عربي ودولي

"الكتلة الوطنية" مجدداً.. هل تنجح شعارات الماضي بمنع تفكيك سوريا؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد نحو أسبوعين على تأسيس "المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا"، (المعني أساساً بمناطق محددة في سوريا) أطلق عدد من السياسيين السوريين "الكتلة الوطنية"، وهو ما أعاد إلى الذاكرة كتلة ظهرت بالاسم ذاته في عشرينيات القرن الماضي، بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا، وأدت دوراً بارزاً في تاريخ البلاد.

وإن كان شعار "جمع أراضي البلاد السورية المجزأة في دولة واحدة"، من أبرز مبادئ "الكتلة الوطنية" كما طرحتها عام 1932، فإن المفارقة التي يجسدها ظهور "الكتلة الوطنية" مجدداً، هو أنها تأتي وسط دعوات متزايدة لإنشاء "أقاليم" منفصلة عن سلطة دمشق، أبرزها في شمال وشرق سوريا، حيث قطعت القوى هناك خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، إضافة إلى السويداء التي بدأت تؤسس لإقليم منفصل، والساحل السوري الذي يبدو أنه يتجه في المسار ذاته.

فهل جاءت "الكتلة الوطنية" رداً على دعوات الانفصال عن سلطة دمشق؟ وما العوامل التي تجعل منها قوة مؤثرة كما كان حال سابقتها في تاريخ سوريا؟

الوطن للجميع
حسب البيان الذي تلاه الحقوقي السوري هيثم مناع، بوصفه "عضو لجنة التواصل" في الكتلة، فإن أهم مبادئ "الكتلة الوطنية" تجاوز "حالة التشرذم" التي تعيشها البلاد.

وكان لافتاً أن "الحزب الجديد" حدد "شعاره الأسمى" (حسب البيان) بعبارة "الدين لله والوطن للجميع"، وهي العبارة التي ارتبطت تاريخياً بأحد أبرز رموز سوريا، قائد الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي سلطان باشا الأطرش.

ويعكس التركيز على الشعار، محاولة لإحياء خطاب جامع في مواجهة الاستقطاب الطائفي الحاد في البلاد، والذي طغى على التوجهات السياسية فيها منذ وصول تنظيمات ذات خلفية دينية إلى السلطة، وارتفاع حدة دعوات الانفصال بعد جرائم وانتهاكات ذات طابع طائفي.

وعن واقع من التشرذم الذي تعيشه البلاد مقسمة بين فصائل عسكرية وسلطة بدت غير قادرة على توحيد الفصائل التي أعلنت أكثر من مرة عن حلها، قال مناع إن من أهداف "الكتلة الوطنية": "وحدة سوريا، وهي حرّة ومستقلّة، في لا مركزية موسّعة منبثقة من المجتمع لا من قرارات الفصائل التي تُفرَض على الناس".

كذلك تتبلور شعارات "الكتلة الوطنية" المضادة لدعوات الانفصال في نص المبادئ الذي تلاه "عضو لجنة التواصل" طارق الأحمد، وجاء على رأس تلك المبادئ: "وحدة سوريا الجغرافية والسياسية وعدم قابلية التجزئة، مع تجريم أي دعوات للتقسيم أو الانفصال".

ومن تلك المبادئ أن الشعب السوري يتمسك "بوحدة شرائحه وبالحقوق الوطنية المرتبطة بالسيادة على كامل الأرض السورية ووحدتها وتحرير الأراضي المحتلّة، والدفاع عنها ضدّ أي عدوان خارجي".

إلا أن تلك المبادئ حاولت أيضاً التوافق مع معطيات الراهن، لتشدد على ضرورة الالتزام بوضع "أسس لا مركزية الدولة".

وأشارت إلى أن الدولة "تُنظَّم وتُحكَم بأسلوب من اللا مركزية، بما يكفل استقلال السلطات المحلّية لتحقيق التنمية". وأنها تتكوّن من وحدات لا مركزية (الإقليم، المحافظة، البلدية...) تمثّل المجتمعات المحلّية.

شعارات
لم تكد "الكتلة الوطنية" تعلن عن نفسها حتى بدأت ردود الفعل تتناولها انتقاداً في الغالب، أو ترحيباً في حالات أقل، وكان من أبرز الانتقادات التي وُجهت إليها أنها تضع "شعارات" عامة، لا تمتلك آليات تنفيذها، وهو ما يمايز تلك التجربة عن تجربة "الكتلة الوطنية" السابقة التي أعلنتها مجموعة من القوى والشخصيات المعروفة في تاريخ سوريا عام 1928.

وكانت تسعى إلى طرد الاحتلال الفرنسي، واستطاعت أن تستقطب جمهوراً واسعاً وتنظم تظاهرات، رغم أن بعض المؤرخين ما زالوا ينظرون إليها على أنها كانت بعيدة عن الناس، إذ كان أغلب مؤسسيها من مُلاك الأراضي.

وُجهت الانتقادات من مؤيدي السلطات الجديدة، وكذلك من مؤيدي الانفصال عنها، إذ إن معظم مؤيدي السلطة ينظرون بريبة وحساسية شديدة تجاه أي كيان سياسي جديد، أما معظم معارضي السلطة فينظرون بريبة لكل دعوة إلى البقاء تحت حكم تلك السلطة، وهو ما يضع "الكتلة الوطنية" أمام تحدٍّ حقيقي في قادم الأيام.

أبرز ما تفتقر إليه "الكتلة الوطنية" هو أدوات تحقيق شعاراتها، وقد عبّر عن ذلك أحد السوريين بتعليق على صفحة "الكتلة الوطنية" إذ كتب: "بالشعارات الرنانة لن تفضوا لشيء.. يجب أن ينضم إليكم من يشكل قوة على الأرض.. لكن أن تعلنوا تكتلاً يؤمن بما قبل الأزمة السورية لن ينجح بتاتا".

وفي واقع سوري يتسم بانقسامات عميقة فإن المراهنة على تحقيق الشعبية ما زالت بعيدة عن التحقق، وخاصة أن الصراع الذي شهدت البلاد تجربتين من تجلياته (في الساحل السوري ومحافظة السويداء)، اتسم بالعنف، والحسم العسكري.

أما دعوات الوحدة التي تعني البقاء تحت حكم السلطة الجديدة، فلا تلقى تأييداً كالذي عاشته البلاد في النصف الأول من القرن الماضي، حين كان السوريون يواجهون سلطة أجنبية احتلت بلادهم.

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا