إقتصاد

اصلاح القطاع المصرفي وقوانينه المتعثرة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يواجه لبنان منذ العام 2019، أسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخه الحديث، كان صنفها البنك الدولي احد أسواء ثلاث أزمات عرفها العالم منذ القرن التاسع عشر. وذلك إثر انفلات سعر صرف الليرة وتعثّر القطاع المصرفي، بعد مراكمة عجز مالي على مدى ثلاثة عقود من الزمن، ومديونية وصلت إلى مستويات قياسية، فضلاً عن أزمات ركود اقتصادية، وبطالة وهجرة، وصولاً إلى انهيار كامل لشبكة الأمان الاجتماعية.

ومنذ ذلك الحين، يغرق البلد في دوامة الأزمة، في ظل عجز متواصل لدى الطبقة السياسية عن إقرار الإصلاحات المالية لمعالجة الأزمة ومضاعفاتها، نتيجة الانقسامات الداخلية، وغياب الإرادة السياسية، ومعارضة النخبة الاقتصادية. في ظل عجز السلطة القضائية عن القيام بدورها، وامتناع السلطة السياسية عن وضع ضوابط وإصلاحات اقتصادية ومصرفية. فيما يمثل حلّ أزمة القطاع المصرفي خطوة أساسية لاسترداد المودعين لمدخراتهم وفق خطة توزيع للخسائر مطلوبة من الحكومة.

ومنذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، يشهد لبنان مساراً تشريعياً ديناميكياً ومليئاً بالتحديات بدأ مع إقرار السلطة التشريعية تعديلات على قانون السرية المصرفية. الامر الذي يُعتبر باكورة الإنجازات التشريعية للحكومة اللبنانية الجديدة، لإدخال إصلاحات تهدف إلى استعادة ثقة المودعين وصندوق النقد الدولي بالإضافة الى غيره من المانحين الدوليين، وخطوة أولى على طريق التعافي من الأزمة المالية التي طال أمدها في البلاد.

يواجه لبنان منذ العام 2019، أسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخه الحديث، كان صنفها البنك الدولي احد أسواء ثلاث أزمات عرفها العالم منذ القرن التاسع عشر. وذلك إثر انفلات سعر صرف الليرة وتعثّر القطاع المصرفي، بعد مراكمة عجز مالي على مدى ثلاثة عقود من الزمن، ومديونية وصلت إلى مستويات قياسية، فضلاً عن أزمات ركود اقتصادية، وبطالة وهجرة، وصولاً إلى انهيار كامل لشبكة الأمان الاجتماعية.

ومنذ ذلك الحين، يغرق البلد في دوامة الأزمة، في ظل عجز متواصل لدى الطبقة السياسية عن إقرار الإصلاحات المالية لمعالجة الأزمة ومضاعفاتها، نتيجة الانقسامات الداخلية، وغياب الإرادة السياسية، ومعارضة النخبة الاقتصادية. في ظل عجز السلطة القضائية عن القيام بدورها، وامتناع السلطة السياسية عن وضع ضوابط وإصلاحات اقتصادية ومصرفية. فيما يمثل حلّ أزمة القطاع المصرفي خطوة أساسية لاسترداد المودعين لمدخراتهم وفق خطة توزيع للخسائر مطلوبة من الحكومة.

ومنذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، يشهد لبنان مساراً تشريعياً ديناميكياً ومليئاً بالتحديات بدأ مع إقرار السلطة التشريعية تعديلات على قانون السرية المصرفية. الامر الذي يُعتبر باكورة الإنجازات التشريعية للحكومة اللبنانية الجديدة، لإدخال إصلاحات تهدف إلى استعادة ثقة المودعين وصندوق النقد الدولي بالإضافة الى غيره من المانحين الدوليين، وخطوة أولى على طريق التعافي من الأزمة المالية التي طال أمدها في البلاد.

ويأتي إقرار الحكومة مشروع قانون إصلاح المصارف ليعكس حرص السلطة التنفيذية على تأكيد التزامها بالإصلاحات المطلوبة. وذلك بعد نقاشات مستفيضة امتدت على مدار ثلاث جلسات لمجلس الوزراء، على أمل أن تسهم هذه الخطوة في تذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يسمح بتدفق التمويل والمساعدات المالية ضمن خطة إنقاذ اقتصادي تهدف إلى معالجة الفجوة المالية وتوزيع أعبائها بين الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف التجارية، بالإضافة الى المودعين.

ويشكل مشروع قانون إصلاح المصارف الذي أقرته الحكومة مؤخراً بحسب أراء خبراء، إطاراً قانونياً حديثاً يتوافق مع المعايير الدولية كان يفتقده النظام المصرفي اللبناني، ويتيح هذا الإطار للحكومة ومصرف لبنان أدوات قانونية للتعامل مع الأزمات المالية الراهنة والمستقبلية، بعدما ألقت الأزمة الحالية بمضاعفاتها الثقيلة على المودعين والاقتصاد الوطني.

ومن المفارقات أن مشروع قانون إصلاح المصارف الذي يُشكل المرحلة الثانية من الإصلاحات بعد التعديلات التي أَقرها المجلس النيابي في 24 نيسان/أبريل الماضي على قانون السرية المصرفية، لن تسري أحكامه في حال إقراره الى أن يتم إقرار قانون آخر مكمّل، حيث تنص المادة 37 من مشروع القانون صراحةً على أن تنفيذ أحكامه رهنٌ بصدور قانون معالجة الفجوة المالية، الذي يُعد خطوة أساسية نحو إعادة الانتظام المالي في البلاد.

وعلى الرغم من أن هناك من يعتبر مشروع القانون الجديد افضل من النسخة القديمة، إلا ان ما يدعو الى القلق إسقاط التدابير التقنية الاستثنائية لمعالجة توقف المصارف عن الدفع. ما يجعله بمثابة قانون عادي لمعالجة أوضاع المصارف في الحالات العادية، وليس قانوناً لهيكلة المصارف وإصلاح القطاع المصرفي وتنظيمه في أوضاع استثنائية. فما دامت المصارف متخلفة عن الدفع لا يمكن التعامل معها وكأنها في أوضاع عادّية، وجل ما تحتاجه إجراءات عاديّة لإعادة تصنيفها وتحديد شروط استمراريتها أو دمجها أو تصفيتها.

وجاء في مشروع القانون عبارة "الحد من استخدام الأموال العامة" في عمليات إصلاح المصارف، لتثير مخاوف المودعين وشريحة كبيرة من القطاع المالي. إذ يُخشى أن يكون الهدف من هذه العبارة امتناع الدولة عن تغطية توظيفات البنوك لدى مصرف لبنان، والتي بلغت بحسب تقرير شركة «ألفاريز أند مارسال» حول التدقيق الجنائي، نحو 48 مليار دولار. كما لم يتطرق مشروع القانون الى مسألة معالجة الخسائر المتراكمة في ميزانية المصرف المركزي، والتي تشمل نحو 16 مليار دولار من فوارق القطع، و5 مليارات دولار من سندات دولية، بشكلٍ واضح.

ولا يعالج مشروع القانون مسألة توزيع الخسائر بين المصارف والدولة ومصرف لبنان والمودعين بشكل مباشر وجذري، بل يكتفي بأحكام عامة قد تؤدي الى تحميل المودعين أعباء إضافية، خاصةً في ظل التلميح إلى اعتماد آلية الكفالة أو الإنقاذ الداخلي ((Bail-in، الامر الذي يتسبب بخسائر للمودعين دون شطب التزاماتهم بشكل مباشر ورسمي. سيما وأن مشروع القانون وإن اعتبر أن "أموال المودعين محمية"، لا يُقدّم رؤية واضحة لكيفية حماية ودائع الأفراد، لا سيما منها تلك المحرّرة بالدولار قبل الأزمة، وهو ما قد يفتح الباب للتفاوت في المعاملة بين فئات المودعين.

ومن المفارقات أيضاً أن مشروع القانون المطروح يسمح للمصارف أن تعيّن المولجين بعملية تقييم أصولها وموجوداتها، الامر الذي يُطلق يد المصارف في هذه العملية التي تُشكل خطوة أساسية في دراسة أوضاع المصارف والبحث في كيفية إصلاحها. سيما وأن مشروع القانون الحالي لا ينص على وجوب إقالة إدارات المصارف المتعثرة والحجز على أموالهم إلى حين إظهار المسؤوليات المترتبة عليهم وتعيين إدارات جديدة. الامر الذي يفتح الباب امام التلاعب بالمعلومات أو إخفائها لإعاقة التدقيق وإخفاء الحقائق.

وعلى أهمية ما تم إنجازه حتى اليوم، إن لجهة إقرار التعديلات على قانون السرية المصرفية، أو لجهة إحالة الحكومة لمشروع قانون إصلاح المصارف، وبغض النظر عن الملاحظات، يبقى الأهم إنجاز مشروع قانون الفجوة المالية الذي من دونه لن تسري أحكام مشروع القانون الذي سبق ذكره ولو أُقر في مجلس النواب. ما يجعل من إصلاح المصارف رهن بإقرار قانون الفجوة المالية، التي تقدر بنحو 73 مليار دولار من أموال المودعين، وكيفية معالجتها وإعادة الانتظام إلى المالية العامة وحل مشكلة الودائع.

في المقابل، ليس لدى الحكومة الحالية حتى الان مسودة لمشروع قانون الفجوة المالية لعرضه على مجلس الوزراء لدرسه والمصادقة عليه، أما المسودات السابقة فالتسريبات عنها تدل على أنها لا ترقى الى تحقيق الإصلاح وتأمين العدالة. وتجدر الإشارة الى أن كل تأخير في إقرار مشروع قانون الفجوة المالية في مجلس الوزراء سيؤدي الى تأخير درسه وإقراره في المجلس النيابي بسبب اقتراب استحقاق الانتخابات النيابيّة.

وإذا كان من الملح انجاز مشروع القانون في مجلس الوزراء وإحالته الى مجلس النواب في أقرب وقت ممكن، فلا بد من أن يُراعي المشروع الجديد الشفافية في تحديد حجم الفجوة المالية والعدالة في توزيع 

الخسائر على الأطراف الاقتصاديين بدأً من الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف، وصولاً الى المودعين. كما لا بد أن يُراعي مشروع القانون في توزيعه الخسائر مبدأ التناسب بين حجم الوديعة وحجم المسؤولية، من هنا وجب ألا يتحمل صغار المودعين نفس أعباء المساهمين وكبار المودعين.

بقلم العميد الدكتور غازي محمود

٢٣/٧/٢٠٢٥

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا