إقتصاد

استهداف مصرف لبنان عبر عقد K2 Integrity

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يدخل ملف جديد آخر في دوّامة النقاشات السياسية التي لا تؤول ولا تهدف سوى إلى العرقلة، وإطاحة الهدف الإصلاحي الأساسي، على غرار كل الإجراءات والإصلاحات المالية والنقدية المقترحة منذ العام 2019 ولغاية اليوم.

شهدت الاتفاقية التي أبرمها مصرف لبنان مع شركة K2 Integrity الأميركية، لمساعدته في مكافحة توسّع الاقتصاد النقدي، والتصدي للأنشطة غير المشروعة والاحتيالية بكافة أشكالها، جدلًا بيزنطيًا عقيمًا. ومن المعلوم أن الاتفاقية تهدف إلى الخروج من اللائحة الرمادية الصادرة عن مجموعة العمل المالي (FATF) حيث ستقدم K2 Integrity الدعم الفني والاستشاري اللازمين لتعزيز أنظمة مكافحة غسل الأموال (AML) ومكافحة تمويل الإرهاب في لبنان.

بعد توقيع العقد مع الشركة الأميركية في تموز الماضي، ظهرت في الآونة الأخيرة آراء تعارض طريقة إبرام العقد من دون المرور بهيئة الشراء العام وأخذ رأيها، في حين أكد مصرف لبنان وبرهن أن ما قام به قانوني ويتوافق مع ما ينصّ عليه قانون النقد والتسليف، إلا أن محاولات نسف هذا العقد، تخفي مسعىً مبطّنًا جديدًا من خلال الغوص في متاهات فارغة، لإطاحة جهود مصرف لبنان في مكافحة تبييض الأموال والتخلّص من الاقتصاد النقدي الذي يغذي عمليات تجارية ضخمة ويؤمّن التمويل اللازم لأطراف غير شرعية متعددة.

ما يبرزه الطرفان، مصرف لبنان والمعارضون مثل نواب وجّهوا أسئلة حول العقد إلى الحكومة، من أدلّة قانونية حول أحقية وجهة نظرهما، قد يكون صحيحًا في الحالتين، إلا أن الوقوف عند بعض القشور من أجل الاستعراض وتسجيل بطولات وهمية أو من أجل إلهاء المواطنين عن الإصلاحات الجوهرية المطلوبة لمعالجة الأزمات المالية والنقدية والاقتصادية، لم يعد منطقيًا اليوم، لأن بيت القصيد يكمن في تلبية مطالب المجتمع الدولي، بإقرار القوانين المالية وإصلاح النظام المصرفي بدءًا من القضاء على الاقتصاد النقدي ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وصولًا إلى إقرار قانون الفجوة المالية والبدء بتسديد أموال المودعين من أجل عدم تعريض لبنان لعقوبات دولية جديدة، وإلى إمكانية إدراجه على اللائحة السوداء، خصوصًا أنه في تشرين المقبل ستجتمع مجموعة العمل المالي وقد تضع لبنان على اللائحة السوداء إن لم تحرز الحكومة أي تقدم في إطار التوصيات التي وضعتها المجموعة للخروج من اللائحة الرمادية.

وبغض النظر عن الشق القانوني المتعلق بعقد K2 Integrity فإن ما يحصل يؤكد سعي مجموعات وأطراف معيّنة للقضاء أو لضرب استقلالية مصرف لبنان، وقد بدأت هذه المساعي القديمة الجديدة مع وزير المالية علي حسن خليل وتبلورت مؤخرًا بالإشكالية التي رافقت قانون إعادة هيكلة المصارف لتتجسد حاليًا بالعقد مع الشركة الأميركية، لأن لا مصلحة لكلّ من يتعامل بـ" الكاش " ويستفيد من نمو الاقتصاد النقدي، بهذا العقد. ولو كانت النيّة صافية والهدف هو الإصلاح والقضاء على الاقتصاد النقدي، وليس محاربة حاكم مصرف لبنان فقط، لكانت مقاربة الاعتراض اختلفت وطُلب منه "تشريع" هذا العقد بأي طريقة والسير به.

في هذا الإطار، أوضح مسؤول سابق في مصرف لبنان أن الأطراف الثلاثة المعنيّة أوّلًا بهذا العقد هي المجلس المركزي في مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف لأنها الجهات المسؤولة عن موضوع تطبيق معايير الامتثال الدولية، مؤكدًا أن الخروج من اللائحة الرمادية أمر ضروري وملحّ ويجب أن يتم وفق خطة واضحة ينخرط فيها، ليس مصرف لبنان فقط، بل مؤسسسات الدولة كافة.

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أنه بغض النظر عن الخلاف القانوني حول العقد، فإن المشكلة الأساسية القائمة في لبنان متعلّقة بالاقتصاد النقدي والسيولة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي، وبالتالي فان عدم معالجة هذه المشكلة يعني انعدام فرص لبنان بالخروج من اللائحة الرمادية.

وسأل: من يستطيع وضع خطة لمعالجة هذه المشكلة والتخلّص من الاقتصاد النقدي، ويملك في الوقت نفسه مصداقية أمام المجتمع الدولي؟

بما أن الحكومات المتعاقبة لم تطبق أي من التوصيات التي وضعتها الـ FATF للخروج من اللائحة الرمادية منذ 2023، فإن أهمية الشركة الأميركية اليوم، وفقًا لعجاقة، تكمن في نقطتين أساسيتين:

- انها شركة متخصصة في مكافحة توسّع الاقتصاد النقدي، وتملك القدرات والخبرات والتقنيات الحديثة المطلوبة واللازمة مثل الذكاء الاصطناعي لكشف عمليات مشبوهة ومكافحتها ومنع انخراطها بالاقتصاد.

