تمديد براءة الذمّة لـ"ألفا" و"تاتش": التواطؤ على إيرادات الضمان
تحوّل وزير الاتصالات شارل الحاج إلى فرعون داخل الحكومة. يأمر ويُطاع. وآخر مآثره، منع «ألفا» و«تاتش» من تسديد ما يتوجب عليهما لصندوق الضمان الاجتماعي، والضغط على وزارة العمل وإدارة الضمان لمنح الشركتين تمديداً غير قانوني لبراءة الذمّة، ما يُتيح للشركتين التهرّب من تسديد مبالغ مالية متراكمة عليهما عن أجرائهما. واللافت أن الأمر لم يحصل بشكل ثنائي فقط، أي بين وزير العمل وإدارة الضمان من جهة، وبين وزير الاتصالات من جهة ثانية، بل إن القرار اتُخذ في مجلس الوزراء بناءً على قاعدة عامة أتاحت له تمديد مفاعيل براءة الذمة الصادرة عن الضمان، فاستعملها لتخصيص الشركتين دوناً عن سويهما بهذا التمديد.
في جلسة الحكومة الأخيرة، حصلت شركتا «ألفا» و«تاتش» على مرسوم يقضي بتمديد براءتي الذمّة الصادرتين عن الضمان في تشرين الثاني 2024، لمدّة سنة اعتباراً من تاريخ انتهاء صلاحيتهما.
وأتى هذا التمديد بعدما نوقش الأمر في مجلس الوزراء بناء على مجموعة مراسلات بين وزارتي الاتصالات والعمل وإدارة الضمان أي بين الجهة التي تطلب وبين الجهة الوصية على الضمان وتلك المسؤولة عن تطبيق قوانينه وتنفيذها من دون المرور بالسلطة التقريرية في مجلس إدارة الضمان.
فقد وجّه وزير الاتصالات كتاباً إلى وزير العمل يشير فيه إلى أنه يحتاج إلى استيراد معدات للشركتين، ما يستلزم إظهار براءة ذمّة كونها من المستندات الأساسية في عمل الشركات، ولا سيّما لعمليات الاستيراد، والتي ترتبط بتحصيلها، لكن «إنجاز براءة الذمّة يستلزم تفتيشاً، ويستغرق وقتاً طويلاً».
لذا طلب الوزير شارل الحاج من وزارة العمل «الإيعاز إلى إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الموافقة على تجديد، أو تمديد مهلة براءة الذمة العادية حتى تصدر القوانين الراعية لتسويات نهاية الخدمة».
ورغم وجود إشارة واضحة في كتاب الحاج إلى رغبة الشركتين «ألفا» و«تاتش» في التهرّب من دفع تسويات مناسبة للعاملين لديهما، وتذرّع وزير الاتصالات بحجج واهية في طلب تمديد مهلة براءتي الذمة، مثل ربط تحصيل براءتي الذمّة بتوسيع الشبكة وتحسين جودتها، ما ينعكس بشكل سلبي على موارد الخزينة، إلا أنّ وزير العمل، بحسب أعضاء في مجلس الإدارة، فهم من المدير العام للضمان أن الأمر ممكن بسهولة، ثم جاء تفسير ذلك في كتاب من إدارة الضمان إلى وزير العمل يسهّل ويفسّر القانون بصيغته الأضيق رغم أنه يتحدّث عن قاعدة عامة لا عن استثناءات.
فقالت إدارة الضمان أن التمديد ممكن وفقاً لـ«أحكام المادة 65 من قانون الضمان يمكن عند الاقتضاء تمديد مفعول براءة الذمة بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العمل».
وصل الخبر إلى مجلس إدارة الضمان الذي كان مغيّباً بالكامل عن كل هذه المراسلات. ونوقش الأمر في المجلس، ما استدعى إصدار بيان من رئيس المجلس يطلب فيه سحب مشروع المرسوم الذي تعدّه الحكومة الذي يسمح لشركتي الخليوي «تاتش وألفا» بتمديد مفعول براءتي الذمة من التداول، لأنّه يشكل خطراً مباشراً على بنية الصندوق المالية والتنظيمية، ويفتح الباب أمام سابقة خطيرة تمسّ بحقوق آلاف المضمونين.
واعتبر المجلس أنّ مشروع المرسوم يتضمن مخالفات جوهرية، ومن شأن هكذا مرسوم أن يُلحق الضرر بمصالح الصندوق وحقوق المضمونين. فمنح شركات محدّدة امتيازات دون غيرها، وجدها مجلس الإدارة «مخالفة لمبدأ المساواة بين المكلّفين، وتجاوزاً للصلاحيات القانونية الممنوحة عبر تمديد مفعول براءة الذمة من دون استيفاء المتوجبات المالية المترتبة على الشركتين».
وفي سياق مرتبط، لفت مجلس إدارة الضمان إلى أنّ منح براءات الذمم بمراسيم حكومية من شأنه الإضرار بالوضع المالي للصندوق، وتهديد قدرة الضمان على تمويل تقديماته الصحية والاجتماعية، خاصة أنّ للصندوق أموالاً غير محصّلة على شركتي الخليوي «ألفا وتاتش».
كما حذر مجلس الإدارة من ضرب الحكومة لمبدأ العدالة الضريبية والمالية، فهذه التصرفات ستفتح الباب أمام مطالبات مماثلة من قطاعات أخرى، ما يضعف من سلطة تطبيق القانون. وهذا الأمر بالفعل بدأ يحصل، إذ تقول المعلومات إن رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير طلب من رئيس الحكومة نواف سلام إصدار تمديد مماثل لبراءات الذمّة الخاصة بالشركات التجارية.
ولدراسة الملف والحفاظ على التوازن بين مصالح الدولة وحقوق العمال والمضمونين، وبين أصحاب العمل، طلب مجلس إدارة الضمان دراسة الملف في لجنة مكوّنة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الاتحاد العمالي العام، والهيئات الاقتصادية.
فؤاد بزي -الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|