية والعالمية أننا نعيش ليس فقط في عالم من الأوهام والأكاذيب، بل ضمن عالم حوّل الأوهام والكذب الى استثمار ناجح، ومبادىء.

ورغم ذلك، يبقى للإنسان قدرة على التمييز، هذا طبعاً إن اختار عدم الاسترسال بالاتكال على كل ما يقدَّم له على مختلف منصات التواصل والإعلام.

غير صحيحة

تروج منذ أيام، مضامين تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، يشير الى أن الإقبال غير المسبوق على "شوكولا دبي" تسبّب بأزمة عالمية في إمدادات الفستق، وهو ما فاقم النّقص العالمي بهذا النوع من المكسرات، ودفع بأسعاره إلى مستويات مرتفعة من 7.65 دولارات للرطل، الى نحو 10.30 دولارات الآن. هذا بالإضافة الى أن سوق الفستق يمرّ بحالة شحّ في الإمدادات حالياً.

مع احترامنا لرغبة البعض بإثارة ضجة حول منتجاته ربما، بهدف إعادة استنهاض أو استدامة نِسَب مبيعاته وأرباحه، وتسخير بعض التقارير لتحقيق هذا الهدف. ومع احترامنا الشديد لـ "فايننشال تايمز"، ولكل أنواع التقارير، ولكل وسائل الإعلام، إلا أن المعطيات السابق ذكرها عن أسباب ارتفاع أسعار الفستق والمشاكل في إمداداته غير صحيحة، ولا علاقة لها بـ "شوكولا دبي".

"غشّ صناعي"

فأطفال هذا العالم قبل كباره، يعلمون جيّداً أن كل المنتجات والسّلع حول العالم تخضع لأساليب متعددة من "الغشّ الصناعي" المُتَّفَق عليه عالمياً وفق معايير معيّنة، والتي تُعتبر شرعية. وبالتالي، فإن الكريمة الخضراء التي تحويها ألواح "شوكولا دبي" (وغيرها من ألواح الشوكولا الشبيهة بها) ليست مؤلَّفَة من الفستق بنسبة 100 في المئة. والنسبة الحقيقية لكمية الفستق فيها قد لا تتجاوز الـ 25 في المئة بأحسن الأحوال، فيما يتمّ تعزيز طعم ولون حشو الفستف بألوان ونكهات اصطناعية، بموازاة استبدال "كسر الفستق" إما بأنواع من الحبوب منخفضة الجودة، يتم بيعها لمصانع الصناعات الغذائية بأسعار مُخفَّضَة، قبل أن تقوم تلك الأخيرة بتلوينها وتحويل نكهاتها الى الفستق... ضمن آلية صناعية معيّنة، أو (استبدال "كسر الفستق") بأنواع من "المقرمشات" المُصنَّعَة على شكل الفستق، والملوَّنَة بلونه، مع تعزيز طعمه (الفستق) فيها صناعياً، أو (استبدال "كسر الفستق") بنكهات وألوان مُعزَّزَة فقط، من دون استخدام أي نوع من الحبوب أو "المقرمشات".

أغلى الأسعار

وهذه الأساليب معروفة في كل البلدان، وهي مُعتَمَدَة من جانب إدارات حتى أكبر أنواع المصانع العالمية، وأشهرها، وتلك التي تبيع منتجاتها بأغلى الأسعار. وبالتالي، لم يَكُن هناك حاجة للضحك على الناس بتبرير أسباب شحّ الإمدادات وارتفاع أسعار الفستق، بالاستناد الى سبب غير صحيح. طبعاً، مع احترامنا الشديد لـ "فايننشال تايمز"، ولكل وسائل الإعلام التي نشرت تقريرها.

"ذمة وضمير"...

أمر آخر أيضاً، وهو أنه لا يمكن المرور الى جانب هذا التقرير نفسه، وكأن ما ذُكِرَ فيه لا يطرح مجموعة من الأمور يُفتَرَض بها أن تُخرِج ولو بعض أنواع الاختصاصيين والخبراء عن صمتهم.

وهنا نتحدث عن اختصاصيين وخبراء في عالم المال والاقتصاد أصحاب "ذمة وضمير"، لا يعملون في السياسة، ولا يُستخدَمون لتسويق اقتصادي ومالي يخدم سياسات، أو مشاريع كبرى.

فمثل هؤلاء، يمكنهم أن يتحدثوا من مُنطَلَق علمي لا "مصلحي"، وأن يعترفوا بحقيقة أن الابتكار، والاقتصاد، والمال، والأعمال، والبرامج الاقتصادية، والقروض، والإصلاحات... هي في خدمة الإنسان، ويجب أن تكون بخدمة الإنسان، وأنها عندما لا تعود بتلك الحالة، يجب التخلي عنها حالاً وسريعاً. فلا قيمة لأي ابتكار، ولا لأي إصلاح، ولا لأي اقتصاد سليم... من أجل الأرقام، ولا من أجل خزينة بلد، ولا لزيادة كتلة المتموّلين فيه... لـ "الزينة"، بموازاة الإبقاء على شعبه ميتاً. وهذه من أبسط بديهيات أي علم. فالعلم الصحيح هو ذاك الذي يكون لتطوير الإنسان وتحسين أحواله وحياته، وليس ذاك الذي يقبع على صفحات الكتب والدراسات والأبحاث.

الإصلاحات

وفي هذا الإطار، إذا أخذنا في الاعتبار أن "شوكولا دبي" كان ابتكاراً (بحسب بعض التقارير)، مع دمج ذلك بنتيجة أنه تسبّب بأزمة في أسعار وإمدادات الفستق، فهذا يعني أنه يجب وضع هذا "الابتكار" على طاولة بحث معيّن، يُحسّن ويعدّل ويغيّر ويُصلِح... للمستقبل، بشكل ينسجم مع عدم التسبّب بـ "قطع رزق" من يعتاشون من صناعة وتسويق وبيع... هذا المُنتَج، وذلك من دون أن تتسبّب لقمة عيشهم وأرباحهم بالأذى للمستهلك العالمي منخفض ومتوسط الدخل، والذي يحقّ له بالحصول على حصصه السنوية من الفستق بأسعار معقولة.

فالإصلاحات مسألة ضرورية في كل شيء، وفي الاقتصادات والابتكارات الشرعية والكبرى، انسجاماً مع مصلحة الإنسان في هذا العالم. فلا يمكن لـ "شوكولا دبي" أن يكون هدفاً بحدّ ذاته على حساب الإنسان، أي إنسان. هذا مع العلم أن هذا المُنتَج ليس "صديقاً" للفستق بنسبة 100 في المئة. وبالتالي، لا ضرورة لتسويقه بهذا الشكل، ولا لتبرير "اختراع" أزمة فستق عالمية بهذه الطريقة، وبما يحرم أضعف وأفقر الشرائح الاجتماعية العالمية من تناول هذا النوع من المكسرات.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا