الدولة اللبنانية وسرّ "الغول" الجائع بشكل دائم والتناهُش التدريجي
يحقّ لأي دولة أن تطالب شعبها بأن يحتمل، وبأن لا يتذمّر من المشاكل والأزمات والحروب، وفي أوان الضغوط الخارجية المالية أو الأمنية التي يمكن أن تتعرّض لها، إذا كانت توفّر له كل شيء، من حماية أمنية، ورعاية صحية، وضمان شيخوخة، ودعم اجتماعي، ومن عدالة ومساواة، وحرية، وكرامة عيش...
لا قيمة لها
ففي تلك الحالة، من واجب المواطن أن يحتمل كل ما تتعرّض له دولته، والسلطة الحاكمة فيها. وحتى إنه يُصبح من أبسط واجباته أن يزوّدها بكل أنواع الدعم، على قدر استطاعته.
وأما في حالة البلدان الأخرى، والتي لبنان من بينها مع الأسف الشديد، نجد دولة لا تفعل شيئاً سوى التفنُّن بسلوكيات تستدعي الأزمات والمشاكل الخارجية، الأمنية والمالية، وذلك بموازاة حصر مجهودها بكيفية تأمين حاجاتها من الضرائب الداخلية، وخداع الناس بخطوات تُسمّيها إصلاحات، فيما لا قيمة لها، لأنها لا تعود بالنفع على الشعب دافع الضرائب، نفسه.
الموارد للشعوب
ففي كل بلدان العالم المُحترمَة، تجبي الدولة ضرائبها، وتحصّل مواردها الداخلية والخارجية لخير شعبها. وتتميّز الدول عن بعضها بمقدار قدرتها على الاستفادة من تلك الموارد بمشاريع تنعكس على الخير العام، وعلى توفير المزيد والمزيد من الحاجات لشعوبها. وهذا ما نفتقر إليه بشكل أساسي في لبنان، حيث يدفع المواطن ضرائبه للدولة من دون أن يرتدّ ذلك بأي إيجابي فعّال عليه، لا في شبابه، ولا في أوان شيخوخته.
فرصة جديدة؟
في هذا الإطار، يرى عضو تكتّل "لبنان القوي" النائب إدغار طرابلسي "أننا دولة ضائعة ما بين أن تكون دولة رعاية، ودولة لا رعاية، ودولة رأسمال حرّ متفلّت".
ويذكّر في حديث لوكالة "أخبار اليوم" بـ "أيام كانت جيّدة في الماضي، أعطت الدولة اللبنانية لشعبها خلالها من الضمان الاجتماعي ومن وزارتَي الصحة والتربية. وأما اليوم، فالوضع متعثّر بسبب سرقة العصر".
ويؤكد طرابلسي "أننا ضمن مرحلة انتقالية الآن، تُظهر وكأننا لسنا في مرحلة بناء الدولة. هذه هي الحقيقة مع الأسف، وما علينا سوى الانتظار، ونتمنى أن لا يكون هذا الانتظار طويلاً".
ويختم:"اللبناني يمتلك مناعة طبيعية في صُلب بنيته، وهو قادر على أن يحتمل، وعلى أن ينهض إذا سقط. هذا واقع لدى اللبنانيين لا مثيل له حول العالم. وبالتالي، مناعتنا الداخلية موجودة، وهي ما نراهن عليه، مع الأمل أن يمنح المستقبل فرصة جديدة للبنان".
"الغول" والانهيار
مؤسف حقّاً أن الدولة اللبنانية فقدت كل أنواع حقوقها تجاه شعبها، ولكنها لا تزال مستمرة بما هي فيه. فالدولة "بالوعة" ضرائب من دون مردود، ومن دون دعم اجتماعي، وخدمات صحية... وهي تشبه "الغول" الجائع بشكل دائم. والجوع الدائم هذا، يعني الحاجة الدائمة الى طعام، من دون القدرة على إعادة تجديد إنتاجه، وهو ما يجعلنا بحالة "تناهُش ذاتي" داخلي مستمرّ.
نعم، هذا ما نحن فيه مع الأسف، فيما الدولة بسلطاتها كافة تمضي، ومعها الأيام والليالي، الى أن يحين موعد الانهيار الكبير.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|