- تحوز هذه الشركة على ثقة الإدارة الأميركية وتملك مصداقية أمامها، وهو أمر إيجابي يدعم مسار الخروج من اللائحة الرمادية وتجنّب المزيد من العقوبات الدولية والأميركية خصوصًا .

وفيما لفت عجاقة إلى إمكانية وجود شركات أخرى بهذا الاختصاص، اعتبر "أن الوقت يداهمنا، ومهما كانت النوايا أو الخلفيات وراء الاعتراضات على العقد، فان السير بهذه الشركة أو غيرها يجب أن يتم بسرعة، لأن عدم القضاء على اقتصاد الكاش، سيُبقي لبنان في حالة الانهيار هذه طوال سنوات! مشيرًا إلى أنه في ظلّ الحصار القائم عبر الحدود الشرقية والشمالية من قبل النظام السوري الجديد، والحصار الإسرئيلي في البحر والجوّ، بالإضافة إلى الرقابة التي تفرضها الدولة اللبنانية على المرافئ البحرية والجوّية، لم يعد إدخال الأموال النقدية إلى لبنان أمرًا ممكناً.

وبالتالي، إن لم تحصل عملية استيعاب السيولة النقدية المتوفرة، في القطاع المصرفي ضمن أطر رسمية تحصل على موافقة دولية وخصوصًا أميركية، فإن التحويلات المالية ستصبح غير ممكنة وسيتوقف الاستيراد وسيوضع لبنان على اللائحة السوداء.

وختم عجاقة مؤكدًا أن الشركة الأميركية، التي جرى الاتفاق معها قادرة، في أسوأ الأحوال، على منع إدراج لبنان على اللائحة السوداء، إن لم تستطع إخراجه من اللائحة الرمادية سريعًا. 

مصرف لبنان يوضح

وفي السياق، أكد مصدر في مصرف لبنان قانونية الاتفاقية مع شركة K2 Integrity، في معزل عن مسألة التقيّد بأحكام قانون الشراء العام،  وفق الحقائق التالية: 

‎1- إن المادة /6/ من القانون المذكور أعلاه تشير إلى ضرورة احترام مبدأ المحافظة على سرّية معلومات أي اتفاقية تتعلق ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ لا سيما المصالح الاقتصادية والنقدية المعني فيها مباشرة مصرف لبنان.

2-‎ إن الفقرة (4) من المادة /46/ من قانون الشراء العام تُجيز لأي جهة شارية أن تقوم بإبرام اتفاقات رضائية عند شراء خدمة "ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﺴﺮي ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻷﻣﻦ أو اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻮﻃﻨﻲ، وذﻟﻚ وﻓﻘًا ﻟﻘﺮار ﻳﺘَّﺨَﺬ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ﺑﻨﺎء على اﻗﺘﺮاح اﻟﻮزﻳﺮ اﻟﻤﺨﺘﺺ اﻟﺬي يحدد اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺴﺮﻳﺔ ﻟﻠﺸﺮاء وأﺳﺒﺎب اﻟﺘﻌﺎﻗﺪ اﻟﺮﺿﺎئي".

3- إن مجلس الوزراء وافق بموجب قراره رقم /3/ تاريخ 2/10/2024 على منح المجلس المركزي لمصرف لبنان الصلاحيات المنصوص عليها في الفقرة (4) من المادة /46/ المذكورة أعلاه.

4- إن مصرف لبنان، تقيّدًا بأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه أعلاه، وافق بموجب القرار رقم 144/أ.ع/3 تاريخ 9/7/2025 على التعاقد مع شركة K2 Integrity عن طريق اتفاقية رضائية سريّة.

5- إن مواصفات وتفاصيل اتفاقية التعاون المبرمة مع شركة K2 Integrity لا يجوز الإفصاح عنها بشكل علني حفاظًا على المصالح الاقتصادية والنقدية التي يعنى بها مصرف لبنان مباشرةً، مما يؤكد الطابع السريّ والأمني لهذه الاتفاقية.

6- في مطلق الأحوال، وتداركًا لأي تأويل في غير محلّه، وبهدف ضرورة تحقيق الغاية المرجوة من العقد المنوي إبرامه في أسرع وقت ممكن، وبغية تعزيز مبدأ المنافسة المنصوص عنه في قانون الشراء العام، قام مصرف لبنان بتاريخ 1/5/2025 بمقاربة سبع شركات عالمية متخصّصة في مجال إدارة المخاطر العالمية والامتثال والتحقيقات المالية وذلك بالرغم من الطابع السري والأمني لهكذا نوع من العقود.

نتيجة هذه المقاربة، تبيّن أنّ شركة K2 Integrity تتمتع بأوسع خبرة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والاقتصاد النقدي وتتمتع بخبرة ميدانية واسعة في منطقة الشرق الأوسط، مع الإشارة إلى أن الشركة المعنية هي صاحبة أنظمة خاصة بها، حديثة ومتطورة في هذا المجال، وهي تعمل على تقديم المشورة للمصارف المركزية، والحكومات، والمصارف التجارية والاستثمارية وشركات الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية بأفضل الطرق.

فعليه،

إن ما ورد أعلاه، يؤكد ضرورة وقانونية إبرام اتفاقية التعاون مع شركة K2 Integrity بطريقة رضائية سريّة استنادًا الى أحكام الفقرة (4) من المادة /46/ من قانون الشراء العام واستنادًا إلى المعايير الفنية والتقنية التي تتميز بها هذه الشركة.

رنى سعرتي - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا