الصحافة

ما مصير المنازلة بين برّي و"القوات"؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يبدو أن الرئيس نبيه برّي سيتراجع عن موقفه فيما يخصّ رفضه إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب النافذ، التي تحصر تصويت اللبنانيين غير المقيمين بستة نواب فقط، بدلاً من السماح لهم بالاقتراع لمئة وثمانيةٍ وعشرين نائباً. وهذا يعني أن المنازلة بين الثنائي الحزبي الشيعي و"القوات اللبنانية" وحلفائها مستمرة، ومرشّحة للتصاعد.

صحيح أن برّي هو رئيس مجلس النواب ولا يعتبر نفسه فريقاً بل رئيساً لكل النواب على اختلاف انتماءاتهم، لكن مصادر "القوات" تتّهمه بأنه يدير المجلس كرئيس لحركة "أمل" لا كرئيس لمؤسسة دستورية، بمجرد رفضه مناقشة مشروع القانون المعجّل المكرّر في الهيئة العامة، علماً أنه مطروح من قِبَل سبعةٍ وستين نائباً. غير أن عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة ينفي ذلك، معتبراً أن العريضة قُدّمت من ثمانيةٍ وأربعين نائباً فقط، وبالتالي فإن مكان مناقشة القوانين هو اللجنة الفرعية المُشكّلة لهذا الغرض، لا الهيئة العامة.

لا تؤيّد مصادر "القوات" هذا الطرح، بل تعتبره مخالفاً للنظام الداخلي للمجلس، لأن التعديلات التي تُطرح على مواد قانون نافذ يُفترض أن تناقَش في الهيئة العامة، فيما اللجنة مخصّصة للبحث في القوانين الانتخابية المستقبلية. وتضيف المصادر: "لقد انسحبنا نحن وحلفاؤنا من اللجنة لأن المهلة الزمنية لإجراء الانتخابات لا تسمح بالبحث في قوانين جديدة، وهدف برّي والثنائي الشيعي منها اليوم هو كسب الوقت وتطيير الانتخابات أو السير بالقانون النافذ من دون تعديلات".

مساواة اللبنانيين المقيمين بغير المقيمين

تصرّ "القوات" على إلغاء المادة 112 بما يسمح للمغتربين بالاقتراع لمئةٍ وثمانيةٍ وعشرين نائباً، انطلاقاً من مبدأ دستوري وارد في اتفاق الطائف، وهو مساواة اللبنانيين المقيمين بغير المقيمين. في المقابل، يرفض خواجة هذه المقاربة ويعتبرها غير منصفة في الوقت الحاضر، قائلاً: "إن القوات وحلفاءها يعتبرون أن هناك لحظة سياسية دولية وإقليمية تلائمهم، ويعوّلون على مائتين وخمسين ألف ناخب في الخارج لتغيير موازين القوى في الداخل. نحن لا مشكلة لدينا من ناحية الناخبين، لأن أنصار حركة أمل وحزب الله يستطيعون قلب أي نتيجة، ففي ولاية ميشيغن وحدها ما يكفي من أبنائنا لحسم النتيجة. لكن أي عملية انتخابية تحتاج إلى شرطين كي تكون عادلة: أولاً، تكافؤ الفرص بين المرشحين، وهو غير متوافر حالياً بسبب الملاحقة الأميركية والدولية لشخصيات تمثّل "الحزب"، وثانياً، حرية الناخب، وهي غير مؤمّنة أيضاً، ولن نخاطر بمصير أهلنا هناك".

من جهتها، تستغرب مصادر "القوات" هذا الكلام، وتكرّر السؤال الذي وجّهه رئيس الحزب سمير جعجع إلى الثنائي: "كيف لا يمكنكم أن تجروا حملات انتخابية إذا تمّ السماح للمغتربين ببالاقتراع لمئةٍ وثمانيةٍ وعشرين نائباً، ويمكنكم أن تفعلوا ذلك في الدائرة 16 ووفق المادة 112، بحيث ستضطرون إلى إجراء حملات؟ فلماذا هذا التناقض؟"

يجيب خواجة بأن فتح المجال أمام عملية انتخابية ضخمة للمغتربين، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المرشحون والناخبون التابعون لحركة "أمل" و"الحزب"، قد يؤثّر كثيراً على صعيد الدوائر الخمس عشرة، أما إذا تمّ حصرها في ستة مقاعد، فمهما كانت نتائجها لن تكون لها انعكاسات كبيرة على التوازن الداخلي.

ما يحصل الآن هو أن "القوات" وحلفاءها دعوا المغتربين إلى تسجيل أسمائهم للمشاركة بكثافة على أساس إلغاء المادة 112، لكن برّي مصرّ على تطبيق القانون النافذ كما هو من دون تعديلات. ويرى خواجة أنه، رغم أننا كنا ضدّ هذا القانون عام 2017، فيما كانت "القوات" و"الكتائب" و"التيار الوطني الحر" مؤيّدين له، وقد اعتبروا المادة 112 آنذاك انتصاراً، فإننا اليوم نتمسّك بتطبيق القانون الساري كما هو، ولن نتراجع". ويضيف: "لقد راعينا المكوّن المسيحي وهواجسه في هذا القانون، فلماذا لا يراعوننا اليوم؟ علماً أن لدينا قانونين، أحدهما نموذجي ويتطابق مع اتفاق الطائف وروح الدستور، وهو لبنان دائرة واحدة مع النسبية وخارج القيد الطائفي".

"القوات" لن تستسلم 

لكن اكتفاء "القوات" والأحزاب المسيحية بالمادة 112 والدائرة 16 عام 2017 كان أفضل الممكن لتأمين مشاركة المغتربين، وسط معارضة بعض الشركاء في الوطن للتصويت المفتوح لغير المقيمين على مئةٍ وثمانيةٍ وعشرين نائباً، وكان هدف "القوات" دائماً هو التصويت المفتوح وتأمين مشاركة أكبر للمغترب في الحياة السياسية اللبنانية.

لن تستسلم "القوات" في معركة إلغاء المادة 112 أو في تأمين مشاركة واسعة للمغتربين في الانتخابات، وهي تتحدّث عن مواصلة الضغوط على الحكومة لتقديم اقتراح قانون للانتخابات إلى مجلس النواب في أسرع وقت، وعندها يُصبح برّي مُلزماً بفتح المجلس ومناقشة القانون والتصويت عليه.

إلى ذلك، تلفت مصادر "القوات" إلى أنها لن تنتقل إلى الخطة "ب" (Plan B) قبل الانتهاء من الخطة "أ" (Plan A)، رغم أن المهلة الزمنية تضيق والوقت أصبح ضاغطاً، وربما تكون الخطة "ب" هي دعوة المغتربين إلى الانتقال بكثافة إلى لبنان للمشاركة في الاستحقاق.

لا يرى خواجة مشكلة في أن يأتي المغتربون إلى لبنان ليشاركوا بكثافة في الاستحقاق، مؤكّداً أن هذا وطنهم، وأنهم سيصوّتون بحرية، وسنقبل بالنتائج مهما كانت، علماً أن المغترب في لبنان لا يعود مقيّداً أو ملاحقاً كما في دول الاغتراب.

طبعاً، هذا الأمر ليس أولوية وفق مصادر "القوات"، لأن تصويت المغتربين في الخارج، بعيداً عن سطوة سلاح "الحزب" والتهديد والوعيد والترغيب، يعطي صدقية أكبر للانتخابات، وهذا ما لا يريده الثنائي الذي يعرف أن الكتلة الانتخابية الكبيرة في الخارج ترفض سياساته التي ألحقت لبنان بإيران وأوصلته إلى الحضيض. وبالتالي، يهرب من هذا الكأس المرّ، ولا يُستبعد أن يُسقط برّي المهل من خلال تجميد العمل النيابي في المجلس لتطيير التصويت على إلغاء المادة 112، وربما تطيير الانتخابات لاحقاً.

أما ما قيل عن اتفاق بين نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب والنائب جورج عدوان لحصر البحث في إلغاء المادة 112 في اللجنة الفرعية، فليس دقيقاً بحسب مصادر "القوات"، لأنها تعتبر أن هذه اللجنة مخوّلة البحث في اقتراحات القوانين الانتخابية، فيما كل ما يتعلّق بالقانون الساري المفعول يجب أن يُناقش في الهيئة العامة فقط. وتستطرد المصادر لتشير إلى أن مسألة التصويت لستة مقاعد ليست بالسهلة، وتواجهها عوائق كثيرة، وقد تكون مستحيلة من الناحية التطبيقية.

المنازلة مستمرة، ويشير الخواجة إلى أن "لا أحد يحشرنا في الزاوية، هم يريدون تغيير المعادلة الداخلية ونحن لن نقدّم لهم ما يريحهم، وإذا كانوا يعتبرون في حساباتهم أنهم يستطيعون صرف مفاعيل الحرب الإسرائيلية في الداخل، سنقول لهم: لا، ولا يظنّوا أنهم قادرون على قلب الطاولة".

أما مصادر "القوات" فتؤكّد أن ما يفعله الثنائي الشيعي عن سابق تصوّر وتصميم سيؤدي إلى "تسونامي" اغترابي، إذ هناك حيوية اغترابية لافتة، وفي النهاية على المجلس النيابي الجديد أن يواكب التحوّلات الشرق أوسطية الكبرى بما يؤدّي إلى قيام دولة فعلية، لا إلى إبقاء الدولة صورية.

ختاماً، يضيق الوقت يوماً بعد يوم، ومصير شدّ الحبال بين برّي و"القوات" لا يحسمه سوى الحكومة، التي يرفض رئيسها نواف سلام حتى اليوم إقحام نفسه في معركة تدور في مجلس النواب، انطلاقاً من التزامه مبدأ فصل السلطات، إلا أن المسألة وطنية وتتجاوز القوانين والاعتبارات، ولا بدّ من قرار جريء لحسمها. فهل يفعل ذلك؟

جورج حايك - المدن
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا