هل تكسر "توتال" صمتها أخيراً؟ تقرير "قانا" خلال أسبوعين...
ترتبط مسألة التنقيب عن الغاز والنفط في البلوكات البحرية اللبنانية بالوضع السياسي بالدرجة الأولى فبل أي شيء آخر. ويمرّ هذا الأخير حالياً بمرحلة دقيقة وحسّاسة، تجعل كلّ الملفات الشائكة على لائحة الانتظار. وبحسب ما سيؤول اليه الوضع السياسي بعد مشاركة لبنان الرسمي برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون في مناقشات الجمعية العامة الـ 80 في نيويورك، ولقائه برؤساء دول وحكومات عديدة ووزراء خارجية وكبار المسؤولين العرب والأجانب، سوف تتجه الأمور إمّا إلى الحلحلة والانفراج، وإمّا إلى بقاء الوضع على ما هو عليه، أو الانفجار مرة جديدة.
وفي الوقت الذي لم تُنفَذ شركة "توتال إنرجي" وعودها حتى الآن، وتُسلّم الدولة اللبنانية تقريرها الفني النهائي المتعلّق بحفر البئر في حقل قانا في البلوك 9، رغم إطلاعها وزير الطاقة والمياه السابق وليد فيّاض، على أنّها لم تكتشف أي غاز فيها على العمق الذي وصلت اليه أعمال الحفر، اجتمع وزير الطاقة الحالي جو صدّي في باريس، خلال الأسبوع الفائت، برئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "توتال إنرجي" باتريك بويانيه، للمرة الثانية لمناقشة ملف التنقيب عن الغاز في لبنان وتحريكه، لا سيما إمكان استئناف النشاط التنقيبي والمراحل اللازمة لتفعيل المشاريع.
وتناول الاجتماع، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، نقاطاً عدبدة، أبرزها:
1"- حقوق لبنان واستحقاقاته التنقيبية في البلوكات البحرية وكيفية استثمارها، استناداً إلى الاتفاقية المعقودة بين لبنان وشركة "توتال إنرجي" كونها المشغّلة لكونسورتيوم الشركات الذي يضمّ إلى جانبها كلّاً من"إيني" الإيطالية و "قطر للطاقة" التي حلّت محلّ "نوفاتيك الروسية".
2"- تحديد الخطوات المطلوبة من لبنان، من أجل استكمال شروط التنقيب لجهة الإجراءات القانونية، البنى التحتية، والتنسيق مع الجهات المعنية في هذا السياق.
3"- الجدول الزمني والتزام "توتال" به: فقد جرت مناقشة مسألة استئناف الشركة للتنقيب، إذا كانت راغبة بذلك، سيما أنّ فترة الاستكشاف تنتهي في العام الحالي (2025)، ويمكنها التقدّم إلى دورة التراخيص الثالثة التي جرى تمديدها إلى 28 تشرين الثاني المقبل. ومن الممكن أن تحصل بالتالي نقاشات جديّة بين الشركة وبين الدولة اللبنانية في حال أرادت العودة للقيام بأعمال أخرى، سيما أنّها حتى الآن لم تتخلّ حتى الساعة عن البلوك 9. وبحسب العقد الموقّع بين الطرفين عليها التخلّي عن جزء من بلوك، لتستكمل عملها في بلوك ثانٍ. فضلاً عن ضرورة الالتزام بالمواعيد المحتملة لعمليات الحفر، أو لاستكمال الدراسات اللازمة.
وكانت أبدت "توتال"، على ما تلفت المصادر، نيّتها بإجراء المسح الزلزالي الثلاثي الأبعاد للبلوك 8. كما تقدّمت هي وشريكتاها إلى دورة التراخيص الثانية مبدية الاهتمام بالبلوكين 8 و10. لكنّها لم تُقرّر أي شيء نهائي حول هذا الموضوع، لأسباب عديدة، ولا سيما التوتّر في المنطقة الجنوبية الحدودية.
4"- جرى استعراض المشكلة التي حالت دون تسليم "توتال" حتى الآن، التقرير الكامل عن نتائج الحفر في حقل قانا ضمن البلوك 9 إلى الدولة اللبنانية رغم انتهاء الأعمال في تشرين الأول من العام 2023، بعد أن كان بدأ في أواخر آب من العام نفسه. علماً بأنّ هذا التقرير، يُساعد لبنان، بحسب الخبراء والمهندسين، في معرفة الطبيعة الجيولوجية لبلوكاته البحرية، ويُحدّد ما ينتظره من مكتشفات تجارية واعدة في حال استمرار عمليات التنقيب والحفر، سيما أن المنطقة المجاورة شهدت تدفّقاً للغاز فيها بكميات كبيرة. لكن موقف "توتال" لا يزال ملتبساً حتى الساعة، على ما تضيف المصادر السياسية، كونها لم تُحدّد بعد إذا ما كانت ستلتزم رسمياً بجدول زمني محدّد لاستئناف الحفر، ولا إذا كانت تريد إجراء المسح الزلزالي في البلوك 8 الذي أبدت اهتمامها به. كذلك لم تؤكّد الشركة متى سيصدر التقرير النهائي عن حفر البئر في حقل قانا، ولم تُحدّد موعداً نهائياً لتسليمه إلى الدولة اللبنانية.
غير أنّ المعلومات تحدّثت عن أنّ الوزير صدّي نقل إلى الرئيس عون والى الحكومة، أنّ تقرير "توتال" حول البئر الاستكشافية الوحيدة في حقل قانا، سوف يُسلّم إلى الدولة اللبنانية خلال الأسابيع المقبلة، وتحديداً في غضون أسبوعين (على ألا يبقى الأمر وعداً يُضاف إلى وعودها السابقة من دون معرفة الأسباب الحقيقية لهذا الموقف).
ويتحدّث بعض العارفين عن وجود مخاوف سياسية، وجيوسياسية وأمنية (الحدود والنزاع الإقليمي) لدى الشركة. فملفات البلوك 9 مترابطة بمسائل حدودية وجيوسياسية مع "إسرائيل" والمنطقة. ومثل هذه العوامل تُدخل تعقيدات إدارية وقانونية وتأمينية أخّرت الإعلان الرسمي عن نتائج الحفر، كما عن استئناف عمليات حفر أخرى. علماً بأنّ "توتال" لم تعد مهتمّة كثيراً بحفر بئر ثانية، وفق المصادر، في البلوك 9.
وفي حين تقول بعض المعلومات إنّ الدراسة الفنية النهائية وتحليل بيانات البئر ما زالا قيد المعالجة داخل الشركة أو لدى المقاولين، رغم مرور نحو سنتين على وقف الأعمال، وأنّه لا يمكن إصدار تقرير نهائي قبل استكمال فحوصات الجودة والبتّ في تفسيرات الطبقات الجيولوجية الخ... تشير "توتال" إلى أنّ النتائج الأولية غير مشجّعة، وتحتاج إلى تقييمات إضافية، إمّا لتأكيد النتائج ولتثبيت فكرة أن "لا مكتشفات تجارية"، أو لاتخاذ قرار حول خطوات تثبّت إضافية.
ولا يّمكن بالتالي إغفال الضغوطات التي تُمارس عليها من أكثر من جهة لعدم تسليم التقرير، وعدم استئناف العمل في أي بلوك بحري لبناني، ما يضعها مجدداً في إطار المراوغة والتأجيل والمماطلة أكثر فأكثر، وترك الملف مفتوحاً في انتظار بعض التطوّرات الإقليمية والدولية التي قد تحصل من خلالها على الضوء الأخضر للتحرّك مجدّداً باتجاه البلوكات البحرية اللبنانية.
دوللي بشعلاني - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|