الصحافة

الدفن في المحيدثة والحدث فيروز

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قد ترفضون الحقيقة وهذا ليس من شأني وقد توافقون وهذا ما أتمنّاه، لكنّ مشهدية مرافقة الفنان زياد الرحباني إلى مثواه الأخير لم تكن الحدث في 28 تموز 2025، بل الحدث كان وجود السيدة فيروز في وداع ابنها.

لست مؤهّلًا لأشرح أهميّة زياد الرحباني الفنية لكن يُجمع الخبراء والموسيقيّون على أنّ زيادًا يعدّ من عباقرة الفن وهو أحد أبرز الموسيقيين العالميين في عصرنا الحديث. لكن، وبحكم متابعتي المدرسة الرحبانية بشكل عام، وزيادًا بشكل خاص على مستوى مواقفه السياسية ومقالاته، يمكنني اعتباره أحد جنود المشروع الفارسي في المنطقة. هذا في السياسة، لكنّ موضوعي اليوم ليس زياد الرحباني بل فيروز التي تكبر ولا تشيخ. فيروز الساحرة بصمتها، بنظرتها، بتواضعها، بقدرتها على الوقوف. قد نختلف على توصيف زياد، فنحبّ فنّه لا مواقفه، وقد يراه البعض صوتًا مسيحيًا داعمًا لسياسته وآخرون مبدعًا ومقاومًا، لكنّنا نُجمع وعلى اختلاف انتماءاتنا، على أنّ فيروز أيقونة. هي علمُنا وأرزتنا وصوتنا الذي لن يصمت أبدًا.

هي اللغة اللبنانية على لسان العالم العربي، وفي حناجر المنتشرين هي الضيعة والثورة والحبّ والبطولة. فيروز تستحقّ مدنًا باسمها لا شوارع. في كنيسة المحيدثة لم تلتفت الجموع إلى التابوت حيث جثمان زياد، كلّ الوافدين مرّوا أمام فيروز كمن يمرّ أمام عظمة اللّه، وما الله سوى الجمال اللامحدود والعظمة اللامتناهية! وإذا لم يكن اللّه في صوت فيروز وفي إبداع الرحابنة فأين يكون؟ وإذا استثنينا في كنيسة المحيدثة الصادقة كارمن لبّس في حزنها واحترمنا تاريخ علاقتها بزياد، فإنّ حزن الفراق بدفن زياد بدّدته فرحة ملقى فيروز! أكثر الوافدين خرجوا مبتسمين لرؤية سفيرتنا إلى النجوم، ومنهم من مرّ أكثر من مرّة في زحمة التعزية ليراها مرّتين. وكم كانت عفوية تلك المرأة التي حاولت تقبيل رأسها ومنعها المسؤولون، فبدت فرحةً حزينةً فخورةً مُربكة كمن كاد يقبّل المجد وسقط. في المحيدثة نجوم وسياسيون وإعلاميون وأمنيون جميعهم يدورون في فلك العظيمة الجالسة على كرسيّ صغير في إحدى زوايا الكنيسة، ورئيس حكومة متواضع ينحني فخرًا أمام أرزة لبنان الحزينة على خسارة ابنها. 

قد لا نشاهد فيروز ثانية، فهي لا تشارك في أيّ مناسبة عامة، وقد يسرقنا القدر قبلها ولا نكون في وداعها الأخير، لكن لأنّ فيروز بحجم لبنان ولأنها أعظم من الدستور، فالدستور قابل للتعديل، اسمحوا لي بأن أطالب بوضع صورة فيروز على العلم اللبناني إلى جانب الأرزة، فما من فخر لبناني أعظم من ذلك ولو قُدّر للأرز أن ينطق لطالب بتكريمه بوضع صورة فيروز.

رامي نعيم -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا