الصحافة

هل يشهد لبنان عودة زمن الاغتيالات؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قد يبدو هذا السؤال/ العنوان، مرتبطًا باستئناف إسرائيل عمليات اغتيال قادة ومسؤولي "حزب الله". غير أن المطروح يتجاوز هذا الإطار، نحو منحى داخلي لطالما عانى منه لبنان، أقله منذ اتفاق الطائف، مرورًا بثورة الأرز عام 2005، وصولًا إلى ما قبل "حرب الإسناد".

اتّسمت تلك المرحلة بالجريمة السياسية المنظّمة، حيث استهدِف نوّاب وشخصيات وإعلاميون ومفكّرون وناشطون سياديون. لم تكن تلك الجرائم أعمالًا فردية أو عشوائية، بل جزءًا من منظومة متكاملة تُدار بعقل أمني أيديولوجي، ترمي إلى تصفية الخصوم السياسيين وفرض واقع من الرعب والخضوع، في معركة غادرة وغير متكافئة: الفكر إزاء الظلامية. الكلمة في مواجهة الرصاصة وكواتم الصّوت. والعمل السياسي في وجه التصفية الجسدية. وتشير أصابع الاتهام بقوة إلى "محور الممانعة" (بقيادتيه الأسدية أولًا والإيرانية لاحقًا)، سواء من حيث الدوافع السياسية أو من خلال المعطيات التي توافرت لدى الأجهزة القضائية والأمنية آنذاك. إضافة إلى عمليات خطفٍ وتفجيرات عدة طالت المناطق والأحياء السكنية.

اللافت في هذا الإطار، أنه منذ نشوب "حرب الإسناد" في 8 تشرين الأول 2023، والتي شكلت تحوّلًا استراتيجيًّا وأمنيًّا في الساحتين المحليّة والإقليميّة، لم يشهد لبنان أي اغتيال سياسي بحق شخصيات معارضة للمحور. فآخر عملية من هذا النوع سُجلت قبل "طوفان الأقصى" بشهرين، عندما قُتل المسؤول القوّاتي في الجنوب الياس الحصروني في عين إبل. وتعزّز يقين تورّط عناصر "الحزب" بهذه الجريمة، بعد عرقلة التحقيقات بشكل علنيّ وواضح، على الرغم من توفّر بعض الأدلة لدى الأجهزة الأمنية، كان يمكن أن تُفضي إلى كشف المرتكبين.

في حديث مع مصدر أمني سابق، يقول إنّ "حزب الله"، منذ اندلاع "معركة الإسناد" وتعرّضه لنكسة وهزيمة كبيرتين، أوقف نمط الجريمة السياسية المنظّمة. فهو يدرك تمامًا أن أي عملية اغتيال في هذه المرحلة الحساسة، ستُعدّ بمثابة تفجير داخلي إضافي، من شأنه أن يزيد حجم الضغوط السياسية والإعلامية عليه، محليًا ودوليًا، في وقت يسعى فيه إلى الحدّ من الخسائر وإعادة ضبط الإيقاع ضمن شارعه.

ويشير المصدر إلى أن "الهدوء الحالي" لا يعني بالضرورة تبدّلًا في العقيدة الأمنيّة، بل هو انعكاس لحسابات ظرفية وأيضًا بنيوية عميقة، منها: التحديات العسكرية من ناحية، والمواجهة السياسية المفتوحة مع الحكومة اللبنانية من ناحية أخرى. تغيّر مناخات الرقابة الدولية، إضافة إلى مسألة مهمة، ألا وهي كسر حاجز الصمت والخوف داخل المؤسسات الأمنية والقضائية الشرعية، ثمّ أنّ سقوط النظام السوري، أقفل في وجهه باب اللجوء لمنفذي الاغتيالات، إذ كانت سوريا قبل سقوط الأسد عبارة عن مخيّمِ إيواء للميليشيات الإيرانية على أنواعها.

كما أن الحرب الأخيرة فضحت "عريَ" الحزب واختراقه أمنيًّا وعسكريًّا، لا سيّما من قبل إسرائيل. والنقطة الخطيرة في هذا السياق، هي أنّ الأخيرة وبفعل تغلغلها ونخرها بنية "الممانعة" وعقلها الأمني حتى النخاع، تعلم مدى مسؤولية "الممانعة" في هذه السلسلة من الاغتيالات. فـ "العدوّ" الذي تمكّن من الوصول إلى عقر دار الأمين العام السابق السيّد حسن نصرالله، لا يُعقل أن تغيب عنه أنشطة "حزب الله" وتفاصيل العمليات التي قام بها بحقّ فريقٍ من اللبنانيين. لكن من مصلحة إسرائيل وفق المصدر إيّاه، "حجب ما تعرفه، لترك "الحزب" يمعن في تغذية الانقسام الداخلي من جهة، و"التستّر التكتيكي" على ما تعرفه أمنيًّا حفاظًا على مصادرها الاستخباراتية من جهة أخرى. لذا، تخلص المصادر إلى أنه من المرجّح، عدم العودة إلى هذا الأسلوب في المدى المنظور، إلا إذا شعر "الحزب" بأنه في خطر وجودي مباشر، أو وجد في الجريمة السياسية المنظّمة وسيلة ضرورية للحدّ من الهزائم الداخلية.

طوني عطية -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا