أين بري من درب "اللارجعة" إلى الدولة؟
تجاوز الأمين العام لـ "حزب اللّه" الشيخ نعيم قاسم كلّ السقوف والخطوط الحمر. كان لوّح منذ أيام بقتال "كربلائي" للدفاع عن السلاح واتهم الحكومة بالرضوخ للأميركي والصهيوني، فظنّ سامعوه أنه الحدّ الأقصى الذي سيبلغه، لكنهم فوجئوا بأنه لا يزال يخبّئ المزيد. ففي خطاب ألقاه الإثنين، لم يتورّع، بحسب ما تقول مصادر نيابية سيادية لـ "نداء الوطن"، عن اتهام الدولة اللبنانية بالموافقة على قتل شعبها. صدِّق أو لا تصدّق، هذا ما قاله قائد "الحزب" الذي دمّر بتهوّره، لبنان، حيث توجّه إلى الدولة سائلًا: "هل يُعقل أن يطلبوا منكم قتل أهلكم وبلدكم وتعطيل قوّتكم، وأن تقولوا لهم سمعًا وطاعة؟".
"الحزب" ذهب بعيدًا جدًّا في مواجهة الشرعية ويمكن القول إنه نسف الجسور معها، وبات واضحًا أنه لن يعود إلى التعاون معها إلّا إذا رضخت لمطالبه، وأبرزها التراجع عن قرارات جلستي 5 و 7 آب، على أن يبقى سلاحُ "الحزب" معه حتى بعد التحرير وإعادة الإعمار، لكن ضمن استراتيجيةٍ دفاعيةٍ ما، تُحيي قاعدة "الجيش والشعب والمقاومة" مِن رمادها.
أين رئيس المجلس؟
انطلاقًا من هنا، فإن السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو "أين رئيس مجلس النواب نبيه بري، من درب "اللارجعة" إلى الدولة، التي قرّر "الحزب" سلوكها؟". بات من الضروري والملحّ، أن يحدّد الرجل تموضعه ويُبيّنه بوضوح. ذلك أنّ كل مواقف ركني "الثنائي"، تحمل تأكيدًا على أن "الحزب" وحركة "أمل" هما في صفّ واحد، متماهيان ومتفقان، وعلى أنّ محاولات دق إسفين بينهما لن تنجح. على أي حال، هما كان يحضّران لتحرّك شعبي مشترك ضد نزع السلاح، اليوم الأربعاء، قبل أن يتمّ تعليقه.
فهل هذا يعني أنّ بري يؤيّد الانقلابَ الذي يقوده "حزب اللّه" على الشرعية اللبنانية؟ هل هو داعم للاتهامات التي يسوقها ضد أهل الحكم، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام؟ هل هو أيضًا يرفض مبدأ الخطوة مقابل الخطوة؟ هل يريد تقديس السلاح والموت من أجل الاحتفاظ به؟
حتى الساعة، يضع "الإستيذ" رجلًا في "البور" ورجلًا في "الفلاحة"، تتابع المصادر. فهو يستقبل موفدي "الشيطان الأكبر" ويفاوضهم. ونسمع من وزير المالية ياسين جابر كلامًا موزونًا هادئًا، عن قرارات الحكومة وعن السلاح. لكن في الوقت نفسه، تلتصق "أمل"، بـ "الحزب" وترتضي النزول معه إلى الشارع لحماية السلاح.
الزئبقية لم تعد شطارة
هذه الزئبقية لم تعد تفصيلًا ولا شطارة، تقول المصادر. فصمتُ بري الطويل عن تفلّت خطاب قاسم، يُعتبر دليل رضى عنه، ويعني أن بري موافقٌ على انقلاب "الحزب" على الشرعية، لا بل يجعله شريكًا فيه. لكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فعليه بالشروع فورًا في مسار فك الارتباط الوثيق بـ "الحزب"، والإعلان جهارًَا أن سقف قاسم وأدبياته، لا يمثلان حركة "أمل" أو رئيسها ولا يلزمانهما، وعليه أن يؤكد أيضًا أن رئيس المجلس، في صلب الشرعية وجزء لا يتجزأ من الدولة ومن المؤسسات الدستورية وأنه متمسّك بها.
لا يمكن لهذه الازدواجية أن تستمرّ، وفق المصادر، ولو بحجّة إبقاء خط تواصل بين "الدولة" و "الحزب". وعلى بري أن يعرف أن لِاستمراره في مسايرة "الحزب"، تداعيات، ولابتعاده التدريجي والذكي عنه، تداعيات أيضًا. الأولى، تُغامر بمصير الطائفة الشيعية وتسلّخها عن النسيج الوطني. والثانية، تعيدها إلى كنف الدولة وتحميها وتجعل أبناءها شركاء في ورشة النهوض بها. فهل يحسم بري خياره مرة لكلّ المرّات؟
لارا يزبك -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|