الإثنين "الأسود": يومٌ بألف يوم
في مثل هذا اليوم قبل سنة، بدأت الحرب الكبرى في لبنان. من دون سابق إنذار، شنّ العدو الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على الجنوب والبقاع حصدت 558 شهيداً، بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، إضافة إلى 1800 جريح، غالبيّتهم من المدنيين.
«الإثنين الأسود فاق التوقّعات. كان المشهد مربكاً، وأكبر من قدرتنا على استيعابه»، يقول المسؤول عن مركز الخيام الإقليمي في الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية الإسلامية، قاسم سلطان.
عند العاشرة والنصف صباحاً، بدأ القصف «متل الشتي». 1600 غارة كانت تفصل بين الواحدة والأخرى لحظات. «اضطررنا إلى عدم انتظار التعليمات وصرنا نعتمد على ملاحقة مصدر الصوت للإغاثة». وكان المسعفون في طريقهم إلى موقع استهداف يصطدمون بغارة أخرى، وجثث ممدّدة وجرحى يستغيثون.
في غضون ساعات، خلت القرى من سكانها الذين غادروا على عجل. يتذكّر المسعف في مركز النبطية الإقليمي في الهيئة الصحية، غبريال زلغوط، بعض الأشياء التي أصرّ الناجون على «إنقاذها» أثناء إخراجهم من دائرة الخطر.
منها مثلاً جثة فتاة رفض والدها تركها تحت الأنقاض فحملها معه، و«دواء لرضيع يعاني من مرض مزمن، أصرّت والدته على العودة إلى المنزل الذي كان في دائرة القصف لإحضاره، «لأنني لا أريد أن يموت ابني في الطريق إذا لم يأخذ الدواء في وقته». في حيّ المسلخ في النبطية، بكت فتاة بشدّة أمام منزلها المدمّر، طالبةً السماح لها بالبحث بين الركام عن صورة لوالدها المتوفّى كانت معلّقة على الحائط وعن عباءته وحذائه.
غالبية الشهداء في ذلك اليوم قضوا في منازلهم، حيث باغتهم القصف ولم يكن أمامهم وقت للمغادرة أو أنهم لم يريدوا ذلك، مثل «سيدة وابنتها وجدناهما في منزلهما في زوطر الغربية، جثتين تحتضنان بعضهما، ومسنّ وزوجه كانا على شرفة منزلهما في النبطية الفوقا، وقذف بهما عصف القصف مسافة 70 متراً».
في المقابل، هناك من هربوا من الموت بأعجوبة، كما حصل مع سبعينية علقت في منزلها بين كفرتبنيت وأرنون. يقول زلغوط: «عندما وصلنا إليها كانت النيران تلتهم المنزل. تتبّعنا صوت أنين، فوجدناها تجلس في إحدى الزوايا. عندما رأتنا لم تصدّق عينيها.
قفزت باتجاهنا، وراحت تقبّل أيدينا». في واقعة أخرى، «وصلتنا معلومات عن شخصين عالقين في أحد المنازل. كان أحدهما قد استشهد والثاني جريحاً فاقداً للوعي. تأكّدت من أنه لم يكن هناك أحد آخر في الداخل. بعد الإسعافات الأولية، استيقظ الجريح فجأة وصرخ: هناك شاب في الداخل. وبالفعل وجدناه حيّاً في إحدى زوايا المنزل».
بعدما «رأينا أهوال القيامة»، كانت تنتظر الناجين رحلة عذاب ثانية في طريق النزوح من الجنوب. عشرات الآلاف خرجوا بحال هستيرية، في سيارات أقلّت ضعف قدراتها على الاستيعاب، وعلقت في رحلة استغرقت أكثر من 12 ساعة للوصول إلى بيروت.
كانت الطريق محفوفة بالمخاطر، خسر البعض أرواحهم هناك. مثل الشهيد الشيخ طليع زين الدين، الذي استهدفت غارة سيارته على طريق معركة بينما كان مع عائلته، ولم يعثر لهم على أثر حتى وقف إطلاق النار، عندما عثر على جثث عدد منهم.
زينب حمود - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|