الصحافة

بودكاست «معبر».. لتأسيس ذاكرة جماعية حول الحرب اللبنانية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

«كان عندي صديق، كان معي بالمدرسة، كنت عزو كتير…بالـ 83 عرفت انو اختفى، تاري هوي كان عم بيحارب. كان عمرنا 14 سنة، اخدوه معن عجبهة سوق الغرب. راح كتير شباب بسوق الغرب، وهوي اختفى.. وانا ما كنت اقدر شيلو من راسي. كبرت وتجوزت، وضليت فكر فيه لحد ما عرفت بالتسعينات انو لقيوا رفاتو».

هي واحدة من القصص (التي تلامس الاعترافات) التي يتضمنها بودكاست «معبر» المؤلف من 12 حلقة عرضت الاخيرة منها قبل يومين. التوليفة بمجملها ليست سوى دعوة للحديث عن ذكريات الحرب والتعبير عن مكنونات بقيت في النفوس والتأسيس لذاكرة جماعية حول الحرب اللبنانية.

يدرك المنتجان انطوني طويل وسيدريك قيم انه قد كتب الكثير حول الـ 15 سنة حرب اهلية (1975-1990) التي ألهمت اعمالا فنية بالمئات.. ولكنهما يصران على ان اللبنانيين لم يجدوا بعد «مساحة نقاش حقيقية» حيث يعترف كل طرف بمسؤوليته تجاه الطرف الاخر، لكسر صورة الآخر المختلف

هما ينتميان الى جيل لم يعش الحرب الاهلية ولم تكن كلمات كـ «معبر» (حاجز قوى مسلحة) او «خط تماس» او «ملجأ» او «قناص» تطبع يومياته. كل ما يعرفانه عن الحرب الاهلية مصدره الاهل والحلقة العائلية الضيقة.

من اين جاءت فكرة بودكاست «معبر»؟ من حاجة الى ضرورة الاجابة عن السؤال التالي: لماذا يريد الجميع ان يتناسى الحرب؟ مع العلم ان اطراف النزاع لاتزال هي هي حتى اليوم وحلقات العنف قد تندلع في اي وقت.

يتضمن العمل نحو 55 مقابلة شفهية، لا وجوه ولا اسماء. 55 لبنانيا ولبنانية من كل المناطق والطوائف والاجيال والفئات الاجتماعية عاشوا ويلات الحرب وافقوا على «الدخول في اللعبة»، اي المشاركة في البودكاست، لرواية فصول منها، كل من وجهة نظره.

هو خليط من العمل الوثائقي والـstorytelling حيث تركت الحرية للمتكلمين لرواية ما لديهم، من دون ضوابط.

«لماذا العودة الى الحرب الأهلية اليوم في عز تخبط لبنان في ازماته المتعددة؟». يقول طويل: «البودكاست لا يهدف الى الاضاءة على مجريات الحرب الاهلية واسبابها. بل هو يطرح الإشكالية التالية: نحن كشعب كيف تصرفنا بعد انتهاء الحرب؟ من خلال هذا العمل، فتحنا مزدوجين واسعين لنسمح للناس ان تخبر ماذا عاشت وللآخرين ان يسمعوا. هو تأسيس لنقاش جدي ومصارحة بين الناس».

ويضيف: «الهدف هو كسر صورة الآخر المختلف، هذا الذي يعيش في الجهة الاخرى، لأن الجميع في النهاية عاش المعاناة نفسها».

اما عن اختيار صيغة «البودكاست» علما ان الصورة ضرورية احيانا لانعاش الذاكرة، يقول طويل: «الصورة تحكمنا بإطار يجعلنا نرمي فيه كل الاحكام المسبقة. الوجوه تسهل اطلاق الاحكام. تركيزنا كان على الصوت لأنه يحرك الخيال ويقرب المسافات. الكاميرا في هذا الاطار قد تكون ضيفة ثقيلة تدعو الى التمثيل. غيابها يجعل المتكلم اكثر ارتياحا وانسيابا في حديثه».

وعن مدى موضوعية العمل، يؤكد طويل انه «لا اجندة سياسية من وراء هذا البودكاست. هو فقط اضاءة على ذاكرة الناس من دون السعي الى اجابات معينة او اتهامات مبطنة».

العمل على البودكاست استغرق سنتين ونصف السنة (مع فترات توقف عن العمل بسبب كورونا والازمات المتلاحقة في لبنان). ولكن المنتجين (اللذين يعملان في مجال الموسيقى اساسا) ادركا كم ان الموضوع واسع وكم ان الناس مستعدة للحديث عن الحرب. لذلك، قد يغامران في «فصل ثان» تكون الحلقات فيه متمحورة حول مواضيع تم التطرق اليها بسرعة في الفصل الاول ولكنها تستحق التعمق، كالاجتياح الاسرائيلي او مجزرة اهدن او مجزرة الصفرا وغيرها…

«ماذا اضاف اليك هذا العمل على الصعيد الشخصي؟»، نسأل انطوني طويل، فيجيب: «جعلني اقرب من جيل الحرب الذي كنت احكم عليه بقساوة واحمله مسؤولية ما وصل اليه البلد اليوم. كان اللوم عندي طاغيا. اليوم انا اكثر تفهما. حبذا لو ننتقل جميعنا الى مرحلة لا نعود فيها نشعر بفروقاتنا، والا يعود للمناطق لون سياسي او طائفي. لا بد ان ننظر نظرة جديدة لبعضنا البعض كي نفتح صفحة جديدة لبلدنا».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا