تسخين سياسي وحملة تهويل... والجهات الأمنيّة تطمئن: الوضع تحت السيطرة
سادت اجواء من القلق والتوتر منذ الاعلان عن جلسة مجلس الوزراء، لبحث موضوع السلاح. وساهمت في تفاقمها في الايام الماضية، موجة من السجالات والحملات المتبادلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الاعلام.
وعشية الجلسة انخرط بعض الناشطين في حملة تهويل وتخويف من انفجار الوضع في الشارع، وبشّروا اللبنانيين بتوترات امنية واسعة، مستغلين تحركات ومسيرات دراجة محدودة لانصار او جمهور من مناصري الثنائي "امل" وحزب الله في الضاحية الجنوبية دعما للمقاومة، وتعبيراً عن التمسك بسلاحها، في ظل استمرار الاحتلال والعدوان "الاسرائيلي".
ووفقا لمصادر مطلعة، فان هذه الاجواء الساخنة نسبيا والتحركات المحدودة، بقيت موضع رصد دقيق على اكثر من صعيد، وان اتصالات جرت على المستوى السياسي وبين المسؤولين، لابقاء الوضع مضبوطا وعدم انتقال التوتر السياسي الى الشارع.
وترافق ذلك مع تكثيف الاتصالات بين القيادات المسؤولة ومكونات الحكومة ، من اجل عدم انفجار جلسة مجلس الوزراء، والتوصل الى صيغة تحاكي موضوع الجلسة من جهة، وتحفظ المصلحة الوطنية من جهة ثانية، كما عبر الرئيس بري أمس.
والى جانب المتابعة السياسية، تشير المصادر إلى ان الجهات الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي ، اتخذت عشية جلسة مجلس الوزراء اجراءات امنية احترازية مشددة، لتدارك اي توتر في الشارع وحفظ الأمن والاستقرار. وسبق ذلك في الايام القليلة الماضية، ان عقدت اجتماعات امنية رفيعة تناولت الوضع العام في البلاد، ومنها الاجتماع الذي ترأسه الرئيس جوزاف عون في بعبدا، واجتماع آخر ترأسه وزير الداخلية العميد احمد الحجار.
وتقول المعلومات ان الجانب الأساسي من هذه الاجتماعات، تركز على نتائج ما قامت وتقوم بها الاجهزة الامنية والاستخبارية في الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة، في مجال متابعة ورصد الافراد والجماعات، التي تقوم بأعمال تهدد الامن والاستقرار في البلاد. وتضيف المعلومات ان ما جرى مؤخراً، اثبت ان الجهات المختصة في الجيش والقوى الأمنية حاضرة لملاحقة وضبط مثل هذه المجموعات، ومنها خلايا مرتبطة بتنظيمات ارهابية متطرفة.
وفي الاجتماعات والتقارير خلال الايام القليلة الماضية، ابلغت الجهات الامنية القيادات السياسية ان الوضع الامني مضبوط وتحت السيطرة، وان الاجهزة في الجيش وقوى الامن تقوم بعملها بمسؤولية، أكان على صعيد حفظ الامن على الأرض، او على صعيد متابعة الخلايا الارهابية، او التي تهدد الأمن في اي منطقة من مناطق لبنان.
ومنذ ليل اول من امس وصباح الأمس، لوحظ ان الجيش والقوى الأمنية الاخرى اتخذت اجراءات احترازية في بعض مناطق بيروت والضاحية الجنوبية، من دون ان يسجل اي حادث يذكر، وتبين ان حملة تهويل كبيرة قد سجلت ليل اول من امس، وترافقت مع المسيرات الدراجة لانصار حزب الله و "امل" في مناطق وشوارع محدودة من الضاحية ومحيطها.
ووفق المصادر فان بعض ما ورد من معلومات عبر وسائل التواصل مغلوطة، ويندرج في اطار الاخبار المشبوهة ومحاولات صب الزيت على النار، مشيرة الى نموذج لهذا التهويل عندما وقعت وسائل اعلامية ومواقع الكترونية بفخ واكذوبة بعض الناشطين، الذين تحدثوا عن عودة اصحاب القمصان السود الى الشارع، ليتبين بالصور ومقاطع الفيديو ان المسألة لا تتعدى احتفال موظفي احد "مطاعم الفراريج" في خلدة، الى وصول عدد متابعي فروع هذا المطعم الى المليون.
وعلى الصعيد السياسي بقي السؤال المطروح: هل يذهب لبنان الى تصعيد وانفجار جديد؟ وهل تقدم "اسرائيل" على عدوان واسع جديد على لبنان، في ضوء الضغوط الأميركية الاخيرة؟
يقول احد المسؤولين وفقا للمعلومات المتوافرة لديه ولقراءته للتطورات الراهنة، ان قيام العدو "الاسرائيلي" بمزيد من الاعتداءات على الجنوب وفي العمق اللبناني مثل الضاحية الجنوبية أمر وارد وغير مستبعد في اي وقت، لكن احتمال شن حرب واسعة على لبنان غير مرجح في الوقت الراهن.
ويضيف استناداً الى تقارير ديبلوماسية والى المواقف الدولية، ان لبنان يمر في مرحلة دقيقة وصعبة جدا، ويمكن وصفه بأنه يقع في منطقة رمادية على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية. لذلك فان كل الاحتمالات واردة، ونحن امام احتمالين اساسيين: إما الذهاب أو الانحدار الى مزيد من الحصار والتضييق والتصعيد، او السير نحو الانفراج التدريجي.
ويستدرك المسؤول ليقول ان اجواء الانفراج لم تظهر مؤشراتها بعد، لا سيما ان المنطقة ما زالت تعيش مخاضا خطرا، وما زالت في مختبر مراجعة الحسابات بعد الحرب الايرانية ـ "الاسرائيلية" وتداعياتها. وبرأيه ان الوقت لم يحن لمرحلة الحسم، اكان باتجاه استئناف هذه الحرب او الذهاب الى تسوية في اطار رسم خريطة المنطقة.
ويلفت المسؤول الى ان المشهد ما زال ضبابياً بعد حرب الـ12 يوماً، وان طهران وفقا لمصدر ديبلوماسي ايراني خطت خطوات مهمة في اعادة تعزيز قدراتها العسكرية، تحسبا للعودة الى الحرب. كما ان "اسرائيل" التي استندت الى الدعم والتدخل الاميركي المباشر لمصلحتها، تحاول اظهار نفسها على انها انتصرت في هذه الحرب، وتسعى مع ادارة الرئيس ترامب الى توظيف هذا الأمر والاستثمار عليه في المنطقة.
ويشير المسؤول الى ان ايران من جهتها، وفق مصدر ديبلوماسي فيها، تعتبر انها نجحت في هذه الحرب، لأنها افشلت اهداف "اسرائيل" بضرب قوتها النووية والصاروخية وتصغير المشروع النووي الايراني. وهي اليوم اكثر جهوزية للحرب، على الرغم من انها ليست ضد مبدأ عودة التفاوض مع الولايات المتحدة، وفق تحديد الوقت المناسب لاستئنافها. كما ان طهران بعد الحرب انصرفت لوضع تكتيك أمني وسياسي جديد ،من دون التخلي عن استراتيجيتها طويلة الأمد.
وفي الخلاصة، يرى المسؤول ان هذه التطورات المتصلة بنتائج وتداعيات الحرب الايرانية ـ "الاسرائيلية"، مرشحة لأن تستمر في المرحلة الراهنة، وان انقشاع المشهد الاقليمي يحتاج الى مزيد من الوقت، الامر الذي يعني ان لبنان سيبقى في المرحلة الرمادية لشهور عديدة.
محمد بلوط -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|