ياسين جابر: "مش راكبة" نغيّر السياسات الضريبية الآن
وزير المال ياسين جابر واضح جداً مع أنه لا يقدّم أجوبة مباشرة. فهو يريد تحسين التحصيل الضريبي بدلاً من التغيير في السياسات الضريبية. ويريد الهيئة المنظّمة للكهرباء وفق خطّة يروّج لها كأنه وزير الطاقة لا المالية. وهو واضح أيضاً لجهة التزامه الكامل بالخطوط التي ترسمها المؤسسات الدولية، وأهمها صندوق النقد، لذا يقدّم للعاملين في القطاع العام وعوداً بلا التزامات عن تحسين رواتبهم، ولكنه لا يرى في متعاقدي الهيئات الناظمة مثلاً، إلا رواتب عالية ستخضع للقصّ «ويلي مش معاجبو يفلّ»... ويتساءل: لماذا لم تُشِر «الأخبار» إلى أن اللجنة المكلّفة بإعداد مشروع قانون الفجوة المالية حذفت اسم رئيس اللجنة؟ وهو أيضاً لا يوافق على غالبية الإجراءات الواردة في الخطّة المسرّبة، إلا أنه يقول إن مسؤولية تأكيد الأرقام تقع على حاكم مصرف لبنان. جابر واضح بأنه لا يريد تحمّل ضغوط الهيركات الوارد في الخطّة. وضوح جابر، أنه لا يريد أي تغيير، بمقدار ما يرغب في الخصخصة والتمهيد لها. وهو أيضاً واضح في أن التعاطي مع إعادة الإعمار ليست متأخّرة رغم أن تخصيص مبلغ 50 مليون دولار للترميم الإنشائي تطلّب أشهراً من الأخذ والردّ!
■ أحيلت موازنة 2025 إلى مجلس النواب خالية من أي تصورات إصلاحية، باعتبار أن موازنة 2026 ستخصص لهذه الغاية، إلا أنكم رفعتم إلى مجلس الوزراء مشروعاً يغلب عليه التشغيل. فهل أوصى صندوق النقد الدولي بتأجيل الإصلاحات؟
لزيادة الاستثمارات في الموازنة يجب تأمين مداخيل. التوصية الأساسية لصندوق النقد الدولي هي التوازن. لا يريدون عجزاً في الموازنة. إذا أردنا تأمين أموال لإقامة مشاريع استثمارية أخرى، علينا زيادة الضرائب على الناس. لكن قمنا بخيار ثانٍ عبر قروض طويلة الأجل (30 سنة) تصل إلى مليار دولار، بفوائد مخفضة، و8 سنوات سماح. هذه الأموال ستذهب على المشاريع الاستثمارية.
فنحن ذاهبون في اتجاه إعادة هيكلة قطاع الطاقة، ومفتاح هذا المشروع اسمه الهيئة الناظمة للقطاع، وفي نهاية المطاف سيبقى قطاع النقل في شبكة الكهرباء بيد الدولة وسيتحول قطاع التوليد بعد تشركة مؤسسة كهرباء لبنان، إلى رخص لشركات خاصة مثل «سيمنز» وغيرها، وستعطى الجباية والتوزيع للقطاع الخاص لأنّ مشكلة الكهرباء الأساسية أنّ الجباية تُحمّل الدولة أعباء كبيرة منها ثمن الوقود اللازم للإنتاج والذي أنفقنا عليه عشرات المليارات من الدولارات.
والسياسة الأساسية التي تبنيناها هي عدم تخصيص أموال من الخزينة للكهرباء. هناك قرض بـ250 مليون دولار سيستثمر في قطاع نقل الكهرباء بسبب الشبكات المضروبة وغرف التحكّم، وهناك قرض بقيمة 257 مليون دولار لاستكمال مشروع المياه في بيروت الكبرى، وقرض بقيمة 200 مليون دولار للزراعة، فضلاً عن قرض لإعادة الإعمار.
■ لماذا لا يصار إلى إعادة النظر بالسياسات الضريبية. مثلاً أحد مستشاري الرئيس ميقاتي اقترح سابقاً ضريبة على الثروة، بينما أنتم الآن تتركون الضرائب التي تصيب الناس؟
نحن هنا من 7 أشهر. «روقوا علينا شوي». لدينا الكثير من الأفكار التي تحتاج وقتاً. لا أحد يقدّر حجم الاهتراء في مؤسّسات الدولة. في الأبنية الحكومية ستجد مصاعد معطلة وكهرباء غير موجودة وملفات متراكمة. نجرّب «نفض» الأمور تدريجياً. أجهزة المعلوماتية في الدوائر العقارية لم تحدّث منذ عام 2005. وفي المالية العامة بدأنا بالمكننة ويفترض أن ينتهي العمل في الجمارك خلال تشرين الثاني. قبل التفتيش عن الموارد المفقودة بسبب الاهتراء، لماذا عليّ وضع ضرائب جديدة؟ يجب استنفاد قدرتي على تحسين الجباية.
■ أنت اقترحت فرض ضريبة على المحروقات لتدفع المنحة للعسكريين، ما يعني أن المجال مفتوح، ولكن ليس نحو خطوات معمّقة؟
أنا لا أضع نظريات، بل أقوم بخطوات عملية. فإذا لم أتمكن من الإشراف، وليس لديّ دعم تقني، ولا نظام معلوماتية جديد، لا يمكنني تحسين الجمارك. الآن، نقوم بتغيير كلّ النظام الذي يتعامل به الجمارك مع المستوردين. حالياً، التزوير شغال. لو زدنا رسماً ما، إنّما ليست لدينا القدرة على تنفيذه، فلن ننجح. عملنا هو الإصلاح الحقيقي لا النظري.
■ التحصيل ضروري، ولكن السياسات تحدّد غايات التحصيل ومصادره؟
أولاً عليّ تحقيق نسب الضرائب الحالية قبل التفكير بضرائب إضافية. مثلاً لرفع الضريبة على الشركات من 17% إلى 25%، يجب تحصيل نسبة الـ17%. البنية التحتية تمكّن من تنفيذ السياسات. الآن لدينا نظام ضريبي، ولكن هل يطبق؟ كلا لا يطبق، هناك ألف شركة لم تدفع الضريبة على القيمة المضافة المستحقة عليها.
■ هل هذا يعني أنه قبل أي تغيير بنيوي، سنركز على البنية التحتية المتعلّقة بالتحصيل؟
نريد بناء إدارة قادرة على التعاطي بفعالية على المطلوب منها، ثمّ نرى التغييرات المطلوبة. لبنان يعاني من انعدام الثقة بسبب الظروف الأمنية، بالتالي هل الوقت مناسب لفرض ضرائب إضافية على الناس ودفعها للهرب؟ إجابتي، كلا. اقترحوا ضرائب جديدة للاستفادة منها.
في بعض الأحيان، إن قراراً بسيطاً ينطوي على أثر كبير، ففي بريطانيا كان لديهم سياسة اسمها «non dom»، (ويسمح هذا القانون الضريبي للمقيمين في بريطانيا ويعملون خارجها بعدم دفع ضرائب على مداخيلهم، وهو يفيد كثيراً الأغنياء، إذ يعطيهم إعفاءات ضريبية كبيرة)، وبعد إيقاف العمل بهذه السياسة، هرب الناس (الأغنياء) من بريطانيا، واتجهوا نحو دبي وسويسرا وإيطاليا الذين غيّروا نظامهم الضريبي.
لا يزال لبنان في غرفة العناية الفائقة. ومع الوقت يجوز إدخال تغييرات، إنّما الآن الوقت مناسب لإقناع الناس بالبقاء أو العودة. فرض ضرائب عالية في هذا الوقت «مش راكبة».
■ في ملف إعادة الإعمار، لماذا خصصتم مبالغ صغيرة للهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب، واكتفيتم بربط الجزء الثاني من إعادة الإعمار بالقروض الدولية؟
لدينا مبالغ جيّدة في احتياطي الموازنة يمكن استخدامها لإعادة الإعمار، وهي تصل إلى 70 مليون دولار. من أسبوعين أعطينا مجلس الجنوب 18 مليون دولار لاستكمال أعمال إزالة الردم.
وفي ما يتعلّق بالأبنية المتصدّعة إنشائياً في الضاحية، وعددها 500 مبنى، قالوا لي إن كلفة إعادة تأهليها تصل إلى ما بين 40 مليون دولار و50 مليون دولار، فأعطيتهم الآن 200 مليار ليرة لوضع دراسة بالتنسيق بين خطيب وعلمي واتحاد بلديات الضاحية (قالوا إن الدراسة موجودة لكننا اكتشفنا أنها غير موجودة)، وهناك 10 ملايين دولار للهيئة العليا للإغاثة يمكن صرفها الآن، و10 ملايين أخرى لاحقاً.
لكن مشروع إعادة الإعمار الشامل، وكلفته 4 مليارات دولار، لا يمكننا الدخول فيه، بل نحن في انتظار صدور قانون إنشاء صندوق إعادة الإعمار الذي نأمل إقراره في اللجان المشتركة لتسريع إنشائه. أما القرض من البنك الدولي لإعمار البنية التحتية بـ250 مليون دولار، فستضاف إليه 85 مليون دولار من فرنسا. كما عرفنا أن المبلغ ليس سوى دفعة أولى لصندوق يجب أن يصل إليه مليار دولار، ونحن موعودون بمبالغ إضافية من صناديق عربية.
■ يؤخذ عليها أنّك، بمن تمثّل، موجود في اللجنة الوزارية المعنية بهذا الملف التي لم تعطِ أي زخم في اتجاه تمويل إعادة الإعمار، علماً بأن الدولة لديها أكثر من 2.7 مليار دولار في حساباتها لدى مصرف لبنان، فلماذا لم يستخدم جزء بسيط من هذه الأموال؟
هذه الأموال بالليرة اللبنانية، وإذا عوّمنا السوق بالليرة نخاف على استقرار سعر الصرف. مثلاً عندما دفعنا منحة العسكريين، قضينا شهراً في المفاوضات مع المركزي على كميّة الدولارات التي سيشتريها، وهذا ما ألزمنا بحجم المنحة من 12 مليون ليرة إلى 14 مليون ليرة.
(الدولة تدفع بالليرة، مصرف لبنان يشتري الليرات ويضخ دولارات بدلاً منها). نخاف لأننا لا نزال في غرفة النقاهة. لدينا عجز في ميزان المدفوعات ولا يوجد فوائض، وهذا ما يدفع الدولة إلى دفع الرواتب والأجور بالدولار.
وارتفاع الاستيراد يؤدي أيضاً إلى زيادة العجز في ميزان المدفوعات. نعيش كلّ يوم بيومه. تبعاً للأخبار الجيّدة يرتفع عدد القادمين. وهناك تشديد على التحويلات. الناس خائفون من المصارف، وفي الوقت نفسه علينا محاربة اقتصاد الكاش. لذا نوازن قدر الإمكان.
صحيح أن لدينا أمولاً في الخزينة، إنّما الموازنة تتعلق بالصرف والمدخول، وعلينا التوازن بينهم. كما إنه يترتب على لبنان استحقاقات للتسديد؛ مثلاً نتفاوض مع حاملي سندات اليوروبوندز، وعلينا أن ندفع ثمن النفط العراقي، وحقوق السحب الخاصة التي صرفت بشكل عشوائي ليست منحة، بل دين ندفع فوائد عليه ما بين 40 مليون دولار و50 مليون دولار سنوياً، ونجرب إقناعهم بتسديدها بالليرة، ولدينا المودعون ومساهمة الدولة في تحمّل جزء من خسائرهم. لذا، يجب ألا نشعر بأننا يمكن التصرف بالأموال كيف ما كان.
■ ضمن ترتيب الأولويات المتعلقة بإعادة الإعمار وبقيود التسديد بالليرة، كان يمكن المساهمة في إعادة ترميم الأبنية في الضاحية من أكثر من 6 أشهر؟
الأموال حاضرة، إنّما الدراسات الهندسية لم تكن جاهزة.
■ هل هذه الأولويات فرضت عليكم أيضاً رفض تعديل رواتب الموظفين في القطاع العام؟
تبلغ كلفة منحة العسكريين والمتقاعدين 370 مليون دولار سنوياً، وموضوع القطاع العام بأكمله مرتبط بتعافي الدولة، والاتفاق مع صندوق النقد. أقله اتفاق أولي على مستوى الموظفين. نعمل على جبهات عدّة، ونريد الموازنة بين الجميع. فإذا قررنا عدم التوقيع مع الصندوق سنفقد المفتاح المخصص للمساعدات، وقرار وضع برنامج مع الصندوق هو قرار حكومي وليس قراري، هناك شروط علينا الالتزام بها.
■ هل لديك شكوك بأن هناك طرفاً لا يريد الاتفاق مع صندوق النقد؟
يجوز. ممكن. الحكومة تريد، وناقشت الموضوع، والعمل مع الجهات المالية الدولية قائم على التوجّه الحكومي.
■ الحكومة ناقشت التعاون مع صندوق النقد الدولي ولم تناقش موضوع الإعمار؟
بلى، هناك لجنة وزارية تناقش موضوع إعادة الإعمار. اجتمعت 3 مرات، وأخذت قرارات. علينا التحضير ووضع الدراسات، وهذه الأمور تحتاج وقتاً، وليست عشوائية على طريقة «اكتب شيكاً واذهب». القطار وضع على السكة.
■ ماذا تنتظرون لمناقشة المرحلة الثانية من إعادة الإعمار؟
إعادة الإعمار من دون مساعدات خارجية صعب. تحتاج إلى كميات كبيرة من الأموال فضلاً عن الاستقرار الأمني. الزوار الذين يسألونني عن الإصلاحات، أسألهم عن فائدتها بلا استقرار ووقف إطلاق النار، فيسكتون. طالما أن عامل الاستقرار غير موجود، يبقى النقاش عند حدود ربطة الخبز. في اجتماعاتنا الأخيرة في واشنطن في نيسان، كنا على طاولة مستديرة خاصة بالإعمار، كلّما تكلّم أحد، ذكر الإصلاحات. أجبت بأنّني ممتنّ لكننا نقوم بالإصلاحات من أجلنا وليس من أجلكم. في رأيي الإصلاحات ضرورية، إنما غير كافية من دون أمن وأمان ووقف الاعتداءات.
■ عندما يقال: التفاوض مع صندوق النقد، فإن التفاوض يحتمل الأخذ والرد، فعلى ماذا نتفاوض وما المطلوب من لبنان؟
يقول الصندوق في بياناته، إنه لا إنفاق بلا مدخول ضمن التوازن المالي، ومطلوب منا إصلاحات. ويقول الصندوق إنّ في لبنان تفلتاً ضريبياً، وجباية غير كافية. هل من الطبيعي وجود 5 مليارات دولار عجز في الموازنة قبل عام 2019. العجوزات المتلاحقة «دهورتنا»، والصندوق ينصح بموازنة الموازنة وبإصلاح قطاعات الجباية مثل الجمارك، ولا يتدخل في الشؤون الاجتماعية.
■ في لجنة دراسة رواتب العاملين في القطاع هناك ممثل عن صندوق النقد، وفي دراسة الموازنة لدينا خبير من وزارة المال الفرنسية؟ هل هذه وصاية؟
استعرنا خبيراً فرنسياً لعدم وجود خبراء اقتصاديين في لبنان ولا نستطيع توظيف خبير براتب قدره 8 آلاف دولار شهرياً. كانت «UNDP» موجودة في المالية، الآن رحلت. لذا يساعد الخبير الفرنسي الموظفين على وضع تصورات مطلوبة لصندوق النقد واليوروبوند. أما في موضوع الرواتب، فلا يقول ممثل صندوق النقد بعدم الزيادة، بل يبلغنا إن كان لدينا هامش مالي.
■ ما هو المدى الزمني المرتقب لتحسين رواتب العاملين في القطاع العام؟
لم نخصص في الموازنة زيادة على الرواتب، ولكن ننتظر أن تسير عملية التحصيل الضريبي على ما يرام. الدراسات تقول إنه يمكن إدخال 300 مليون دولار إضافية من الإيرادات الجمركية. قبل الزيادة على الرواتب، يجب تحسين الواردات الجمركية، وتحصيل الضرائب. إذا أمنّا واردات كافية، لا مانع من فتح اعتمادات إضافية في الموازنة لتحسين الرواتب والأجور. لكن لا نريد تحديد سنوات.
فربما سنتمكن من الزيادة السنة المقبلة. واحتمال ضم الزيادات إلى أساس الراتب وارد، إنّما علينا دراسة الأثر المالي. إن وصلنا إلى راحة مالية إضافية يمكن تحسين الرواتب. ولكن علينا أن نبدأ بالأمور الأكثر إلحاحاً، الناس يريدون ودائعهم، سندات اليوروبوند...
■ أقرّت الحكومة تعديلاً واسعاً في رواتب وأجور المستشارين ومخصصات ضخمة للهيئات الناظمة، فلماذا تريد للعاملين في القطاع العام الانتظار؟
عدد أعضاء الهيئات الناظمة 15 شخصاً، ويتقاضى كلّ واحد فيهم نحو 7 آلاف دولار شهرياً، أي إنّ الكلفة السنوية كلّها لن تتجاوز مليون و200 ألف دولار. لكن لا يمكن الإبقاء على الرواتب العالية جداً التي تعطى في شركات الهاتف مثلاً، وقد قلتها صراحةً لوزير الاتصالات. حتى إنني قلت لموظفي الهيئات الناظمة خفّضوا رواتبكم. فماذا سأقول لمدير عام المالية العامة في المقابل، أو مسؤولة الموازنة التي تتقاضى 800 دولار شهرياً؟ هؤلاء متعاقدون، ما يعني أنّه يمكن تقليص أجورهم، وقلتها لهم: «يلي مش عاجبه يفلّ».
نحن لا نستطيع دفع رواتب عالية. مثلاً الإشراف على الامتحانات، أرسلوا لي أرقاماً قلت عند قراءتها «بقصّ إيدي وما بمضيها»، لماذا يريد أن يتقاضى المشرف على الامتحانات 25 ألف دولار؟ في المقابل أريد زيادة رواتب القطاع العام، وأشدّد على هذه النقطة.
■في الورقة المسرّبة عن الفجوة المالية، تبيّن أن حصّة مساهمة الدولة ستبلغ 8 مليارات ومصرف لبنان كذلك، بينما حصّة المصارف 3.8 مليارات دولار. كيف تفسّر هذا الأمر، ومن أين ستأتي الدولة بالمال؟
لماذا نسيت ذكر رئيس اللجنة في المقال المنشور؟ من أين أتيتم بهذه الأرقام؟ رئيس اللجنة هو رئيس الحكومة، ويشارك في كلّ اجتماع. هو يحضر كلّ اجتماع إلى جانب وزير المال ووزير الاقتصاد وحاكم المركزي. وقد أنشأنا فريقاً من المصرف المركزي مؤلّفاً من الحاكم ونوابه ولجنة الرقابة للعمل على إعداد المعطيات.
نحن بانتظار التعديلات. نجتمع لمعرفة التقدّم، ودراسة الأرقام ومدى إمكانية تطبيقها وتنفيذها. ويصرّ صندوق النقد الدولي، كما نحن، على تراتبية توزير الخسائر التي تكون فيها المصارف الأولى، وفي آخرها المودعون. هذه التراتبية التي لم تكتب بوضوح في المادة 26 (من قانون معالجة أوضاع المصارف) اعترض صندوق النقد مطالباً بتعديل المادة. على المصارف إعادة رسملة أنفسها وهذه مسؤوليتها الواضحة ولا مجال للمواربة. والدولة لن تدفع نقداً. ولدى مصرف لبنان 8 مليارات دولار.
■هل أنت موافق على إجراء تسعير «اللولار» بسعر السوق؟
هذا غير مطروح، وأنا ضدّ هكذا إجراء.
■ هل أنت مع تحويل الودائع إلى سندات دائمة وأسهم في المصارف؟
الأمر غير مطروح، المطروح تحديد حجم الفجوة وجدولة الدفع.
■هل أنت مع استعمال الذهب، مثل بيعه أو رهنه، أو استعمال جزء منه؟
كلا أنا ضدّ. أصلاً إن الدراسة التي أجريت أظهرت أن حجم الاستفادة منه قليل جداً.
■ إذاً من أين ستأتي الدولة بالسيولة؟
لإخراج المودع من معضلته لا تستطيع إعطاءه مبالغ كبيرة، ولا بيعها. واللولار سعره 15 ألف ليرة. جرّبنا تحويل ضرائب المودعين إلى سعر 15 ألف ليرة، ولكنّ صندوق النقد رفض الأمر بحجة تعدّد أسعار الصرف، والمصرف المركزي لم يعطِ إجابة عليها.
جابر لا يعترف بدين الـ16.5 مليار دولار
أثناء نقاش قانون الفجوة المالية، أثيرت نقطة بالغة الأهمية حول الدين المسجّل في مصرف لبنان على الدولة بقيمة 16.5 مليار دولار. وبحسب وزير المال ياسين جابر، فإن «هذا المبلغ خلقه رياض سلامة لتحسين دفاتره»، ولكن لا يمكن تحميله للدولة إذ «ليس متاحاً للدولة الاستدانة بلا قانون صادر عن مجلس النواب»، لذا يوجّه جابر سؤالاً إلى مصرف لبنان: لماذا تركت هذه المبالغ من دون قيود لفترة طويلة، ثمّ جرى إظهارها بهذا الشكل: «أنت يا رياض سلامة مصرفي الدولة، لماذا تركت أموالاً خارج الدفاتر؟». وفي السياق نفسه، يقول جابر إنه «لا يمكن تحمّل تسديد مبلغ توازي قيمته نصف الناتج المحلي»، لأن هذا الأمر في رأيه «يشكّل خطراً على طريقة تعامل الدولة مع حاملي اليوروبوند، إذ يمكن أن يقولوا: أنتم لم تخبرونا بحجم الدين الذي عليكم قبل الاستدانة. ما يتيح لهم عندها تقديم دعاوى علينا بالغش وعدم قول الصراحة». إذاً، هل تقرّ وزارة المال بهذا الدين لمصرف لبنان؟ «أنا لا أعترف بهذا المبلغ، رياض سجل 16.5 مليار دولار على الدولة، وأنا أسأله لماذا لم يصرّح بهذا المبلغ على مدى كلّ هذه السنوات؟» يقول جابر. لكن ما يهم، أن الدولة ليست متهرّبة من المساهمة في رسملة مصرف لبنان من دون أن تعترف بدين غير قانوني. لكن هذا الدين مهمّ جداً لحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، الذي يريد منه أن يكون من الأصول في ميزانيته حتى تكون لديه الملاءة الكافية. لكن موقف جابر مختلف: «مصرف لبنان لديه الملاءة المالية الكافية؛ عنده ذهب بـ 32 مليار دولار، وكاش بـ 11 مليار دولار، وهذا ما يوازي 43 مليار دولار، ويضاف إليها يوروبوند بنحو 1.5 مليار دولار، فضلاً عن ممتلكات مصرف لبنان».
مشروعنا «الجنّة الضريبية»
يشبّه الوزير ياسين جابر، المجتمع اللبناني، بأنه مصاب بـ«شيزوفرانيا». ففي لبنان مجتمعان؛ واحد يرقص، وآخر خارج بيوته وحالته بالويل في المناطق. السؤال المطروح هو كيف نصل إلى العدالة الاجتماعية عبر تدفيع مجتمع أكثر من آخر لتحسين الأوضاع؟ «ما يبقي» هذا البلد هو الاغتراب. نفكر في سياسات ضريبية جديدة لجذب رؤوس الأموال. مثلاً، نعطي تسهيلات للسكن مقابل مبلغ مقطوع، ونعطي إقامة ضريبية للمغتربين مقابل الانتظام في تسديد ضرائبهم في لبنان وألا نخضعهم للضريبة على الأعمال في الخارج. يمكن أن نجعل من لبنان «جنة ضريبية» ولكن نحتاج أمناً واستقراراً.
عمرو دياب وآخرون يتهرّبون من الضريبة
أوعز الوزير ياسين جابر بـ«إنشاء فرق عمل» للتفتيش عن متعهدي الحفلات الغنائية وملاحقتهم بتهمة التهرّب الضريبي وفقاً للقانون 44 الخاص بتبييض الأموال. فهؤلاء، ومن أبرزهم عمرو دياب، يستغلّون ثغرة في القانون تتيح لهم التسجيل في ضريبة القيمة المضافة ضمن حدود معينة من حجم العمل المالي، «وكلما استنفدت هذه الشركة الحجم المالي الذي يمنحها الإعفاء من التسجيل، يؤسّسون شركة ثانية، وهكذا دواليك».
وكما هو معروف، يدفع متعهدو الحفلات رسم الطابع المالي على العقد بنسبة 8.5%، ثم 11% ضريبة قيمة مضافة على مبيع بطاقات الحفلات، و17% على الأرباح. وللتهرّب من تسديد هذه المبالغ للدولة، «في كلّ حفلة يخلقون شركة جديدة، ولتسجيلها في الضريبة على القيمة المضافة يجب أن تحصّل أرباحاً تزيد على 55 ألف دولار، ولأنّها جديدة فهي لم تحصّل شيئاً، فيتهرّب المتعهد أو صاحب الشركة من الدفع». فعلى سبيل المثال، يحضر الفنانون وتقيم الشركات الحفلات، ثمّ ينهي المتعهد عمل الشركة، ولا يسدّد شيئاً للدولة. وهذا ما جرى عندما حضر الفنان عمرو دياب إلى لبنان مطلع الشهر الجاري، وأقام حفلة حضرها 22 ألف شخص ولكن الشركة المتعهدة لم تسدّد ما عليها. ولمكافحة هذه الظاهرة «لن نطبق قانون الضرائب مباشرة، بل سنطبق القانون 44 إذ ستعتبر المالية المتعهدين الذين يستغلون هذه الثغرات القانونية مخططين للتهرب الضريبي، وهذه جريمة، لا يكفي دفع الغرامات عليها».
20 مليار دولار استيراد
يقول وزير المال ياسين جابر، إن الاستيراد سيسجّل عجزاً قياسياً هذه السنة بسبب طفرة في الاستيراد الذي يقدّر أن يرتفع إلى 20 مليار دولار في نهاية السنة الجارية. وهذا الأمر يمثّل ضغطاً مالياً على لبنان، وعلى ميزان المدفوعات الذي يتوقع جابر أن يسجّل عجزاً هذه السنة أيضاً، أي إن الدولارات التي أتت من الخارج هي أقلّ من الدولارات التي خرجت من لبنان. وسبب هذا الحجم من الاستيراد، في رأي جابر ومستشاره سمير حمود، أن لبنان ما يزال يستورد لسوريا أيضاً مازوتاً وبنزيناً
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|