نواف سلام… "سنيّ" لأول مرة

كان رئيس الحكومة نواف سلام أمس على موعد مع دعم سياسي ـ سُنّي غير مسبوق، تجلّى باستقباله وفوداً من نواب وفعاليات على اختلاف توجهاتهم السياسية، حيث أكدوا وقوفهم إلى جانبه ودعمهم لحكومته في هذه المرحلة الدقيقة.

هذا المشهد اعتُبر تحولاً نوعياً في مسيرة سلام السياسية، إذ للمرة الأولى يُنظر إليه على أنه "سُنّي بالكامل"، يحظى بغطاء مذهبي واضح.

واللافت أن عدداً من النواب الذين زاروه أمس لم يكونوا قد سمّوه في استشارات التكليف، ولا منحوا حكومته الثقة في مجلس النواب، ما يعكس تبدّلاً في المواقف تحت ضغط الظروف والتحديات التي تواجه الحكومة.

إن الأزمة الأخيرة التي هزّت الحكومة على خلفية حادثة صخرة الروشة، وما تلاها من توترات وتباين حاد بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، شكّلت عامل ضغط أساسي على المواقف السياسية. فبينما بدا أن الحكومة على شفير الانهيار، جاءت هذه الزيارة لتثبت أن الطائفة السنية قادرة على إعادة التموضع سريعاً ودعم رئيس الحكومة، ولو بشكل ظرفي، حين تُستفز مصالحها ومكانتها في المشهد السياسي.

من جهة أخرى، هذا التحوّل يعكس واقعاً لبنانياً مؤسفاً، وهو أن الانتماء الطائفي غالباً ما يسبق البرامج والسياسات. فرغم أن نواف سلام لم يكن يمتلك قاعدة سنية واسعة لا شعبية ولا سياسية، إلا أن الأزمة الأخيرة أعادت ترتيب الأوراق داخل الطائفة، لتمنحه غطاءً سياسياً سُنّياً يوازي مركزه في رئاسة الحكومة، وهو ما يمكن اعتباره إشارة على هشاشة النظام السياسي الذي يعتمد على الانتماءات أكثر من الأداء والبرنامج.

كما أن التحوّل في مواقف بعض النواب يعكس تراجعاً جزئياً لمفهوم الاستقلالية السياسية، إذ أصبح الدعم يُقدّم أحياناً وفق معطيات ظرفية أكثر من كونه التزاماً ببرنامج محدد أو رؤية مستقبلية. هذا الواقع يعكس تحدياً أكبر أمام أي رئيس حكومة، إذ عليه الموازنة بين الضغوط الطائفية والمصالح الوطنية، وبين الحفاظ على شرعية عمله وكفاءته في إدارة الدولة.

في المحصلة، إن المشهد الأخير يعيد تأكيد قاعدة أساسية في لبنان، وهي أن حتى أقوى الشخصيات السياسية تحتاج إلى غطاء طائفي للبقاء، والظروف الاستثنائية قادرة على تحويل أي سياسي إلى محور دعم مفاجئ، كما حصل مع نواف سلام. والمهمة المقبلة ستكون قدرته على تحويل هذا الدعم الطارئ إلى برنامج عمل ملموس يترك أثراً في الأداء الحكومي بعيداً عن مجرد المناورات السياسية.

محمد المدني-ليبانون ديبايت