الصحافة

ماذا يعني تعهّد ترامب تجاه قطر؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في خطوة مهمّة في السياسة الخارجية الأميركية، تعهّد الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستدافع عن قطر في حال تعرّضها لهجوم. يُمثل هذا الالتزام ضمانة أمنيّة قويّة تُعزز الدور الاستراتيجي لقطر في المنطقة، ولكنه يُثير في الوقت نفسه مجموعة من المخاطر والتحدّيات. وقد صرّح ترامب في أمر تنفيذيّ له، مؤكّدًا جدّية هذا الالتزام: "ستعتبر الولايات المتحدة أي هجوم مسلّح على أراضي قطر أو سيادتها أو بنيتها التحتية الحيوية تهديدًا لسلامنا وأمننا".

هذا يعتبر من أقوى الحجج المؤيّدة لتعهّد ترامب تعزيز الأمن الذي يوفره لقطر. فمن خلال تصنيف أي هجوم مسلّح على الدولة كتهديد مباشر لأمن الولايات المتحدة، يُمثل التعهّد رادعًا فعّالًا لـ "المعتدين المحتملين". في ضوء التوترات الإقليمية الأخيرة، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية والإيرانية، يُوفر هذا الالتزام لقطر ضمانات أمنية تُضاهي ضمانات حلف "الناتو"، على الرغم من كونها دولة غير عضو. ويُشير إليوت أبرامز، الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، إلى أن "هذا الأمر التنفيذي يُعادل معاهدة دفاعية مع قطر، ويشبه التزاماتنا مع اليابان وكوريا الجنوبية".

وقد أشارت منى يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إلى أن هذا التعهّد "يُمثل ضمانة أمنية غير مسبوقة لقطر"، موضحة أنه من خلال الإشارة إلى أن أي هجوم مُسلّح على قطر سيُعتبر تهديدًا للسلام والأمن الأميركيين، "يربط هذا الأمر أمن قطر مباشرة بالمصالح الوطنية الأميركية".

وفي سياق شرق أوسط متعدّد الأقطاب، يؤكّد هذا الأمر التنفيذي تعميق العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وقطر. فباستضافتها قاعدة العُديد الجوية، أكبر منشأة عسكرية أميركية في المنطقة، تؤدّي قطر دورًا محوريًا في العمليات العسكرية الأميركية والدبلوماسية الإقليمية. وتشير إليزابيث دانت، الباحثة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، "يكمن التحدّي الآن في إقناع الدوحة بالحفاظ على دورها كوسيط محوري"، فالوعد بالدفاع عن الدوحة لا يعزز قدراتها الدفاعية فحسب، بل يؤكّد أيضًا أهميّتها كحليف لواشنطن في التوسّط في مختلف النزاعات الإقليمية، بما في ذلك تلك الدائرة في غزة.

بدورها، تؤكد يعقوبيان أن هذا الأمر التنفيذي يُرسّخ مكانة قطر كوسيط محوريّ، ويمنع المعتدين المحتملين، مثل إسرائيل، من شن هجمات مستقبلية على الدوحة. علاوة على ذلك، ومن منظور دبلوماسي، يُرسل تعهّد ترامب إشارة واضحة إلى كلّ من الحلفاء والخصوم في منطقة الخليج. فبالتزامه العلني الدفاع عن قطر، يُطمئن ترامب حلفاءه الخليجيين الآخرين حيال دور الولايات المتحدة في بيئاتهم الأمنية.

على الرغم من هذه المزايا، لا يخلو هذا التعهّد من مخاطر كبيرة. أحد المخاوف الرئيسية هو احتمال تورّط الجيش الأميركي في منطقة الخليج المضطربة. فبإلزام الولايات المتحدة بالردّ عسكريًا على أي هجوم على قطر، قد تجد واشنطن نفسها متورّطة في صراعات تتصاعد بسرعة وتتطلّب وجودًا عسكريًا مستدامًا، ما يثير تساؤلات حول الالتزامات الطويلة الأجل وتداعياتها على القوات الأميركية.

بالإضافة إلى ذلك، يستند هذا التعهّد إلى أمر تنفيذي وليس إلى معاهدة أقرّها مجلس الشيوخ، ما يُضعف طابعه الإلزامي. ويشير أبرامز إلى أن "إصدار أمر تنفيذي بهذا الالتزام المهمّ يثير المخاوف، لأنه يتجاوز عملية الموافقة التقليدية في مجلس الشيوخ". ويمكن للإدارات المستقبلية بسهولة عكس هذا الالتزام، ما يخلق حالة من عدم اليقين في شأن موثوقية الضمانات الدفاعية الأميركية لقطر على المدى الطويل. من جانبها، تُسلّط دانت الضوء على خطورة الوضع، مشيرة إلى أن "خوف قطر من عمليات عسكرية إضافية على أراضيها قد يدفعها إلى البدء في الحدّ من قدرة الولايات المتحدة على المناورة انطلاقًا من قاعدة العُديد"، وذلك يأتي ضمن الديناميكيات المعقدة التي تؤثر في العلاقات الأميركية - القطرية. وهذا يُثير تساؤلات حول استدامة هذه العلاقات وتداعياتها على الأمن الإقليمي.

وقد اعتبر المحلّلون الأميركيون في واشنطن أن توقيت هذا الأمر التنفيذي، في أعقاب التوترات والهجمات الأخيرة على قطر، يُبرز سعي الرئيس ترامب إلى طمأنة شركائه الخليجيين في شأن التزام الولايات المتحدة بأمنهم. غير أنهم يُجادلون بأنه يتناقض مع سياسة ترامب "أميركا أوّلًا"، التي شدّدت على تقليص التدخلات العسكرية الأميركية في الخارج. وقد يُفضي الالتزام بالدفاع عن قطر إلى زيادة التدخل العسكري في المنطقة، وهو ما يُمثل انحرافًا صارخًا عن التأكيدات السابقة بالتركيز على القضايا الداخلية... لكنه يُجسّد التزام أميركا العسكري المستمرّ في الشرق الأوسط، رغم الديناميكيات الناشئة في المنطقة، خصوصًا اتفاقية الدفاع المشترك الأخيرة بين المملكة العربية السعودية وباكستان، والتي تُشير إلى تحوّل في الاعتماد على الولايات المتحدة.

أمل شموني- نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا