الصحافة

"الحزب" لـ"حماس": لا تتركيني وحيدًا

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أظهرت الإطلالة الأولى للأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بعد اتفاق غزة، أن الأخير يريد أن يقنع بيئته أن شيئًا لم يتغيّر. وأخذ على عاتقه أن تبقى حركة "حماس" التي تجاوبت مع الاتفاق كما كانت جزءًا من محور الممانعة الذي تقوده طهران. كما أظهر ان الأوضاع في لبنان باقية على ما هي عليه وكأن لا تأثير لاتفاق غزة عليه، مثلما هي الحال مع اتفاق وقف اطلاق النار مع إسرائيل الذي أوقف الحرب في 27 تشرين الثاني الماضي. فلا اعتراف من قاسم بهذا الاتفاق وبخاصة ما يتعلق بنزع سلاحه.

لا يبدو أن تعامل الأمين العام لـ"الحزب" مع التطور المتصل بموقف "حماس" من اتفاق غزة قادر على إخفاء المصيبة الكبرى التي نزلت بـ"حزب الله" جراء هذا التحوّل في مسار حرب القطاع التي تحلّ بعد أيام ذكراها الثانية. ويعود السبب إلى أن كل ما أصاب لبنان عمومًا و"الحزب" خصوصًا، هو نتيجة "حرب الإسناد" التي أعلنها الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله في 8 تشرين الأول 2023، أي في التالي لحرب "طوفان الأقصى" التي شنتها "حماس" في غلاف غزة. وبنى "الحزب" ولا يزال كل سرديته على أساس صحة موقفه بفتح "حرب الاسناد"، ما يعني أن ما قبل هذه الحرب يجب ان يستمر خلالها وما بعدها. وفي هذا الاطار نشرت امس احدى وسائل "حزب الله" الإعلامية "الرسالة الأخيرة"، وهي كلمة مكتوبة كان خليفة نصرالله السيد هاشم صفي الدِّين ينوي توجيهها إلى الرأي العام بعد انتخابه أميناً عامّاً لـ"حزب الله"، لكنه لقي مصرعه في 4 تشرين الأول 2024. وقد عُثر على الرسالة ولكن مجتزأة بين أوراقه في مكان مقتله في الضاحية الجنوبية لبيروت. وجاء فيها: "إن الحرب التي شُنّت على أهل غزة ومقاومتهم، كان الهدف النهائي منها هو إنهاء المقاومة سواء في غزة أو الضفة، ولاحقاً كل عمل مقاوم في لبنان أو غيره...

طوال كل السنة الماضية كنا منفتحين على إيجاد تسوية كي لا تخرج الأمور عن السيطرة وكذلك في غزة، لكن العدو كان مصراً على فرض شروطه التي تعني بمنطق حكومته المجرمة إنهاء قضية المقاومة في فلسطين... من سيقبل معه؟

لا المقاومة في غزة قبلت ولا نحن في لبنان كنا مستعدين أن نقبل بشـروطه المذلة، لا الآن ولا في أي وقت... ولهذا كانت الإستراتيجية لدينا هي الصمود والثبات والتضحية الغالية كي نحافظ على هذه القاعدة..."

مضى الأمين الحالي لـ"حزب الله" على خطى ما ورد في رسالة سلفه في كلمته امس. لكن تفادى العودة الى نص رد "حماس" في 3 الجاري على "الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة" للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 29 أيلول. وأتى النص خاليًا تمامًا من كل مفردات الحركة التي تشير الى عزمها على الاحتفاظ بسلاحها وبسيطرتها على القطاع. وتضمن الرد الفقرة الاتية: "تثمن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الجهود العربية والإسلامية والدولية، وجهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المطالبة بإنهاء الحرب على قطاع غزة، وتبادل الأسرى، والدخول الفوري للمساعدات، ورفض احتلال قطاع غزة، وتهجير شعبنا الفلسطيني منه". وخلت الفقرة كما سائر الفقرات من كلمة "نثمن" ما فعله "حزب الله" ومحوره من اجل الحركة وحربها في القطاع والكارثة التي حلت ب"حماس" و"الحزب" معًا بسبب فعلهما.

كما جاء في رد "حماس" أيضًا: "تؤكد الحركة استعدادها للدخول فورا في مفاوضات من خلال الوسطاء لمناقشة تفاصيل هذا الاتفاق.

