"مصلحة الدروز" تفرض دعماً جنبلاطياً شاملاً لأرسلان ..."عِقَد مُستحيلة" تمنع التحالف مع "التيار"
معادلة « من يحكم الجبل يحكم لبنان» انتهت مع « كمال وكميل بلا غالب ولا مغلوب»، رغم ان مسار الأحداث ومواقف وليد جنبلاط أعادت جزءا كبيرا من بريق الدروز ودورهم المحوري في السياسة اللبنانية، لكن هذا الحجم لم يمنح آل جنبلاط والدروز في لبنان، اكثر من رتبة «معالي الوزير»، حتى مع تعديلات الطائف ومجلس الشيوخ، الذي منح الرئاسة الى الدروز بالعرف وليس بالدستور، وفتح اشتباكا مع الاورثوذكس، رغم انه سيبقى حبرا على ورق. ولم تكن أحوال الدروز في سوريا افضل من لبنان، فقد عاشوا الاذلال من «اسرائيل».
هذا الغبن التاريخي حسب مصادر درزية مواكبة، عبّر عنه وليد جنبلاط قائلا «والدي كان زعيما عالميا، وفي لبنان اقصى ما يمكن ان يصل اليه الوزارة فقط»، حتى «الفيتو» على القرارات التي منحت لوليد جنبلاط ايام حكم الرئيس السوري حافظ الاسد، جراء حرب الجبل واسقاط 17 ايار، تراجع وانتهى معه صناعة الرؤساء. لقد حاول الدروز تغيير الواقع المؤلم، فدفعوا اثمانا كبرى وخسروا في السياسية رغم انتصاراتهم العسكرية، واكبر برهان على ذلك احداث السويداء ونتائجها الكارثية على الوضع الدرزي العام في المنطقة.
فالدروز، تضيف المصادر، كان لهم الدور الأول في اسقاط النظام السوري السابق، لكن النتائج لم تكن مطابقة لحساباتهم، وجنوا الانقسامات وحصد غيرهم الامتيازات، وها هم يعيشون حاليا في السويداء مرحلة تشبه المرحلة التي سبقت معركة عين دارة عام 1711 بين القيسيين واليمنيين، حيث قتل 22 الف درزي، ونزح اليمنيون الى سوريا وسكنوا جبل العرب، وربما يرحلون مجددا في ظل الغيوم السوداء التي تحاصرهم من كل الجهات في مرحلة التحولات الكبرى.
وتشير المصادر الى ان الامور وصلت الى التشكيك في دور القيادة الجنبلاطية لاول مرة على هذا المستوى، بالتزامن مع طروحات سياسية مناوئة قادها شيخ عقل الدروز في سوريا حكمت الهجري، وحملت دعوات انفصالية عن سوريا الام بقوة الدبابات الاسرائيلية والعلم الاسرائيلي، واخطاء نظام احمد الشرع القاتلة والطائفية، التي جعلت من معظم ابناء الطائفة الدرزية يقفون خلف الشيخين موفق ظريف وحكمت الهجري. وهذا مناقض لدور الدروز التاريخي منذ نزولهم على هذه الشواطئ دفاعا عن العروبة والأمة. وبالتالي فان الطروحات التي تخرج من السويداء، تشكل البدايات لخسارة كل شيء، وسط اشتباكات يومية بين الفصائل الدرزية وتعرّض الشيخ حكمت الهجري منذ اسابيع لمحاولة اغتيال، عُمّم انها من تنظيم المخابرات التركية وكشفتها المخابرات الاسرائيلية، وتم الرد عليها بحملة اعتقالات واسعة في صفوف القيادات العسكرية، شملت المتعاونين مع ليث البلعوس وسلمان عبد الباقي الداعمين لنظام الشرع.
وتقول المصادر الخوف الاكبر ان يدفع الدروز ثمن لعبة الامم الكبرى، نتيجة الاصرار الاسرائيلي على التحكم بالممر الإنساني الى السويداء عبر الجولان، مقابل اصرار الشرع على منطقة الثعلة القريبة من درعا، وهذا الصراع هو السبب الاساسي لاستمرار الحصار الخانق وفقدان المواد الغذائية، رغم تدخلات وليد جنبلاط الاخيرة التي ادت الى الافراج عن 70 معتقلا من الرجال والنساء، ورفع اعداد دخول قوافل التموين.
هذا الواقع الدرزي يفرض نفسه بقوة على الانتخابات النيابية في لبنان، ويتطلب وحدة درزية، وتنسيقا جنبلاطيا - ارسلانيا تقتضيه المصلحة الدرزية العليا، وهذا ما حصل فقد ارتفع مستوى التنسيق بعد احداث السويداء، حيث وقف طلال ارسلان ضد كل الحملات التي استهدفت وليد جنبلاط، ونزل الى الساحة مواجها الحالات الدينية التي عارضت التوجهات الجنبلاطية في السويداء. ومن الطبيعي ان يرد وليد جنبلاط «الجميل» لارسلان عبر دعمه انتخابيا، وتوفير كل سبل النجاح له، عبر إقفال كل» الشبابيك والأبواب» التي قد يستفيد منها نائب «التغيير» مارك ضو، للعودة الى المجلس النيابي، والذي عجز عن تكوين حاضنة درزية له في الجبل، وبقيت جذور العائلة الإرسلانية اقوى من دعوات التغيير والتخلص من الاقطاع والشعارات الرنانة.
وحسب المصادر الدرزية، فان الدعم لارسلان سيتمثل باعطائه كل الأصوات التي نالها مارك ضو من «الاشتراكيين» في الدورة الماضية، وتحديدا في عاليه، وثغرة المدينة يجري علاجها دون اي حسم في الخيارات النيابية «الاشتراكية» حتى اللحظة، لكن المتقدم وغير نهائي حتى اللحظة هو الابقاء على النائب اكرم شهيب. فالحسم يخضع لحسابات الأصوات التفضيلية. وبات معروفا وحسب مراكز الدراسات ان المجتمع المدني حافظ على حضوره، وتقدم درزيا في الانتخابات البلدية الماضية، وهذه مسألة تؤخذ في الاعتبار عند المكلف ادارة العملية الانتخابية في «الاشتراكي» الدكتور وليد صافي.
وتضيف المصادر الدرزية ان «الاشتراكي» يدرس ترشيح «كتائبي» على اللائحة التي ستضم «الاشتراكي» واالقوات» في الجبل، لمنع مارك ضو من الاستفادة من اصوات «الكتائبيين»، التي انصبت له في الانتخابات الماضية وحتمت فوزه، لكن ذلك قد يفجّر معركة مع «القوات» الطامحة لحصد اكبر نسبة من النواب المسيحيين في الجبل.
وتتابع المصادر الدرزية بالقول: ان من بوادر الدعم الجنبلاطي لارسلان، القيام بجولات مشتركة في كل قرى الجبل، والعمل على انهاء ذيول حادثة قبر شمون القضائية، وتنظيم المصالحات والاحتفالات، وترتيب موضوع الخدمات وتأمين الزفت الانتخابي» لمناصري ارسلان.
وفي المعلومات، ان ارسلان قام باجراءات تنظيمية مؤخرا، وحل كل الاطر الحزبية، وقال للجميع «من يثبت نفسه في الانتخابات يعود فقط الى موقعه الحزبي»، ويبقى اجراء الانتخابات على القانون الحالي، هو الورقة الكبرى الداعمة لارسلان، بعد ان نال في الانتخابات الماضية 96 صوتا من المغتربين، مقابل 2500 صوت لمارك ضو.
وحسب المصادر الدرزية، فان الدعم الجنبلاطي لارسلان يبقى «نصف الكوب»، والنصف الآخر بيد ارسلان وتحالفاته، وكيف يدير الانتخابات مع «التيار الوطني الحر».
ومن المعلوم، ان القانون الانتخابي الحالي والأصوات التفصيلية يحتمان ان يكون جنبلاط وارسلان في لائحتين منفصلتين، وان يشكل ارسلان لائحة ثانية، لكن لعبة الأصوات التفضيلية تجعل من رابع المستحيلات ان يكون ارسلان و "الوطني الحر» في لائحة واحدة، حيث يتم تكرار أخطاء الانتخابات الماضية، إذ تم اسقاط ارسلان ووهاب ونجاح ٣ نواب لـ "الوطني الحر» بأصوات الدروز، من خلال تأمين الحاصل الانتخابي للائحة، والنواب هم: سيزار ابي خليل وغسان عطالله وفريد البستاني صاحب الحضور الخدماتي القوي، مما منحه اصواتا تفضيلية خارج قواعد «الوطني الحر».
وفي هذه الحالة، من الطبيعي ان تكون الكلمة الفصل لحزب الله في ترتيب اوضاع الحلفاء، خصوصا ان حزب الله بات قوة انتخابية تحسم الامور في الجبل لمصلحة حلفائه، من خلال 4000 ناخب بين الشوف وعاليه، يصبون أصواتهم «بلوك واحد»، والجميع يعرف ايضا ان لحزب الله مناصرين في الطائفة الدرزية يعملون بتوجيهاته، وهذه إضافة انتخابية لحلفاء الحزب.
والاسئلة المطروحة اين سيكون وئام وهاب في هذه المعركة، والأمور صعبة جدا مع ارسلان؟ فاي تحالف بين الرجلين قد يؤدي الى سحب كل الالتزامات الجنبلاطية مع ارسلان، وبالتالي فان الامور ذاهبة الى تشكيل 3 لوائح في الجبل: الأولى تضم جنبلاط و "القوات»، والثانية ارسلان وناجي البستاني، مع تقارب بين ارسلان و "تيار المستقبل» يتم التحضير له بعناية وبعيدا عن الاضواء، في ظل استحالة انضمام «المستقبل» الى لائحة توجد فيها «القوات». واللائحة الثالثة من المرجح انها تضم «التيار الوطني الحر» ووهاب أو نجله.
الصورة معقدة جدا في الجبل، والمعركة قاسية في دائرة تضم كل المكونات السياسية والطائفية في البلد دون استثناء، ورغم الخلافات بين القوى الكبرى في الجبل، فإنهم موحدون على اسقاط نواب «التغيير» من مارك ضو الى حليمة القعقور الى نجاة صليبا عون، وعدم تكرار هذه التجربة.
اما درزيا فان المعركة تمتد الى حاصبيا، لتشمل نائب «التغيير» فراس حمدان لمصلحة نائب توافقي بين بري وجنبلاط، لا يُعادي ارسلان ويشبه أنور الخليل، مع استبعاد كلي لاسم مروان خير الدين، في ظل «الفيتوات» عليه.
هذه هي اللوحة الداخلية حتى الآن، فهل تبدلها التدخلات الخارجية لمصلحة هذا النائب او ذاك، مع تغيير شكل التحالفات والتوجهات؟ لكن الثابت حتى الآن هو التحالف بين جنبلاط وارسلان، والقطيعة بين «المستقبل» و «القوات»، وحتى موعد الاستحقاق النيابي، انطلقت الماكينات الانتخابية في نشاطاتها، لجهة تنظيم المواعيد والزيارات والاستقبالات، وكيفية توزيع الخدمات. والملاحظ انها انطلقت مبكرا على أبواب متغيرات كبرى، ونهاية مرحلة وبداية اخرى.
رضوان الذيب -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|