عربي ودولي

بسيطرته على "المعدن الغامض".. هكذا يهدد التنين الصيني جيوش الغرب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بين القوى العظمى وداخل ترساناتها، لا تُقاس القوة فقط بعدد الصواريخ أو حجم الميزانيات العسكرية، بل في التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تكون على هيئة معدن يتمتع بخصائص فريدة .

ذلك “المعدن الغامض”، غير المعروف حتى لدى كثير من القادة العسكريين، صار اليوم مفتاحًا حساسًا في لعبة كبرى فالصين، بقبضتها المحكمة على هذا المورد النادر الذي يدعى الساماريوم ، تُمسك بخيط دقيق لكنه قادر على خنق الصناعات العسكرية خارج حدودها وخوض حرب بلا رصاص قد تكون نتائجها أخطر مما نتوقع.

"الساماريوم" في قلب المعركة

من بين عشرات المعادن الأرضية النادرة، يبرز الساماريوم كعنصر لا غنى عنه في تصنيع أكثر الأسلحة تطورًا: المقاتلات، والصواريخ، وحتى القنابل الذكية.

يتميّز بقدرته النادرة على الحفاظ على قوته المغناطيسية في درجات حرارة تكفي لإذابة الرصاص وهي ميزة لا يمكن الاستغناء عنها في التطبيقات العسكرية. ورغم أن اسمه لا يظهر في نشرات الأخبار كثيرًا فإن هناك تقارير تؤكد أنه يستخدم بشكل حصري في التطبيقات العسكرية، وعلى سبيل المثال كل طائرة من طراز F-35 تحمل داخليًّا نحو 22 كيلوغرامًا منه، كما يستخدم في مقدمة الصواريخ حيث الحرارة القصوى وفي "القنابل الذكية" وأنظمة التوجيه إضافة إلى استخدامه في الغواصات المتقدمة وأجهزة الرادار، حيث تعد قوته المغناطيسية مهمة وضرورية للغاية لتحمل حرارة المحركات الكهربائية السريعة الحركة، خصوصًا في المساحات الضيقة، مثل: رؤوس الصواريخ الأمامية.

ورغم وجوده في الطبيعة، فإن الساماريوم لا يوجد منفردًا بل ممزوجًا بعناصر أرضية نادرة أخرى ويحتاج إلى عمليات فصل دقيقة ومعقدة؛ ما يجعل إنتاجه مكلفًا.

اللعبة الصينية.. السيطرة والضغط

تحتكر الصين نسبة 100% من إنتاج الساماريوم المُستخدم في التطبيقات العسكرية إضافة إلى أكثر من 85% من الإنتاج العالمي للمعادن الأرضية النادرة بما فيها الساماريوم وهو ما يمنحها ورقة ضغط تلوح بها كلما اقتضت الضرورة.

ففي الرابع من أبريل من العام الحالي أوقفت الصين تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة من بينها الساماريوم وأعلنت وزارة التجارة الصينية، أن لهذه المواد استخدامات مدنية وعسكرية، وأن أي صادرات أخرى لن يُسمح بها إلا بتراخيص خاصة، ووفقًا للوزارة فإن هذه الخطوة من شأنها "حماية الأمن القومي" و"الوفاء بالالتزامات الدولية، مثل: منع الانتشار".

 منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأت الصين في تطوير قدراتها في تعدين ومعالجة العناصر الأرضية النادرة، ومنها الساماريوم، بينما أوقفت دول أخرى إنتاجها لأسباب بيئية واقتصادية وهذا منح الصين أفضلية تنافسية هائلة.

المحاولات الغربية "المتعثرة"

منذ سبعينيات القرن الماضي، اعتمدت الجيوش الغربية على مصدر واحد فقط للساماريوم وهو مصنع كيميائي يقع في لاروشيل الفرنسية. كان المصنع يعالج الخام المستورد من أستراليا، لكنه أُغلق عام 1994  نتيجة مخاوف بيئية ومنافسة الأسعار الرخيصة القادمة من الصين.

في عام 2010، فجرت الصين أزمة عندما أوقفت فجأة تصدير جميع أنواع المعادن الأرضية النادرة إلى اليابان لمدة شهرين بسبب خلاف إقليمي، كانت هذه الحادثة بمثابة ناقوس خطر عالمي، دفعت الولايات المتحدة إلى التحرك سريعًا عبر إطلاق مشروع بقيمة مليار دولار لإعادة تشغيل منجم "ماونتن باس" في كاليفورنيا الوحيد في البلاد المختص بهذه المعادن.

لكن المنجم الذي أُغلق عام 1998 بسبب تسرب كيميائي، لم يصمد طويلًا بعد إعادة افتتاحه في 2014، حيث واجه صعوبات تسويقية أدت إلى إغلاقه مجددًا خلال عام واحد.

وفي محاولة لدفع عجلة الإنتاج ووفق تقرير موسع لصحيفة نيويورك تايمز مولت وزارة الدفاع الأمريكية شركتين رئيستين لإنشاء خطوط إنتاج داخلية. فقد أعادت شركة MP Materials تشغيل منجم "ماونتن باس" بعد استحواذها عليه عام 2018، وحصلت على دعم حكومي بقيمة 35 مليون دولار، كما استثمرت 100 مليون دولار من أموالها الخاصة لشراء معدات المعالجة، أما الشركة الثانية، Lynas Rare Earths الأسترالية، فقد نالت تمويلاً أمريكيًّا ضخمًا بقيمة 351 مليون دولار لبناء منشأة إنتاج جديدة في ولاية تكساس.

لكن رغم هذه الاستثمارات، فلا تزال النتائج محدودة إذ لم تبدأ شركة MP حتى الآن تشغيل معدات المعالجة، مشيرة إلى أن سوق الساماريوم صغير للغاية ولا يحقق جدوى تجارية كافية وفي المقابل، تأخر مشروع Lynas بسبب عراقيل إدارية تتعلق بتراخيص منجمها في ماليزيا؛ ما حال دون بدء أعمال البناء في الولايات المتحدة حتى اليوم..

وربما لن تطلق الصين رصاصة واحدة، لكنها وببساطة قد تغلق صنبور معدن صغير ومع هذا الإغلاق تبدأ فصول حرب جديدة حرب التحكم في سلاسل التوريد.في قلبها، معدن لا يُرى… لكن صوته أصبح يُسمع بوضوح في غرف القرارات العسكرية.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا