عون يلملم الوضع: تكريم قائد الجيش ليس رسالة إلى سلام
ما بين مجلس النواب والجرة التي انكسرت بين رئيسه نبيه بري والقوات والكتائب والتغييريين، وبين اجتماع رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام الذي لم يكن سلبياً بالمطلق ولا إيجابياً بالمقابل، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من السجال الداخلي أو أزمة سياسية حادة عنوانها التعايش على مضض.
بعد اجتماع أمس بين عون وبري، استضافت بعبدا رئيس الحكومة بعد غياب. ومن لقاء وصفه بري بالممتاز مع عون، إلى لقاء خرج بعده سلام من دون الإدلاء بتصريح، وظهرت فيه دلالات سلبية عدة.
هناك كيمياء في علاقة عون مع بري غير موجودة في العلاقة بين عون وسلام. ربما هي التجربة السياسية والتمرس في المعترك السياسي الداخلي اللذان يجعلان عون وبري أكثر قدرة على تدوير الزوايا من سلام المباشر.
وخلال اجتماع عون وسلام، ساد العتب واللوم حول ملابسات تحرك حزب الله أمام صخرة الروشة وما تلاه، إذ لكل منهما مقاربة مختلفة لما حدث. ولا تنفي مصادر مطلعة على موقف بعبدا وجود تباين في الرأي بين الرئيسين. ففي رأي عون، كان يجب الترخيص للفعالية وتشجيع الخطوة التي تعبّر عن تحول لدى حزب الله من حزب عسكري إلى حزب سياسي والانتقال من عراضات السلاح إلى العراضة المدنية، بينما أصر سلام على وجوب إخضاع الحزب للقوانين .
استحضر عون تجربته يوم كان قائداً للجيش وعمل من موقعه على حماية المتظاهرين والمحتجين في 17 تشرين، ولم تقع ضربة كف واحدة. وهو يعتبر أن الجيش والقوى الأمنية خط أحمر.
منذ عودته من نيويورك، سعى عون إلى لملمة الوضع الداخلي وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح إدارياً وقانونياً سياسياً. وتنفي مصادره القريبة كل ما أثير من خلفيات تكريمه لقائد الجيش واعتباره رسالة لسلام، وتؤكد أن التكريم تقليد متبع لدى جميع قادة الدول وكان مقرراً موعده قبل سفر الرئيس إلى نيويورك، ولم يكن منطقياً تأخيره، وهو غير مرتبط بالسجال حول فعالية صخرة الروشة.
عمل عون على تطويق تداعيات صخرة الروشة من مكان وجوده في نيويورك حيث كان على تواصل دائم مع سلام، وهو يعتبر أن طريقة إدارة الأمور يجب أن تكون مختلفة في بلد تسيطر عليه الحساسيات وتتداخل فيه الحسابات السياسية بالطائفية.
ولذا يفترض مقاربة ما حصل بروية وتأنٍ في مرحلة خطرة وفي ظل تطورات متسارعة تشهدها المنطقة، وليس معروفاً كيف سيكون انعكاسها على لبنان، من اتفاق غزة إذا حصل إلى واقع سوريا ومستقبل الحوار الإيراني- السعودي وانعكاساته على لبنان، والجواب السعودي على دعوة حزب الله، ما يستوجب الحفاظ على حد أدنى من الوحدة الوطنية والحوار الداخلي.
ومن وجهة نظره، شعر رئيس الحكومة بحاجته إلى الدفاع عن الدولة وهيبتها أمام تحدي قرارها من قبل حزب الله والإصرار على إضاءة صخرة الروشة بصور الأمينين العامين، لكأن المقصود هو كسر هيبة الدولة. وفي الحوار لم يقنع أحدهما الآخر، ولكن الرجلين اتفقا على التنسيق وإطلاق عجلة العمل الحكومي.
حصيلة نيويورك وما عاد به عون
صحيح أن عون لم يقابل الرئيس الأميركي ترامب، لكن زيارته كانت ناجحة ومقبولة، فلبنان ليس أولوية في الوقت الحاضر وإن كان لا يزال موضع اهتمام، لكن الأولوية الأميركية هي لغزة وسوريا.
وفي ما يتعلق بلبنان، باتت أورتاغوس مسؤولة عن اجتماعات لجنة الميكانيزم في الناقورة، بينما يتحول الملف اللبناني ليكون قيد المتابعة مباشرة من السفير الجديد للولايات المتحدة في لبنان اللبناني الأصل ميشال عيسى، مقابل تفرغ باراك لملف سوريا فقط.
لمس عون في نيويورك أن الاهتمام الأميركي لا يزال قائماً، بدليل مؤتمر دعم الجيش المنوي عقده في السعودية أواخر تشرين الأول الجاري، وأن زيارة وزير الدفاع ميشال منسى للسعودية ستكون في شق منها للتنسيق حيال المؤتمر وتفاصيله، حسب المصادر، وهناك اتجاه أميركي لمضاعفة المساعدة للجيش.
تؤكد المصادر أن انعقاد مؤتمر دعم الجيش ثابت. أما المتغير الوحيد والمتوقف على الحوار السعودي- الإيراني فهو المتعلق بملف إعادة الإعمار الذي لا يزال مجمداً لارتباطه بشروط معقدة.
ولكن، بعيداً عما تقوله المصادر الحريصة على تظهير حسن العلاقة بين عون وسلام، بات بحكم المؤكد أن العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة تجتاز القطوع تلو الآخر، ونكستها الكبرى ستكون في حال تم تأجيل الانتخابات النيابية لعام أو عامين، فعندئذ سيضطر عون للتعايش مع رئيس الحكومة لفترة غير محددة، ولو على مضض، كأمر واقع تتداخل فيه عوامل الداخل بالخارج.
غادة حلاوي -المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|