عربي ودولي

فتاة "العصا السحرية" التي ساهمت في صنع "خليط الكعك" لضرب المنشآت المحصّنة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كانت الثقوب الصغيرة في الجبل أعلى منشأة فوردو النووية الإيرانية، التي أظهرتها صور الأقمار الصناعية، محطّ أنظار العالم الذي ترقّب أياماً بيانات البيت الأبيض والبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية لمعرفة سرّ تلك الثقوب.

أخبار غزت وسائل الإعلام عن سلاح قادر على مهاجمة المخابئ والأنفاق المدفونة بعمق، تملكه الولايات المتحدة حصراً.

ووسط إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أن الهجوم دمّر المنشآت النووية الإيرانية، وتهديده بمقاضاة وسائل إعلام شكّكت، وتقارير أشارت إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر أشهراً فقط، قرّرت امرأة فيتنامية ألا تخوض غمار الجدل الدائر، مكتفية بـ"نشوة مألوفة". 

من طفولة الحرب إلى مختبر الذخائر البحرية الأميركية 
مع اندلاع حرب فيتنام، تمنّت خلال طفولتها امتلاك "عصا سحرية". يومها، ما كان الوصول إلى مختبر الذخائر الأميركية حلماً حتى!

بدأت آنه دونغ رحلتها من منزل العائلة في سايغون في أواخر ستينات القرن الماضي، حين كانت بعدُ في السابعة تقريباً. كان والدها مسؤولاً زراعياً في حكومة جنوب فيتنام، وشقيقها طياراً مروحياً يغادر المنزل في مهمات قتالية.

تتذكر دونغ في تلك الأيام بكاءها وتوقها الى أن تصنع سلاحاً قادراً على إعادته إليها سالماً، إلى أن قطعت على نفسها وعداً: "إن كان بوسعي، سأفعل ذلك لجميع الجنود الأميركيين الذين حموا عائلتي، سأمنحهم أفضل وسيلة ليعودوا إلى ديارهم سالمين". 

فرّت دونغ من سايغون قبل سقوطها في يد القوات الفيتنامية عام 1975، واستقرّت مع عائلتها في شقة بضاحية في ماريلاند في واشنطن. تقول: "وصلنا هذه البلاد بلا شيء. فقراء. ووجدنا هنا الكثير من الأميركيين الطيبين".

عزم على "ردّ الجميل"
لم تكن دونغ تجيد الإنكليزية، لكنها كانت طالبة موهوبة. تخرجت بمرتبة الشرف في الهندسة الكيميائية من جامعة ماريلاند في 1982، ثم نالت شهادة الماجستير في الإدارة العامة، وتوظّفت في البحرية الأميركية. شدّ انتباهها كل ما "يتحرك بسرعة فائقة"، كما قالت للكاتب الصحافي جورج ويل في مقابلة في 2007.

في 1983، بدأت دونغ مسارها المهني مهندسة كيميائية في القاعدة البحرية الأميركية في مركز "إنديان هيد" بولاية ماريلاند، وكانت وظيفتها الأولى تركيب المواد التي تُطلق المقذوفات من فوهات المدافع البحرية الكبيرة. وبين 1991 و1999، أدارت جميع برامج البحوث الاستكشافية الأساسية والتطوير المتقدم في مجال المواد الشديدة الانفجار التابعة للبحرية الأميركية.

في 1999، تولت منصب رئاسة البرامج التقنية في مركز الحرب السطحية البحرية في "إنديان هيد" في مجال المتفجرات والأسلحة تحت المياه. من هذا المنصب، قادت برنامج تطوير القنبلة الحرارية، واضطلعت بأعمال بالغة الأهمية لتحسين سلامة المتفجرات على متن سفن البحرية.

الفرصة من أفغانستان إلى إيران
بعد نحو شهر من هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، نالت دونغ فرصتها... قال لها الكولونيل توماس وورد من القوات الجوية: "سنذهب إلى الحرب في أفغانستان. ماذا يمكننا أن ننجز في أسرع وقت ممكن؟". 

نجحت دونغ في قيادة فريق من العلماء والمهندسين لتطوير مادة متفجرة من فئة القنابل الخارقة للتحصينات، وكانت النتيجة قنبلة "بي إل يو-118/بي" الموجهة بأشعة الليزر والمصممة للاختراق عميقاً في الأماكن الضيقة، مثل الأنفاق أو المغارات الجبلية التي يلوذ بها المقاتلون في أفغانستان. وحاولت مع فريقها المؤلف من 100 عالم وفنّي سكب المادة التي طوروها في ما يُشبه "خليط الكعك" في قذائف، وأجروا الاختبارات اللازمة حتى تمكنوا من الحصول على 420 غالوناً من المادّة المتفجرة نفسها. 

وفي نهاية يوم العمل في المختبر، "لم يكن أحد يرغب في المغادرة"، كما قالت دونغ، مضيفةً: "اضطررت إلى طرد الناس. لا يمكنك أن تتعب عندما تعمل بالمتفجرات". وبحسبها، هذه القنبلة صُمّمت كي لا يضطر جنود الجيش الأميركي إلى مسح التلال أو الأنفاق سيراً على الأقدام، وتكبّد الخسائر البشرية.

استُخدم السلاح الذي طورته دونغ وفريقها في أفغانستان، حتى نسب إليه البعض الفضل في تقصير أطول حرب خاضتها أميركا. ولا تذكر من أطلق عليها لقب "سيدة القنابل". ورغم مرارة الحرب الفيتنامية، تقول دونغ إنها لم تجد تناقضاً بين معاناتها سابقاً وعملها في تطوير أسلحة فتّاكة. 

اليوم، تُدرج هذه المادة شديدة الانفجار في داخل القنبلة الخارقة للتحصينات المعروفة باسم "جي بي يو-57"، وهي نفسها التي ألقتها طائرات الشبح الأميركية فوق منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران، قبل يوم من وقف للنار أنهى حرباً دامت 12 يوماً.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا