المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري حاجة أم المطالبة بإلغائه ثأر سياسي؟
مضى على معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق اللبنانية ـ السورية نحو 35 عاماً، ووقعت بين الدولتين في ايار 1991، بناء على ما ورد في اتفاق الطائف باقامة علاقات مميزة بين البلدين، واقرت المعاهدة بقانون في مجلس النواب اللبناني ومجلس الشعب السوري، بعد اول اجتماع حصل في دمشق، وترأسه عن الجانب اللبناني رئيس الجمهورية الياس الهراوي، وعن الجانب السوري رئيس الجمهورية حافظ الاسد، في حضور رؤساء مجلس النواب والحكومة ونائب رئيس الحكومة في لبنان وسوريا، ومنهم يتشكل المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري، الذي انبثقت منه الامانة العامة.
ومنذ العام 2005، وبعد الانسحاب السوري من لبنان، يُطرح موضوع الغاء المعاهدة وما افرزته من اتفاقات، وهذا ما برز بعد سقوط النظام في سوريا، ووصول «هيئة تحرير الشام» الى السلطة، فبدأ التداول في العلاقة اللبنانية ـ السورية، فتوجه المسؤولون اللبنانيون الى دمشق، لتهنئة احمد الشرع بتبوئه رئاسة الجمهورية، فذهب اليها الرئيس نجيب ميقاتي، وبعده رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء ونواب وقيادات لبنانية، وفي مقدمها الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على رأس وفد كبير، ضم شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز سامي ابي المنى، في وقت لم تطأ قدم مسؤول سوري ارض لبنان سوى موظفين، حضروا للبحث في موضوع الموقوفين السوريين في لبنان، وهو الملف الذي يستحوذ على اهتمام القيادة السورية، التي تريد تحرير من كانوا مع «الثورة السورية» ضد النظام السوري السابق وسجنوا، في وقت ينظر لبنان الى هذا الموضوع على انه شأن قضائي لبناني. وتحكم العلاقة القضائية اللبنانية ـ السورية اتفاقية منذ مطلع خمسينات القرن الماضي، وعُدلت في عام 2010، اثناء زيارة وفد حكومي برئاسة سعد الحريري سوريا، ورافقه وزير العدل ابراهيم نجار، وفي هذا الوقت يطالب وزير العدل اللبناني عادل نصار بتسليم مرتكبي اغتيالات سياسية في لبنان، وهم فروا الى سوريا في اثناء الحكم السابق، كما يعتقد.
فالمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري غير فاعل، وتقوم الامانة العامة له، والتي يترأسها نصري خوري بتسيير الاعمال منذ عشرين عاماً، وقد تراجع دورها مع الاحداث التي وقعت في سوريا مطلع عام 2011، وان مطالبة قوى سياسية لبنانية بالغاء المجلس الاعلى، تحت شعار انه انشىء لرغبة سورية، فهو ليس بالكلام السليم، تقول مصادر متابعة لهذا الموضوع، لان مثله موجود بين دول، وتعتبره جامعة الدول العربية منظمة اقليمية وتعترف به وتؤيده، ويمكن للدولتين ان تعيدا النظر به، وفق الاصول الدستورية والقانونية، وليس وفق رغبات سياسية، وان الدولتين اللبنانية والسورية، وبعد تغيير النظام في سوريا وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان، ان تبحثا في العلاقة بينهما، والتي ينظمها المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري، واداته التقريرية والتنفيذية الامانة العامة، لان من مهامه وضع السياسة العامة للتنسيق والتعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية. وقد عقدت وخلال العقود الثلاثة اتفاقيات بينهما يمكن اعادة درسها، وادخال تعديلات عليها او الغاؤها.
ومن يطالب بالغاء المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري، انما لتسجيل انتصار سياسي لاطراف لبنانية، وقد يكون ايضاً للنظام الجديد في سوريا، الذي يقوم بشطب والغاء كل ما له علاقة بالنظام السابق، ومنها مؤخراً حرب تشرين التي اسقطها من الاعياد السورية، كما ذكرى الشهداء الذين قتلهم الاتراك مع شهداء لبنانيين، اثناء الحكم العثماني الذي وقفوا بوجهه.
من هنا، فالمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري معطل منذ سنوات، وان اعمال الامانة العامة معلقة منذ العام 2020، ولا تصرف الموازنات المقررة لها من الدولتين، فلم يسدد لبنان ما يترتب عليه وهو مبلغ 450 الف دولار، وبات يساوي 8 الاف دولار على سعر الصرف 1500 ليرة للدولار الواحد، وكذلك الامر بالنسبة لسوريا، التي لا يمكن صرف المبلغ بسبب «قانون قيصر» الاميركي، الذي كان مفروضاً عليها في زمن النظام السابق.
والموظفون البالغ عددهم 20 بين لبنانيين وسوريين لا يقبضون رواتبهم، وما زال الموظفون في مقر الامانة العامة في دمشق يداومون فيه، ولكن دون عمل لهم، بسبب تعليق نشاطه لاسباب سياسية، وان الدولتين اللبنانية والسورية معنيتان بحسم وضع هذا المجلس، الذي لا يمكن انكار وجوده وضرورته، كما يقول امينه العام نصري خوري لـ»الديار»، فاذا قررت الدولتان الغاءه فهذا من حقهما، واذا رأى المسؤولون فيهما بقاءه مع تعديلات عليه فهذا شأنهم، ولكن لا يجوز ان يبقى رهن نظريات بعيدة عن الواقع، وان المراجعة لوجود هذا المجلس ودوره وفعاليته امر طبيعي، إنما التعاطي معه وكأنه ثأر سياسي من مرحلة، فهذا تقدير خاطىء. وقد يرى الجانبان اللبناني والسوري ايجابيات فيه، فيتم التعاطي معه من هذا المنظار، تحت سقف المصلحة المشتركة لهما، ودون استئثار من طرف على طرف آخر.
كمال ذبيان -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|