عصابات كبتاغون وكوكايين في الشمال: استيراد وتصدير!
مساء السبت السادس من أيلول كانت بلدة بخعون السياحية، التي تشكل منتزهاً ومتنفساً للمئات من أبناء طرابلس والجوار، مسرحاً لحدث أمني لافت. فبعدَ أيامٍ من الرصد والمراقبة الدقيقة، أنهى مكتب مكافحة المخدرات استعداداته لتنفيذ عملية كشفت المستور، وفاجأت حتى أهالي البلدة.
بدأت العملية سريعةً ومنظمة في قلب بخعون: شاحنة نصف ممتلئة بالمخدرات متوقفة عند أحد المخازن. رجال يحاولون بسرعة إخفاء الشحنة. أصوات أجهزة الاتصال تملأ المكان، في حين يترقب عناصر الأمن كل حركة بعناية. ثوانٍ قليلة كانت كافية لتسيطر عناصر الأمن على المشهد، حيثُ ضبط حوالي 600 شوال و500 سطل من المواد المخدّرة. وكانت النتيجة توقيف كل من ب.الشيخ، وهو عسكري سابق انتهت خدمته بطردٍ تأديبي، وأ. الصمد، وهو تاجر خضار وفواكه، معروف بين أهل بلدته وأبناء الشمال بامتهانه التجارة العامة.
الوِجهة محليّة وخليجية
برغم أن التحقيقات لا تزال في بدايتها، إلا أنّ المعلومات تكشف عن شبكة منظّمة تضم 11 شخصاً، معظمهم من خارج بخعون، وهو ما يجعل القضية أبعد من مجرد “خلية محلية” للاتجار بالمخدرات.
وكشفت مصادر “المدن” أن الشحنة الضخمة لم تكن مخصصة للسوق المحلية فحسب؛ بل كان جزء كبير منها معدّاً للتهريب إلى إحدى دول الخليج، وهذا ما يعكس حجم الشبكة وتشعّب نشاطها الإقليمي والمحلي.
ميدانياً، لوحظ تباين في ردود فعل السكان على عملية التوقيف هذه، وضبط هذه الكميات الكبيرة من المخدرات. فالبعض يشعر بالارتياح لنجاح العملية وتخليص المنطقة من شرور المخدرات وآفاتها. في حين يعرب آخرون عن مخاوفهم من أن تؤثر هذه الحادثة على سمعة البلدة، معتبرين أن ربط اسم بخعون بهذه الشبكات قد يضر بالاقتصاد المحلي والهدوء الاجتماعي، الذي لطالما تغنّت بهما البلدة على مدار عشرات السنين.
وفي هذا الصدد أصدرت بلدية بخعون بيانًا أكدت فيه رفضها التام لأي تشويه لصورة البلدة، مشددة على أن بخعون “ستبقى نظيفة، آمنة، وملتزمة بالقوانين”، ودعت الإعلام إلى توخي الدقة، وعدم ربط اسم البلدة بأي نشاط مشبوه.
توظيف سياسي وانتخابي
ولم تقتصر المداهمة على بعدها الأمني فحسب؛ بل سرعان ما بدأ التوظيف السياسي للحدث. فقد عمدت بعض الأطراف السياسية إلى استغلال الأمر، في محاولة لتوجيه “رسائل” بغية تحقيق مكاسب في الانتخابات النيابية المقبلة. إذ حاول البعض تصوير البلدة كأنها مركز للجريمة المنظمة.
في حديثه لـ”المدن” قال المحامي علي الغول (مرشح سابق عن المقعد النيابي في الضنية): “أدعو جميع الطامحين إلى العمل السياسي، أو المصطادين في الماء العكر، إلى أن يبتعدوا عن الفتنة من أجل الكسب والمصالح. فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح. وأدعو كل العاملين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن يكفوا عن هذه المهاترات، ويترفعوا عن الأخطاء التي لا تجلب لنا إلا الخراب والدمار والاقتتال. فهذا الوقت غير مناسب لبدء معركة الانتخابات النيابية المقبلة من بوابة المخدرات، واستغلال القضية لمآرب شخصية ذاتية أو عائلية أو تعصبية بحتة”.
شحنة كوكايين بحرية مستوردة
على بعد عدّة كيلومترات وفي ميناء طرابلس، كشفت الأجهزة الأمنية اللبنانية عن واحدة من أكبر عمليات تهريب المخدرات في السنوات الأخيرة. 125 كيلوغرامًا من الكوكايين، مخبأة داخل 840 غالونًا من الزيوت والشحوم الصناعية، كانت في طريقها من البرازيل مرورًا بسلطنة عمان، قبل ان تحطّ رحالها في شمال لبنان. العملية تمت بدقة عالية، وأسفرت عن توقيف شخصين، في حين تواصل السلطات تحقيقاتها لملاحقة باقي المتورطين.
وزير الداخلية أحمد الحجار أكد أن قيمة الشحنة تقدر بـ15 مليون دولار، مشيدًا بالتعاون الأمني العربي، ودور وزارة الداخلية السعودية في تبادل المعلومات الاستخبارية الدقيقة.
من بخعون إلى طرابلس، تثبت هذه العمليات الأمنية أنّ لبنان في وجه عاصفة تهريب للمخدرات على جميع المستويات: براً وبحراً وجواً. من الشبكات الكبيرة في قرىً لم تعهد هذه الظاهرة من قبل، إلى جديد استيراد شحنات ضخمة عبر الموانئ، يُسجَّل للقوى الأمنية نجاحها في واحدةٍ من معارك حربٍ طويلة لم تنته فصولها بعد.
المدن - جمال محيش
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|