كما تجدد الحركة موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية مستقلة (تكنوقراط)، بناء على الإجماع الوطني الفلسطيني والدعم العربي والإسلامي.

القضايا الأخرى التي وردت في اقتراح الرئيس ترامب بشأن مستقبل قطاع غزة والحقوق المتأصلة للشعب الفلسطيني مرتبطة بموقف وطني شامل وقائم على القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة. وستناقش هذه التحديات في إطار وطني فلسطيني شامل. وستكون حماس جزءا منه وستساهم فيه بمسؤولية كاملة".

دخلت المنطقة عموما بعد اتفاق غزة ومستجداته طورا جديدا . ويتعيّن مراقبة سلوك محور النظام الإيراني ولا سيما في لبنان كيف سيتفاعل مع هذا الاتفاق الذي يقرّب احتمال نزع سلاح "حزب الله" أكثر من أي وقت مضى. وذهب أحد معلقي "الحزب" امس الى القول: "يجري تسويق فكرة استمرار الحرب مع تغيير وتيرتها، وبقاء الاحتلال مع إعادة نشر القوات بطريقة مختلفة، وتقديم استعادة الأسرى كإنجاز بلا ثمن مقابل غير تبادل الأسرى، كما يجري في اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، حيث توقف من جانب المقاومة ولم يتوقف من الجانب الإسرائيلي، وتموضع الاحتلال ولم ينسحب، وانتقل ملف السلاح إلى معادلات الداخل اللبناني والضغط العربي والغربي المساند لنزع السلاح، بحيث يتم استنساخ نموذج لبنان في غزة، بعكس ما كان بعض اللبنانيين المعادين للمقاومة يأملون استنساخ نموذج غزة في لبنان".

وفي هذا الاطار نشرت امس وكالة "مهر" الإيرانية للانباء التابعة للنظام تقريرا حمل عنوان "تحليل لرد حماس الذكي وموافقة ترامب السريعة". وجاء في التقرير: "يبدو أن "حماس" وجدت ضالتها مع ترامب، ففي بداية ردها، خاطبت روح ترامب وأشادت بجهوده لوقف الحرب، وتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات فورًا، ومقاومة احتلال قطاع غزة، وتشريد الشعب الفلسطيني".

أضافت الوكالة الإيرانية: "في الواقع، يعكس المحتوى الرئيسي لبيان "حماس" مطالب الحركة المعتادة بوقف الحرب والانسحاب الكامل من غزة مقابل الإفراج الكامل عن الرهائن، ولكنه قُدّم بلغة مختلفة، ولمداعبة نفسية ترامب النرجسية. في الوقت نفسه، تعتبر "حماس" القضايا الخلافية، كمستقبل قطاع غزة ونزع السلاح، خاضعة لموقف وطني شامل قائم على القوانين والقرارات الدولية، وقد أكدت أن هذه القضايا ستُناقش وتُدرس في إطار وطني فلسطيني موحد".

وتخلص "مهر" القول: "مع ذلك، لا ينبغي أن نفترض أن كل شيء قد انتهى وأن الاتفاق النهائي بات في متناول اليد. علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كان هذا النوع من رد الفعل والترحيب السريع من ترامب مجرد "خدعة" لإطلاق سراح الرهائن، ليتبع نتنياهو شروطًا كنزع السلاح"؟

نعود الى كلمة قاسم الذي شنّ فيها حملة على "الخطة التي طرحها ترامب"، قائلا: "هي في الواقع خطة، كما قال نتنياهو، تتوافق مع المبادئ الخمسة التي حددتها حكومة إسرائيل لإنهاء الحرب، هذا كلام هو، يعني هي خطة إسرائيلية بلبوس أميركي أو بعرض أميركي".

ويستدرك قاسم قائلا: "على كل حال، أنا لن أتدخل في نقاش التفاصيل، بالنهاية، المقاومة الفلسطينية (حماس وكل الفصائل) هم يناقشون وهم يقررون ما يرونه مناسبًا".

فعلا، بدأت "حماس" تقرر ما هو مناسبا. لذا، بدأ الارباك يسود محور الممانعة الإيرانية من بيروت الى طهران. ولولا "العيب والحياء" كما يقال لكان قال الأمين العام لـ"حزب الله" امس لـ"حماس" الآتي:" لا تتركيني وحيدًا".

أحمد عياش- نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا