برود سوري وحسابات باردة على خط بيروت-دمشق
لم يُعط وصول الوفد السوري التقني إلى بيروت، بعد تأجيل متكرّر، أهمية إعلامية، رغم أهمية الخطوة المتأخرة التي لا يبدو انها كانت على قدر آمال السلطة اللبنانية، فالوفد لم يأتِ إلا لمقاربة ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية. هذا التخصيص أثار تساؤلات في بيروت حول أسباب تضييق دمشق لأجندتها إلى هذا الحد، فيما العلاقة بين البلدين مزدحمة بملفات أساسية كملف الحدود، النازحون، المعابر، التبادل التجاري، وحتى التنسيق الأمني.
مصادر سياسية لبنانية متابعة لملف العلاقات مع دمشق تقول إنّ القيادة السورية الجديدة تتعامل مع لبنان ببرودة كبيرة، فبعد سنوات الحرب وإعادة التموضع الإقليمي، تغيّر موقع لبنان في الحسابات السوريّة إذ لم يعد "الأولوية" أو "الخاصرة الحسّاسة"، بل بات ملفاً ثانوياً على طاولة دمشق.
القيادة الجديدة الخارجة من حرب داخلية مدمّرة، ترى أنّ أولوياتها الفعلية تتمحور حول تثبيت شرعيتها في الداخل والخارج، إعادة إعمار الداخل، واستعادة دورها الإقليمي. أمّا لبنان، الممزّق سياسياً واقتصادياً، فهو بالنسبة إليها ساحة غير مستقرة، تخضع بعلاقتها معه للقيود السعودية التي تلعب دور الراعي لهذه العلاقة.
وتضيف المصادرأنّ دمشق، رغم زيارة رئيسي حكومة إليها، لم تُبادر بعد إلى إرسال وفد وزاري موسع إلى لبنان، هذا يعكس قلّة حجم الإهتمام، والذي لا بد أن يكون قراره عربياً، بالتزامن مع حملة الضغوط التي تُخاض على لبنان بملف السلاح والعلاقة مع إسرائيل، لذلك لا تهتم سوريا سوى بالملف الأكثر أهمية بالنسبة لقيادتها الجديدة وهو الموقوفين، بسبب الضغوط التي يُمارسها الداخل السوري على هذه القيادة بهذا الملف تحديداً.
بحسب المصادر نفسها، تعتبر دمشق أنّ هذا الامر يختزن بعداً سيادياً داخلياً، فهي تريد أن تظهر أمام شعبها بأنها تحمي مواطنيها وتستعيدهم من السجون اللبنانية، ما يمنحها ورقة قوّة داخلية، كما أنها تسعى لإفهام بيروت أنّها من يُحدد الأولويات والملفات، وهي قادرة على فرض أولوياتها متى شاءت.
أما ملف النازحين، الذي ينهك لبنان ديموغرافياً واقتصادياً، فلا تضعه دمشق في سلّم الأولويات الثنائية. السبب برأي المصادر أنّ النزوح ورقة تفاوضية بيد سوريا مع المجتمع الدولي، خصوصاً أوروبا التي تخشى موجات لجوء إضافية، فهو كان كذلك مع النظام السابق ويبدو أنه كذلك مع النظام الجديد. وبالتالي، لا ترى القيادة السورية مصلحة في حسمه ما لم يترافق مع تفاهمات أوسع على طاولة المفاوضات الدولية، كما هناك وجهة نظر تقول أيضاً أن القيادة السورية حتى وإن رغبت بإنهاء هذا الملف لن يسمح لها الطرف الأميركي الذي يُدير اللعبة، كونه من الملفات التي يمكن اللعب بها في الساحة اللبنانية.
تم الإتفاق خلال زيارة الوفد السوري ولقائه مع نائب رئيس الحكومة طارق متري على تشكيل لجنتين لمتابعة ملفي الحدود والموقوفين، وبدء العمل تمهيداً لزيارة وفد وزاري سوري إلى لبنان مستقبلاً، وبحسب المصادر فإن ملف الحدود لا يخضع للقرار السوري واللبناني، بل هو بيد الرعاة الخارجيين، الأميركي والسعودي، ومن الواضح أن ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا يدخل في نفس سياق ما يُحكى عن تثبيت للحدود بين لبنان واسرائيل، وبالتالي فإن ما يعني القيادة السورية هو فقط ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.
محمد علوش -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|