الصحافة

السويداء تنتصر لسوريّتها: إسرائيل تُغير على جنبلاط

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لماذا أغارت إسرائيل على سوريا بعد استقبال الرّئيس أحمد الشّرع النّائب السّابق وليد جنبلاط؟ وكيف أحبطَ جنبلاط المُخطّط الإسرائيليّ الرّامي إلى إيجاد دويلة درزيّة في الجنوب السّوريّ؟

تسابقَ الرّئيس السّابق للحزبِ التّقدّميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط مع المروحيّات الإسرائيليّة التي كانت تُنزِل السّلاح في السّويداء لصبّ الزّيت على نارِ الاشتباكات التي اندلعَت بين مجموعات مُسلّحة ومجموعاتٍ درزيّة. يعرفُ جنبلاط أنّ إسرائيل لم ترفعَ شعار “الدّفاع عن الدّروز” حبّاً بأبناء طائفتهِ، بل تطبيقاً لحلف الأقليّات الذي أعلنَه وزير خارجيّتها جدعون ساعِر أواخر شهر تشرين الثّاني الماضي، وكرّره بعد سقوط نظام بشّار الأسد في كانون الأوّل.

جنبلاط يستشعر خطر إسرائيل

استشعرَ جنبلاط الخطر الرّامي إلى زجّ دروز سوريا ليكونوا وقوداً لمُحرّكات المشروع الإسرائيليّ، وتوجّه إلى العاصمة السّوريّة للقاء الرّئيس أحمد الشّرع. الجهود التي بذلها جنبلاط في قصر الشّعب كان يُعزّزها على الأرض حراكٌ قامَ به قائد مجموعة رجال الكرامة الشّيخ ليث وحيد البلعوس، ومشيخة العقل في لبنان بشخص الشّيخ سامي أبي المُنى وشيخ العقل في سوريا يوسف جربوع والشّيخ حمّود الحنّاوي.

وحده الشّيخ حكمت الهجري كان يُغرّدُ وحيداً قبل أن ينضمّ إلى الاتّفاق الذي أُعلِنَ ليل السّبت – الأحد، وينصّ على الآتي:

– تفعيل قوى الأمن الداخلي (الشرطة) من أفراد سلك الأمن الداخلي سابقاً، وتفعيل الضابطة العدلية من كوادر أبناء محافظة السويداء حصراً، وبشكل فوريّ.

– رفع الحصار عن مناطق السويداء، جرمانا، صحنايا وأشرفية صحنايا، وإعادة الحياة إلى طبيعتها فوراً.

– تأمين طريق دمشق – السويداء وضمان سلامته وأمنه وجعله تحت مسؤوليّة السلطة بشكل فوري.

– وقف النار في جميع المناطق.

– يُعتبر أيّ إعلان يخالف هذه البنود أو يتجاوزها إعلاناً أحاديّ الجانب.

يُدركُ زعيم البيت الجنبلاطيّ أنّ مُخطّط إسرائيل لدروز سوريا لن يبقى هُناك. فرابطُ التّاريخ والجغرافيا بين دروز الجنوب السّوريّ ودروز الجولان وحاصبيا وراشيا ووادي التّيم يُحتّم انتقال النّيران إلى لبنان. ويُدركُ حساسيّة موقف الدّروز إذا ما انجرّوا خلف المشروع الذي يقوده شيخ العقل في إسرائيل موفّق طريف.

الصّدام الذي يريدُ جنبلاط إبعاد الدّروز عنه ليسَ إشكالاً عابراً. فالدّيمغرافيا السّوريّة كفيلةٌ بحماية حكم السّنّة في سوريا، وضربِ أيّ حراكٍ أقلّويّ، أكانَ في السّاحل أو في الشّرق أو في الجنوب.

غارات على جنبلاط…

شاركَت إسرائيل بشكلٍ خجولٍ في استهدافِ المجموعات التي كانت تشتبك مع المُسلّحين الدّروز في أشرفيّة صحنايا، فقامت مع وصول الاشتباكات إلى ذروتها بشنّ غارة خجولةٍ بطائرة من دون طيّار على مبنىً خالٍ في محيط أشرفيّة صحنايا. وذلكَ بعدما قامَ دروز فلسطين المُحتلّة والجولان بقطع الطّرقات والتّظاهر احتجاجاً على ما سمّوه تخاذل إسرائيل في حماية دروز صحنايا.

هذا يُؤكّد أنّ إسرائيل كانت تُريد أن تتركَ دروز صحنايا وجرمانا لمصيرهم، وذلكَ لتحقيق مشروع التهجير والترانسفير إلى الجنوب السّوريّ في مرحلةٍ أولى، وبعدها تعزيز الدّويلة الدّرزيّة لإيجاد ما يُشبه الحزام الأمنيّ الذي أقامته أثناء احتلالها لجنوبِ لبنان.

لكنّ الغارات على دمشق بعد زيارة جنبلاط كانت رسالتها واضحة. إذ تعمّدت إسرائيل ضرب دمشق وريفها وحمص وحماة واللاذقية وصولاً إلى إدلب لاستعراض قدرتها التخريبيّة. وكادت أن تقع في اشتباكٍ جوّيّ مع تركيا لولا الاتّصالات الأميركيّة التي حصلت بعيداً عن الأضواء للجمِ الجنون الإسرائيليّ.

بكلامٍ آخر، تقاعست تل أبيب عمداً عن حماية دروز صحنايا وجرمانا، لكنّها لم تدّخر طائراتها وسلاح جوّها وسيلة لتخريب اتّفاق التهدئة الذي يعاكس المصلحة الإسرائيليّة تماماً. وهكذا يُمكن الاستنتاج أنّ الغارات العنيفة فجر الجمعة لم تكن ضدّ أهداف الحكومة السّوريّة وإنّما ضدّ المشروع الوحدوي لوليد جنبلاط.

جنون إسرائيل

حملَ البيان الذي شاركَ جنبلاط في الإشراف عليه رسالةً واضحةً منه ومن مشايخ العقل الـ3 في سوريا ترفض التّقسيم والانسلاخ عن الدّولة، وهذا ما يُفسّر أيضاً جنون إسرائيل.

عزّزَ ذلكَ ما قاله محافظ السويداء مصطفى البكور في تصريحٍ من أنّ الموقف الدرزي يميل إلى خيار الدولة وسيادة القانون. أضاف أنّ “الاتّفاق جاء بمبادرة من جانب السويداء بعدما تمّ طلب ترتيب وضع المحافظة حتّى يسود فيها القانون بسبب تعب الناس من حالة الفوضى”، وأنّه جاءَ لدحض شائعات الانفصال، وجاء في مقدّمته أنّ السويداء جزء لا يتجزّأ من سوريا ولا تقبل التقسيم ولا أيّ اعتداءات خارجية.

كشفَ المحافظ أنّ الاتّصالات جرت مع الجميع حتّى يتمّ تنفيذ الاتّفاق، وتواصل معه مشايخ السويداء الثلاثة، بمن فيهم الشّيخ الهجري، وأكّدوا التزامهم الاتّفاق، لكن كانت لهم بعض المشاورات لتعديل بعض بنود الاتّفاق.

التّحدّي الأساسيّ اليوم أمام الاتّفاق هو تعزيزه وتمكين أسسه وإزالة المخاوف الموجودة لدى التّيار الذي يمثّله الشّيخ حكمت الهَجري. لكنّ الواقع يقول أيضاً إنّ إسرائيل لن تتوانى عن محاولات تخريب الاتّفاق إلى حين تثبيته، وهُنا التّحدّي الذي يخشاه الجميع.

ابراهيم ريحان - اساس

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا