ترامب لعون: رسالة بالعصا والجزرة..
في المحطّات الأساسيّة التي مرّت على المنطقة ولبنان، يعيش لبنان المحطّة الأكثر تعبيراً عن مدى تلاشي الاهتمام الأميركيّ، الذي يكاد يكون محصوراً بمعادلة واحدة: “سحب السلاح والتفاوض المباشر مع إسرائيل لاستكمال تحقيق السلام بالمنطقة”.
لا موفد محدّداً للملفّ اللبناني. يستمرّ توم بارّاك بعمله في تركيا، لكنّه يرسل ما يجب أن يصل إلى بيروت عبر وسطاء وليس بشكل مباشر بانتظار أيّ متغيّر يعود به. علّقت مورغان أورتاغوس مشاركتها في لجنة “الميكانيزم” وعدلت عن التوجّه إلى لبنان تحت أكثر من مسمّى، منها الإقفال الحكوميّ وأحداث غزّة وأولويّتها في المشهد الإقليميّ.
أمّا لبنان فمتروك للسفير الأميركي اللبنانيّ الأصل ميشال عيسى الذي يصل إلى بيروت لتسلّم مهامّه قريباً. لكن، في المقابل، لبنان ليس في آخر القطار الإقليميّ الدوليّ فحسب، بل لا يزال خارجه بانتظار “استحقاق الصعود”.
رسالة ترامب واضحة
تحدثّت مصادر دبلوماسيّة عن كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الكنيست الإسرائيلي عن لبنان ورئيس جمهوريّته. علّقت قائلة إنّها رسالة واضحة ودعوة للرئيس جوزف عون إلى استكمال مهمّة نزع سلاح “الحزب” كاملاً على كلّ الأراضي اللبنانية بدءاً بطبيعة الحال من جنوب الليطاني. رسالة ترامب من الكنيست مزدوجة، لأنّها من واشنطن ومن حليفتها إسرائيل معاً. وفق المصادر الدبلوماسية، إنّ الرسالة بالشكل الذي صدرت وبالمضمون الذي تحمله هي رسالة بالعصا والجزرة. الجزرة بالمديح والعصا بالمضمون، ولا ثالث لهما.
أمّا موقف بعبدا بحتميّة الصعود إلى قطار المنطقة والتفاوض غير المباشر بعد الانسحاب الإسرائيليّ، حدّدته مصادر دبلوماسيّة بأبعاد ثلاثة:
1- تحظى المطالبة بالانسحاب الإسرائيليّ ووقف الغارات قبل الذهاب إلى التفاوض غير المباشر، بدعم “الحزب” في لبنان، لكنّها لا تحظى بدعم أميركيّ لأنّ واشنطن ترى فيها تكراراً لمواقف سابقة للرئيس عون. بينما المطلوب الخروج من الدائرة المغلقة التي يتحدّث فيها منذ بداية عهده.
2- لا يحمل الكلام عن أن “لا مانع من التفاوض غير المباشر مع إسرائيل كما حصل في التفاوض على الحدود البحريّة” جديداً لأنّ لبنان اعتاد التفاوض غير المباشر عبر الجانب الأميركي في السنوات الأخيرة، وتحديداً عبر آموس هوكستين ومورغان أورتاغس وتوم بارّاك. وبالتالي لا جديد في الموقف.
3- القول إنّ الوقت حان ليكون لبنان ضمن الإجماع العربي وعلى متن قطار المنطقة هو كلام سليم، لكنّه يفتقر إلى الخطوات العمليّة المفروضة على لبنان ورئيسه لتحقيق ذلك.
حدّ السيف على الطاولة..
بناء على كلّ ما تقدّم، السؤال الأهمّ الذي يطرح اليوم: ما هو المطلوب من لبنان ورئيسه لـ”إنقاذ لبنان من التعفّن والدمار”؟
الجواب باختصار كما يدور في كواليس الإدارة في واشنطن: “سحب السلاح والتفاوض المباشر مع إسرائيل لاستكمال تحقيق السلام بالمنطقة”.
بطبيعة الحال هذا ليس تفصيلاً في المشهد السياسي اللبناني، بل هو معطى خطير لم يقوَ لبنان على مواجهته في مراحله التاريخية من دون حروب دمويّة. اليوم، يعود هذا المعطى إلى الطاولة كحدّ السيف، لا يعطي فرصة ثانية ولا يعطي أيّ جزرة بضمان الانسحاب أو وقف الاغتيالات والغارات، ولا يعطي خيارات واسعة للبنان رئيساً وشعباً.
بناء عليه، وصلت رسالة جدّيّة من واشنطن إلى قصر بعبدا تحمل هذين المطلبين، فكان جواب بعبدا بحسب ما وصل إلى واشنطن أنّ لبنان لا يمكنه الدخول في التفاوض المباشر، بل يستطيع تكرار تجربة آموس هوكستين، لأنّ التفاوض المباشر يعتبر من الخطوط الحمر في البلاد والرئيس لا يمكنه أن ينجز هذه المهمّة في مبدئها أوّلاً، وفي ظلّ ما يتعرّض له لبنان من دمار وخرق لأمنه وسيادته ثانياً.
ما العمل؟
إنّ ردّة فعل الإدارة الأميركيّة على موقف رئيس الجمهورية ليس مطمئناً، ولا يُحسد الرئيس على موقعه. هو محشور في زاوية لا خروج منها بسهولة. بين الداخل والخارج هوّة كبيرة ولا قدرة لأحد من المسؤولين اللبنانيّين حتّى الساعة على ردمها. وبالتالي تشديد الموقف تجاه لبنان مرجّحٌ إلى أن يلبّي شروط جلوسه إلى الطاولة.
جوزفين ديب- اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|