مالياً... ماذا يعني فرض عقوبات على القرض الحسن؟
ليست المرة الأولى التي تفرض فيها وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أفراد في مؤسسة القرض الحسن "الذراع المالية لحزب الله". ففي العامين 2007 و2021 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على المؤسسة إلى جانب 7 مسؤولين ماليين في "حزب الله" وصفتهم بـ"مصرفيي الظل".
تتّسع شريحة المستهدفين بالعقوبات الأميركية لتشمل مؤسسة القرض الحسن ككيان مالي تابع لحزب الله إلى جانب مسؤولين ماليين في المؤسسة هم نعمة أحمد جميل وعيسى حسين قصير سامر حسن فواز ضمن سلة العقوبات المفروضة بالأمس وعزت يوسف عكار وإبراهيم علي ضاهر وعباس حسن غريب ومصطفى حبيب حرب وأحمد يزبك وحسن شحادة عثمان ووحيد محمود سبيتي ضمن سلة العقوبات المفروضة عام 2021.
ومع كل قرار يصدر عن الخزانة الأميركية في إطار فرض عقوبات على شخصيات مرتبطة بالقرض الحسن تشخص الأنظار إلى المؤسسة المذكورة، ويرتفع منسوب القلق بين المرتبطين معها مالياً من جهة والمتضرّرين من الحرب الأخيرة وهم المترقبين الحصول على تعويضات بعد تعليقها من قبل المؤسسة مؤخراً. فماذا يعني فرض عقوبات أميركية على القرض الحسن ومسؤولين فيها؟ كيف يُترجم ذلك مالياً؟ وهل له تأثير على المتعاملين مع القرض الحسن؟
فعالية العقوبات
غالباً ما يكون لقرار فرض عقوبات أميركية على مؤسسات وأفراد انعكاسات كارثية على مصير ومستقبل الكيان أو الشخص المستهدف، فوزارة الخزانة الأميركية تهدف من خلال العقوبات إلى اتخاذ إجراءات قانونية ومالية تصب في خانة عزل المؤسسة أو الشخص عن النظام المالي العالمي، بما فيه النظام المالي الأميركي.
ويُترجم ذلك عملياً بتجميد الأصول التابعة للمؤسسة الخاضعة للعقوبات كالأموال والحسابات والممتلكات وغيرها، المتواجدة في الولايات المتحدة الأميركية أو تحت سيطرة كيانات أميركية. كما تمنع العقوبات الشركات والمصارف الأميركية من التعامل مع المؤسسة أو الأشخاص الخاضعين للعقوبات وينسحب وقف التعامل على منع التحويلات المالية أو فتح حسابات مصرفية أو الاستفادة من أي خدمات مالية ومصرفية.
وبالنظر إلى أن الدولار الأميركي يُستخدم في غالبية التعاملات الدولية، فإن منع أي مؤسسة من الوصول إلى الدولار أو البنوك المراسلة الأميركية يعني غالباً خروجها من النظام المالي العالمي وهو ما يؤدي فعلياً إلى تعطيل نشاطها الخارجي بشكل شبه تام.
وتعيدنا فعالية عقوبات وزارة الخزانة الأميركية بالذاكرة إلى بنك الجمّال اللبناني الذي خضع لعقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة عام 2019 بتهمة تقديم خدمات مالية لحزب الله، بما في ذلك تحويل أموال لمجلسه التنفيذي ولمؤسسة الشهداء. فقد أدت العقوبات حينها إلى امتناع غالبية المصارف العالمية والمحلية عن التعامل مع بنك الجمّال خوفاً من أن تطالها العقوبات، وفقدَ قدرته على التحويلات من وإلى لبنان وحتى التحويلات المحلية باتت بالغة الصعوبة، وهو ما دفعه حينها إلى تصفية نفسه في أيلول 2019 بإشراف مصرف لبنان.
ولكن هل ينطبق كل ما سلف على مؤسسة القرض الحسن والمسؤولين الماليين فيها؟
هل تتأثر "مؤسسة القرض الحسن"؟
بالنظر الى كون مؤسسة القرض الحسن غير مرتبطة بالنظام المصرفي اللبناني أو بالنظام المالي العالمي، فإن العقوبات التي فرضتها عليها وزارة الخزانة الأميركية فقدت فعاليتها المباشرة لاسيما أن مؤسسة القرض الحسن وكل من ذّكر في قرار العقوبات لا يملكون حسابات خارج لبنان بحسب "مصدر" موثوق من المؤسسة، وليس لديهم أي ودائع مصرفية بأي بلد في العالم، لذلك لن تطالهم العقوبات بشكل مباشر، على ما يقول المصدر. كما أن المؤسسة لا تعتمد شبكة تحويل الأموال العالمية سويفت Swift، وبالتالي فالتأثير المباشر للعقوبات يكاد يكون معدوماً بالمقارنة مع فعالية العقوبات على المصارف والمؤسسات المالية الأخرى.
لكن عدم التأثر المباشر بالعقوبات، لا يعفي المؤسسة ولا الأشخاص الخاضعين فيها للعقوبات من التأثر غير المباشر، فقرار العقوبات سيجعل المتعاملين مع المؤسسة في الداخل اللبناني يتردّدون قبل التعامل معها خوفاً من التعرّض لعقوبات ف يالمستقبل. وهذا الأمر سيعيق مؤسسة القرض الحسن من توسيع عملياتها وتعاملاتها في لبنان وقد يعرقل أيضاً تعاملها مع أي من المؤسسات اللبنانية والمنظمات، لا سيما أن "القرض الحسن" سبق لها أن تعاونت مع إحدى شركات تحويل الأموال خلال الأشهر الفائتة وخلال الحرب التي شنّتها إسرائيل على لبنان العام الفائت.
على الرغم من أن مؤسسة القرض الحسن ليست جزءاً من النظام المالي العالمية، غير أن العقوبات الأميركية قد تصيب تعاملاتها الحالية أو المحتملة مع شركات تحويل أموال أو الصرافة أو جهات تجارية داخلية وخارجية لارتفاع مستوى المخاطر بتلك التعاملات، وكل ذلك سيضطر المؤسسة إلى توسيع نطاع عملها بالنقد فقط (بالكاش) وهو ما يُضعف كفاءتها التشغيلية وتعاملاتها المالية.
باختصار تُستخدم العقوبات الأميركية على مؤسسة القرض الحسن كأداة لعزلها سياسياً ومنع تمدّدها أو تعاملها مع أطراف أخرى. ومن المستبعد أن يؤثر ذلك على تعاملات المؤسسة محصورة النطاق محلياً خصوصاً تلك المرتبطة برهونات الذهب.
عزة الحاج حسن -المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|