بَيْع الأوهام بإبهار المال... أقوى "ذكاء اصطناعي" وأكبر تكنولوجيا للمستقبل...
لا يمكن للإبهار التنظيمي، ولا للعناوين العريضة والبرّاقة، ولا للأفكار "الخُرافية"... التي تزخر بها مؤتمرات وقمم الإعلام، أن تعتّم على تحدّيات جوهرية ستزداد معاناة الحرية الإعلامية منها مستقبلاً، كلّما زاد التطور التكنولوجي، والتقدّم في مجالات الذكاء الاصطناعي، و"الانفجار" الرقمي.
بيع أوهام...
فمشكلة الإعلام المُزمِنَة و"الأبدية" لا تكمن بمدى القدرة على اللّحاق بالتطور والحداثة، ولا بمدى امتلاك التكنولوجيات فائقة التطور، ولا تنحصر بالقمع والملاحقات في ظلّ الأنظمة الاستبدادية، بل هي أيضاً بانعدام القدرة على تغيير فلسفة التمويل الإعلامي، بمعنى توفير الموارد المالية اللازمة لتطوير قطاع الإعلام بشرياً وتقنياً، من دون أن يؤثر ذلك على إسقاطه في فخّ التسويق الكاذب، وخلق واقع من وهم.
في مثال بسيط على ما نقوله، تشهد مؤتمرات الإعلام "حفلات مُزايَدَة" بين من يؤكدون ضرورة انتقال الإعلام من حالة نقل الواقع، الى صناعة الواقع. ولكن بالتوغّل قليلاً في عوالم صناعة الواقع، "تضيع الطاسة"، وتبدأ عمليات بيع الأوهام.
صناعة واقع
فهل يمكن مثلاً، صناعة واقع "نظيف" وشفّاف، بواسطة إعلام شديد التطور، ويمتلك أحدث الوسائل التكنولوجية "الباهرة"، من دون الحقّ بالوصول الى معلومات، أو إذا كان الوصول إليها ونشرها سبباً لمشكلة مع سلطة المال التي توفّر الموارد اللازمة، والتكنولوجيا اللازمة، للإعلام المتوغّل في التطور؟
وماذا عن مصير "صناعة" واقع عادل وشفّاف، بواسطة إعلام متطور جداً، إذا أراد الإعلامي عرض انتهاكات قضائية، والكشف عن أسباب إفشال مسار العدالة فيها مثلاً، (ماذا عن مصير ذلك...) إذا كان المسؤول عن جعل العدالة "مسخرة" في بلده، مُموِّلاً للإعلام المتطور، ومُزوِّداً إياه بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي مثلاً؟ والأمثلة تطول كثيراً في هذا المجال.
وانطلاقاً مما سبق، تُصبح استحالة تحقيق أي نوع من "تحرير تمويلي" لقطاع الإعلام، هي التكنولوجيا والتطور والذكاء الاصطناعي، و(هي) الأفكار التي تختصر كل ما يدور في المؤتمرات الإعلامية الباهرة.
المعرفة...
شرح نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي فرزلي أن "المعرفة هي بحدّ ذاتها وسيلة أساسية للقوة. والمعرفة هي مدخل رئيسي الى السلطة. وعندما يُمسك المال بالمعرفة المتمثّلة اليوم بالانفجار الرقمي، وبالذكاء الاصطناعي، فهذا يعني أنه يُمسك بالسلطة".
وذكّر في حديث لوكالة "أخبار اليوم" بأن "المتنبي نفسه تباهى بتميّزه عن غيره بالمعرفة، وبأنه عرف ثقافة اليونان القديمة، ورموز المعرفة فيها مثل أرسطوطاليس والاسكندر. ولذلك، تميّز عن غيره، وكان له ذلك وسيلة للاقتراب من السلطة، حتى وصل الى وقت ادعى فيه النبوة. ولكن ما كان ينقصه هو المال. فهذا الأخير سلطة، والمعرفة سلطة أيضاً، فيما يحاول هو (المال) أن يسيطر على المعرفة لتزداد سلطته على حسابها، ويحول دون تحقيق الأهداف التي يسعى خلفها الصحافي الذي يبحث عن الحقيقة".
انحطاط سياسي
وأشار فرزلي الى أن "المال وسيلة من وسائل السيطرة على الإعلام منذ وقت طويل. فما يسمح للرأسمال بأن يسيطر، هو قدرته على الوصول الى الرأي العام عبر الإعلام. ومن يمتلك المال أكثر من غيره، سيمتلك الذكاء الاصطناعي أكثر من غيره مستقبلاً أيضاً، وهو ما يطرح أسئلة متعدّدة تتعلّق بمصير الحريات في المستقبل".
وختم:"سلطة المال تتجسّد في لبنان بأشكال مختلفة لا تنحصر بالإعلام. فعلى سبيل المثال، تغيّر مستوى السلطة في البلد كثيراً بين عام 1926 وما هي عليه اليوم. ففي الماضي، كان رجال السياسة في لبنان رجال معرفة. وأما اليوم، فإننا نشهد حالة تدنٍّ خطيرة بالمقارنة مع السابق، وحالة انهيار سياسي كامل، إذ بات رجال السياسة رجال مال، الى درجة أن أي شخص يمتلك المال يمكنه أن يدفع في الانتخابات ليكون نائباً مثلاً، أو ليُصبح في أي منصب سياسي. وهذا انحطاط في الممارسة السياسية".
أنطون الفتى - أخبار اليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|