لماذا توقفت الغارات على سوريا وتستمرّ على لبنان؟
تواصل “إسرائيل” شن غاراتها على الأراضي اللبنانية بينما أوقفت مثيلاتها على الأراضي السورية، بعد مجموعة غارات كان آخرها قبل ثلاثة أسابيع، كانت آخرها في 3-4-2025 في منطقة الكسوة جنوب دمشق، وسبقتها غارات مكثفة في 25-3-2025 طالت مواقع مفترضة لإنشاء قواعد تركية في سورية في حماه وحمص وتدمر، ترافقت مع إنذار علني من تل أبيب لأنقرة، أعقبها تفاوض إسرائيلي تركي في أذربيجان، في 10 نيسان الحالي، نتجت عنه مواقف إسرائيلية وتركية تؤكد عدم رغبة الطرفين بالدخول في مواجهة عسكرية، وترجم ذلك بتصريحات تركية سجلت تراجعاً عن معاهدة دفاع مشترك مع سورية، وعن إنشاء قواعد عسكرية ورادارات وبناء شبكة دفاع جوي في سورية، وعن بناء جيش عصري مقاتل حديث مزوّد بأحدث ما في الترسانة التركية، لصالح الاكتفاء بالإعلان عن الاستعداد لتدريب قوات الحكومة السورية من جهة، والحرص على تنظيم قواعد عدم اشتباك بين الجيشين التركي والإسرائيلي في سورية من جهة مقابلة.
– على ضفة موازية غير بعيدة كانت حكومة دمشق تردّ على رسالة الشروط الأميركية التي تضمنت بين بنودها أولوية مراعاة المصالح الإسرائيلية في أداء الحكومة السورية، وجاء الجواب الذي نشرته وكالة رويترز يقول إن الحكومة السورية تلتزم بعدم السماح بإلحاق الأذى بالأمن الإسرائيلي من الأراضي السورية، ومراقبة أي نشاط فلسطيني في سورية، وأعقب ذلك إعلان حركة الجهاد الإسلامي عن اعتقال دمشق لاثنين من قيادييها، وإحكام الحكومة سيطرتها على اللواء الثامن في درعا لضمان تعهدها بعدم تعرّض القوات الإسرائيلية لأي مواجهة، وما نقلته الصحف الإسرائيلية عن تسليم تركي سوري باحترام إقامة “إسرائيل” لمنطقة أمنية جنوب سورية والتعهد ببقائها منزوعة السلاح، كما تريدها “إسرائيل”.
– هذه الوقائع تقول إن “إسرائيل” حصلت على ما تريد في سورية، وإنها حصلت على شرعنة انتهاك للسيادة السورية، سواء بالصمت عن إعلان ضمّ الجولان المحتل، أو بإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح جنوب سورية، وصولاً إلى مراقبة التعهدات التركية والسورية بعدم إقامة قواعد تركية أو عدم قيام جيش حقيقي في سورية، وملاحقة أي تهديد محتمل لـ”إسرائيل” على الأراضي السورية. وهذا النموذج الذي تسعى “إسرائيل” الى تعميمه على لبنان، بتحويل جنوب الليطاني الى منطقة عازلة منزوعة السلاح أسوة بجنوب سورية، تدخل إليه وتخرج منه وقتما تشاء وحسب ما تشاء، ودولة تضمن أمنها بملاحقة كل من يفكر بمقاومتها، والتعهد بعدم إثارة مستقبل المناطق المحتلة، والتعهد بالامتناع عن التفكير ببناء جيش حقيقي يملك مقدرات تتيح له الدفاع عن لبنان. ولعل هذه الأهداف كافية لتفسير مواصلة الغارات الإسرائيلية؟
– في سورية درس مزدوج للبنان، الوجه الأول فيه أن ما قامت به “إسرائيل” لأربعة شهور من عدوان مستمر على سورية، لم يكن بسبب وجود مقاومة وسلاح مقاومة، وجاء رغم الهدايا المجانية التي حصلت عليها “إسرائيل” بإخراج إيران وقوى المقاومة من سورية، وقطع طرق إمدادها عبر سورية، ورغم ذلك توغل جيش الاحتلال في العمق السوري واستهدف بالاعتداءات ما هو أعمق وصولاً الى حلب وقام بتدمير كل قدرات الجيش السوري التي بناها النظام السابق وصارت في عهدة الحكومة الجديدة. وهذا يعني بوضوح أن لدى “إسرائيل” أهدافاً لا تتصل بوجود المقاومة أو عدم وجودها، ووجود السلاح أو عدم وجوده، والضغط لإنهاء المقاومة ونزع السلاح في لبنان ليس لأنه هدف بذاته، بل لكونه عقبة امام تحقيق الأهداف الإسرائيلية.
– الوجه الثاني للدرس السوري للبنان واللبنانيين، هو طبيعة جدول الأعمال الذي يجب أن يفهموا أنه مضمون الأهداف الإسرائيلية، بدءاً من السيطرة على جنوب الليطاني، سواء بوجود الجيش اللبناني أو بدونه، لأن مفهوم السيطرة هو حق الدخول والخروج دون ضوابط ودون اعتراض، والتخلي عن المطالبة بالمناطق اللبنانية المحتلة، وعدم بناء جيش قوي يحمي ويدافع، وملاحقة أي تشكيل مقاوم لبناني أو فلسطيني او اي شخصيات تعتبرها “إسرائيل” مصدر خطر على أمنها، وإذا كان لبنان ليس جاهزاً للسير باتفاق علني وسياسي بهذا المضمون، فلا مانع بتعهدات مكتوبة عبر رسالة تشبه الرسالة السورية الى الحكومة الأميركية.
ناصر قنديل - البناء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|