فياض يفجّرها: دراسة الكابل القبرصي أنجزت منذ 2022… ولا كهرباء قريباً!
إسرائيل تنتصر لدروز السويداء إبعادًا لـ "كأس التطرّف"

لا يزال الجمر الطائفي متوهّجًا تحت رماد التراب السوري، خصوصًا في محافظة السويداء "عرين الدروز التاريخي"، التي شهدت في الأيام الأخيرة معارك طائفية ضارية بين الدروز والبدو، قبل أن تتدخل القوات السورية النظامية ومن يدور في فلكها لمصلحة البدو، وهو أمر أثار حفيظة إسرائيل التي تُبدي غيرة مفرطة حيال الدروز في سوريا، لغاية واضحة في نفسها وهي إبعاد "كأس التطرّف" والمقاتلين السنة عن حدودها الشمالية ودعم الدروز، الذين تجد فيهم خير حليف تاريخي وهم يشكّلون منطقة عازلة لها تقيها أي "شر مستقبلي" لقوات "الجولاني السابق"، إذ إن أحداث 7 أكتوبر عام 2023 لا تزال ماثلة أمام أعين الإسرائيليين المرتابين من تكرارها عبر خاصرتهم الشمالية، لذلك هبّ الجيش الإسرائيلي لـ "نصرة" الأقلية الدرزية في سوريا، موجّهًا رسائل نارية ثقيلة وموجِعة للرئيس أحمد الشرع، رغم براعم التطبيع التي بدأت تزهر تدريجيًا بين تل أبيب ودمشق.
وإذا كانت الدولة العبرية متوجّسة من الأرتال العسكرية السورية التي دخلت السويداء لـ "تأديب الدروز" واقتربت من حدودها الشمالية، وهو ما تعدّه خطًا أحمر، وسارعت إلى التعامل معها بالنار وأرغمتها على مغادرة المحافظة، فإن دروز سوريا مرتابون من تكرار سيناريو حوادث العنف الطائفي التي عصفت بالساحل السوري في آذار الفائت، وأزهقت أرواح الكثير من العلويين وبعض المسيحيين، وهذه الحوادث عمّقت بطبيعة الحال "هوّة الثقة المفقودة" بين الدولة السورية الوليدة والأقليات، خصوصًا الدروز منهم الذين آثروا عدم التخلّي عن البندقية دفاعًا عن النفس، وإغلاق مناطقهم منذ اندلاع الثورة السورية ضدّ نظام الأسد الفار. وفي هذا الإطار، يُفترض بالشرع أن يطمئن الدروز أولًا، قبل أن يطالبهم بالتخلّي عن السلاح، والانصهار في أجهزة الدولة.
مساع لإبعاد التداعيات عن لبنان
فيما نعمت السويداء بتراجع نسبي لإطلاق النار في سياق هدنة يمكن وصفها بالهشة، نظرًا لخرقها المتكرّر، شدّدت مصادر درزية سورية لـ "نداء الوطن" على أن الأهمّ في هذه المرحلة يبقى صمود اتفاق وقف النار، واستكمال بنوده المتفق عليها، ولا سيّما لجهة تعزيز المؤسسات الرسمية في محافظة السويداء ومدّها بالخدمات الحياتية، فضلًا عن تعزيز الشرطة في المحافظة من أبناء السويداء، وتشكيل لجنة تحقيق بالانتهاكات التي حصلت في الأيام الأخيرة كما وعد الرئيس الشرع. كما وحذرت المصادر عينها من مغبة استمرار محاولات بث الفتنة بين أبناء المحافظة.
وعلى المقلب اللبناني، حيث تتمتع الطائفة الدرزية بحضور سياسي وازن وبثقل تاريخي متجذّر، كان بديهيًا أن يهب "بني معروف" لنصرة أشقائهم في السويداء، معنويًا على الأقل، وقد جزمت مصادر درزية لبنانية لـ "نداء الوطن" بأن كلّ المساعي تنصب راهنًا على منع انتقال أي تداعيات سلبية إلى "بلاد الأرز"، ولا سيّما بعد ردات الفعل التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية، كما أعربت هذه المصادر عن قلقها الشديد من مسار التطورات في السويداء، متخوّفة من استخدام الدروز هناك كحرس حدود لإسرائيل، واستغلالهم في وجه الدولة السورية.
"طائفة محمية" من إسرائيل؟
الإعلام العبري تعامل بحذر مع التدخل الإسرائيلي في حوادث السويداء. المحلّل في "هآرتس" تسفي برئيل اعتبر أن التزام إسرائيل حيال الطائفة الدرزية ليس في موضع شك، ويمكن التسليم بأن هذا الالتزام يفرض عليها حماية الأقلية الدرزية في سوريا، إلى جانب واجبها الإنساني في حماية أيّ أقلية مهدّدة بالاندثار. لكن في الوقت عينه بحسب برئيل، لا يمكن تجاهل مواقف بعض قادة الطائفة الدرزية الذين يرفضون التدخل الإسرائيلي، ويعتبرون أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من الدولة السورية، ويريدون تعزيز التعاون مع نظام الشرع والتوصّل من خلال ذلك إلى حماية حقوقهم السياسية، من دون أن يصبحوا "طائفة محمية" من إسرائيل.
الصحافي إيهود يعاري قال لـ "القناة الثانية الإسرائيلية" إنه يُفترض ألّا تصل إسرائيل إلى واقع تُعتبر فيه عدوة للغالبية السنّية في سوريا، مضيفًا أن الهدف هو العكس تمامًا، بمعنى أنه يجب تقديم العون للدروز في محنتهم، من دون التضحية بالفرصة الكبيرة لبناء علاقات جديدة مع الجارة السورية. واستنتج يعاري أن على تل أبيب أن تسعى بحذر، ومن خلال عمل عسكري محسوب ومراقَب، إلى استقرار جبل الدروز، وألّا تنجرّ إلى مواجهة مع النظام الجديد في دمشق، ورغم الاشمئزاز من سلوكيات الغوغائيين التابعين للجيش السوري، فإنه من الأفضل، بحسب يعاري، التركيز على الهدف الاستراتيجي الكبير، وعدم الانزلاق إلى تهوُّر عاطفي ومغامِر.
الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية كفير تشوفا دعا في "يديعوت أحرونوت" إلى عدم التخلّي عن شركاء إسرائيل الصامتين على مرّ السنين، الدروز في الجنوب والكرد في الشمال. وأضاف أنه حاليًا يدفع هؤلاء ثمنًا دمويًا، وإذا لم تطلب تل أبيب ضمانات واضحة لحماية هذه المجموعات، كجزء من أيّ اتفاق، فلن تخسر حلفاءها فحسب، بل أيضًا إحدى أدوات الاستقرار الأكثر فاعلية على حدودها. وختم تشوفا بأنه "ما يبدو اليوم كأنه اتفاق تهدئة، قد يتضح غدًا أنه خطأ استراتيجي فادح وكلفته باهظة، وعلى إسرائيل الإصرار على شروط واضحة، وألّا تنجرّ وراء وهْم "عدم الاعتداء" الذي صمّمه الآخرون من أجل خدمة مصالحهم".
نايف عازار
نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|