قطاع غزة وكباش "Deal or no Deal"!
في تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، والذي يزعم أن الجيش الإسرائيلي، حصل على وثائق تعود لحركة حماس في أنفاق غزة، كاشفًا بأن قادة الحركة قرروا شنّ الهجوم على إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023، بهدف تعطيل محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية. وتعود الوثائق بحسب الجيش الإسرائيلي لمحضر اجتماع للمكتب السياسي لحماس قبل خمسة أيام من انطلاق "طوفان الأقصى" وتحديدًا في الثاني من الشهر نفسه.
يأتي هذا التطور فيما يستمر الغموض الذي يخيّم على قطاع غزة، خصوصًا في ظل إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على رؤيته بتحويل القطاع إلى "ريفييرا" الشرق الأوسط ويقابله تجنّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحلول السياسية والاستمرار بالعمليات العسكرية متجاهلاً المطالب الداخلية بعودة المحتجزين وسط تراجع خيارات حركة حماس بعد عامين من الحرب.
وفي عملية تشريحية لهذا الخبر يجب التوقف عند مصدره والمتمثل بالجيش الإسرائيلي وذلك ينطوي على إحتمالين إثنين:
صحة الرواية الإسرائيلية بالعثور على هذه الوثائق.
زعم وجود مثل هذه الوثائق، لاستخدامها في سياق الحرب النفسية التي تستخدمها أجهزة الاستخبارات والأمن في العالم، بدءًا بالحرب العالمية الثانية وصولاً إلى ما يسمى بالدعاية السوداء "Black Propaganda".
هنا لا بد من العودة إلى التاريخ القريب، وتحديدًا منذ ثلاث سنوات، لنذكّر بما قامت به فصيلة من المخابرات العسكرية الإسرائيلية بدخول إيران والحصول على أكثر من مليون وثيقة، والتي قام بعرضها نتنياهو نفسه ليدّعي آنذاك بأن إيران تمتلك رؤوسًا نووية؛ إلا أن تضارب السردية الإسرائيلية يتجسد باستهداف الطيران الحربي الاسرائيلي اليوم لمنشآت إيرانية للحؤول دون امتلاك طهران قنابل نووية.
أما في عمق التحليل الموضوعي، لا بد من التأكيد على أن إيران تخشى نشوء علاقة إسرائيلية-سعودية، ليس خوفًا من إسرائيل بل توجّس طهران من استقواء الرياض بهذه العلاقة ما يقودنا إلى رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز الذي أشار في كتابه "الشرق الأوسط الجديد"، إلى وجوب تضافر رأس المال الخليجي واليد العاملة العربية والعقل اليهودي.
في هذا السياق، لا يجب إغفال "إتفاق بكين" الذي تمّ قبل سنتين وأسفر عن مصالحة سعودية-إيرانية بما يتماهى مع السياسة الخارجية للمملكة بتصفير المشاكل مع الدول الإقليمية العظمى في المنطقة أي تركيا وإيران وفي حال انسحب ذلك على إسرائيل سيشكل فرصة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للمضي قدمًا في رؤيته 2030 واستكمال مشروع "نيوم" الذي تعيقه اشتعال بؤرة البحر الأحمر.
لعلّ السؤال الأهم هنا يتجلّى بدلالات توقيت نشر هذا التقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية العريقة مصحوبًا بتسريب إسرائيلي لوسيلة إعلامية أميركية وليست إسرائيلية لإبراق رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن خلفه الكونغرس الأميركي مفادها أن من أفرج عن الرهينة الأميركية من أصل إسرائيلي عيدان ألكسندر الأسبوع الماضي بوساطة قطرية كمبادرة حسن نية وهي الخطوة التي أشاد بها ترامب، والذي سبق أن قابل وفدًا من حماس عبر أصدقائه القطريين قبل أربعة أشهر، وفي ظل القطيعة بين ترامب ونتنياهو، غايته من كل هذه العوامل مجتمعة القول لترامب "لا تثق بهم" وأن الصفقات المليارية التي حصلت عليها في زيارتك لمنطقة الخليج لن تجعلك في أمان لأنهما (أي حركة حماس ومن خلفها إيران) يتآمران على العلاقة السعودية-الاسرائيلية المحتملة وبالتالي على العلاقة السعودية-الأميركية.
في المحصلة، ومع انطلاق عملية "عربات جدعون" وتوسيع الحرب المدمرة على قطاع غزة والتي تتزامن مع جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في العاصمة القطرية الدوحة، إلا أن هناك معطىً لا يختلف عليه اثنان يمكن اختصاره بالآتي ترامب يريد حلاً واتفاقًا إنطلاقًا من كونه رجل أعمال أي "Deal" بينما نتنياهو لا يريد ذلك أي "No Deal"، مستقويًا باليمين المتطرف في حكومته الذي يضمن له البقاء في السلطة. وبين هذا وذاك يبدو أننا مقبلون على صولات وجولات من العبثية الإسرائيلية في ظل اعتقاد سائد لدى "بيبي" أن حماس بلغت مرحلة الانهيار التام.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|