الصحافة

نزع السلاح ثم نزع الأرواح

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لبنان تحت الغيوم السوداء، بين الغيوم السوداء. مورغان أورتاغوس تطل علينا هذه المرة بصولجان داود، لا بنجمة داود، ولا باصبع داود (وهو اصبع يهوذا)، "لا اعمار دون نزع السلاح". ما بعد نزع السلاح مجازر صبرا وشاتيلا أم مجازر الساحل السوري؟ انه نزع الأرواح. مثلما باتت دبابات ايال زامير على أبواب دمشق، لا بد أن نراها على أبواب بيروت.

"اسرائيل" تعرف من هو أحمد الشرع، لا تزال تدعوه بالرغم من ربطات العنق الزاهية، "أبو محمد الجولاني" الذي لم يطلق، ولن يطلق يوماً رصاصة ضدها. لكنها تستخدم ماضيه (فقط ماضيه؟) الارهابي من أجل تفكيك سوريا، بحيث لا يعود "الحاخامات" يحذرون في صلواتهم من "ذئاب الشمال"، لنعود ونذكّر المرة تلو المرة، بما ورد في سفر اشعيا "وتزول دمشق من بين المدن، وتصبح ركاماً من الأنقاض"، وبما ورد في المزمور 29 "صوت الرب عظيم القوة، صوت الرب يكسر الأرز، يكسر الرب أرز لبنان، يجعل لبنان يقفز كالعجل"....

لسنا في الزمن الأميركي فحسب. في الزمن "الاسرائيلي". وزير خارجيتنا (أجل وزير خارجية لبنان) يستدعي السفير الايراني مجتبى أماني لأنه رأى، عبر منصة "اكس"، ان "مشروع نزع السلاح مؤامرة واضحة... في الوقت الذي تزود فيه الولايات المتحدة الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة"، ليضيف "لمجرد أن تستسلم تلك الدول لمطالب نزع السلاح، تصبح عرضة للهجوم وللاجتياح، كما حصل في العراق وليبيا وسوريا".

في النص الذي قرأناه، لا ذكر للبنان. ولكن يفترض بالديبلوماسية اللبنانية في عهد صاحب المعالي، أن تعرض عضلاتها (عضلات الدجاجة أمام المبعوثين الأميركيين) أمام السفير الايراني الذي ـ شخصياً ـ لم أكن أعرف اسمه، لنسأل الوزير اذا كان قد تابع تصريحات مورغان أورتاغوس، حتى من القصر الجمهوري، وكلامها بحق قامة سياسية لبنانية مثل وليد جنبلاط. هذا ليس انتهاكاً صارخاً ومهيناً، للحد الأدنى من مقتضيات السيادة، مع رفضنا القاطع لأي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة كانت.

هي المهزلة، أم هي الفجيعة أو الفضيحة، حين تطرق الأقدام "الاسرائيلية" حتى غرف نومنا. تغتال من تغتال، تدمر من تدمر، دون أن تصل الينا كلمة تنديد من وزارة الخارجية، وهي التي تعلم أنه بعد الحرب الأخيرة لم تطلق رصاصة واحدة ضد الجليل، الا اذا كانت الصواريخ المشبوهة، وعلة منصات خشبية، التي تطلق فقط من أجل عيني بنيامين نتنياهو. ابقاؤنا هكذا على صفيح ساخن، بل على كومة الحطب، وراءه غايات وغايات.

نعلم أننا في اسوأ أحوالنا، مع ثقتنا الكاملة بشخصية رئيس الجمهورية، وبمواقفه العقلانية، وهو الذي يعلم ما في رؤوس الذئاب، لنقول لمعالي الوزير ليتك قرأت ما قاله يهوشوا ساغي، رئيس الاستخبارات العسكرية في هيئة الأركان "الاسرائيلية" ابان اجتياح عام 1982، في وصفه للساسة اللبنانيين الذين نثروا الورود على دبابات آرييل شارون.

أيضاً، ليته قرأ ما قاله زئيف جابوتنسكي، وما ورد في مراسلات دافيد بم غوريون وموشي شاريت، كما وصف شارون للبنان بـ"الخطأ التاريخي"، وكنت أول من نقل عن هنري كيسنجر، وصفه لبنان عبر مجلة "باري ماتش" الفرنسية بـ "الفائض الجغرافي".

اليوم لا اعمار دون نزع السلاح. غداً لا اعمار دون ترحيل حملة هذا السلاح (من حزب الله تحديداً دون أي سلاح آخر). بعد غد لا اعمار دون التطبيع، اذ عرفنا من هو الرجل الذي في البيت الأبيض، والذي يحاصر حتى جامعة هارفارد بسبب وجود أصوات منددة بفجيعة القرن في غزة، لا اعمار. على كل حال، لو كانت "اسرائيل" تقبل بذلك، لما أزالت عشرات البلدات من الوجود من أجل تكريس المنطقة العازلة التي لا ندري، حتى الآن، ماذا كانت تقتصر على ذلك الشريط أم تمتد الى الأبعد بكثير.

معلق "اسرائيلي" هددنا على احدى الشاشات، لن يكون هناك رئيس للجمهورية، ولا رئيس للحكومة (ضمناً لا لبنان) اذا لم تتحول الجمهورية الى ضاحية، أو قهرمانة للهيكل. مسعد بولس، رجلنا داخل العائلة الرئاسية، بل وداخل الفريق الرئاسي وان بوظيفة فخرية "كبير المستشارين في شؤون الشرق الأوسط"، اختزل موقف دونالد ترامب بـ 10 كلمات "أميركا ترى في وقف النار اتفاقاً تاريخياً ينهي حزب الله".

اذاً، المسألة لا تنحصر فقط في نزع سلاح الحزب، وانما تتوخى ازالته. كيف ؟ هكذا يستبقى الباب مشرعاً على مصراعيه أمام قاذفات بنيامين نتنياهو ودباباته، وأمام سواطير أحمد الشرع و"بيكاباته" التي لاحظنا كيف تستخدم اساليب القبائل القديمة في الانقضاض على الأعداء. هل حقاً أن الرئيس السوري الانتقالي أبلغ من يعنيهم الأمر بأنه ينتظر ساعة الثأر من حزب الله، بعدما أرغم تلك الفصائل على الخروج من السفوح الشرقية؟ على كل أحد النواب اللبنانيين هدد الحزب وأمام الملأ، بكل من الشرع ونتنياهو.

هكذا لا يتم فقط اجتثاث المقاومة من لبنان، بل واجتثاث الدولة في لبنان ايديولوجياً واستراتيجياً، هذا حلم الأشقاء في الشمال، والأعداء في الجنوب. ولكن أليس هناك من يدعونا الى انتظار الدخان الأبيض من مسقط أو من روما. من يستطيع التكهن بألاً يكون الدخان الأسود. طوابير نحن، ونقف على خيوط العنكبوت!!

نبيه البرجي-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا