فوضى في محطات المحروقات... ومخالفات "على عينك يا تاجر"!
العمل فوق سقف القانون أصبح عادة في لبنان، ومحطات المحروقات "ضليعة" في هذا المجال. المئات منها غير قانونية ومخالفة للشروط. محطات لا تحوز تراخيص، تعمل "على عينك يا تاجر". ومحطات مبنيّة على أملاك عامة أو أملاك الغير، تتجاهل الشروط التنظيمية والسلطات الرسمية.
"الفرصة الأخيرة" أُعطيت لأصحاب محطات المحروقات، ولم يبق سوى أن يستفيدوا من هذه المهلة. ففي آذار الماضي، وجّهت وزارة الطاقة والمياه كتاب إلى وزارة الداخلية والبلديات طالبت فيه "إقفال المحطات القائمة من دون مسوغ قانوني".
في هذا السياق، أوضحت مصادر رسمية في وزارة الداخلية والبلديات لـ "الديار" أن الوزارة عمّمت الكتاب على المحافظين فور تسلّمه من وزارة الطاقة والمياه، ويعود إلى المحافظين، ضمن صلاحياتهم، التنسيق مع الأجهزة الأمنية للتحقيق في المخالفات.
كذلك، كان محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود قد أصدر بلاغاً تحذيرياً منح فيه أصحاب المحطات الواقعة ضمن نطاق بيروت مهلة أخيرة لتسوية أوضاعهم حتى نهاية السنة. من هنا، أشار مدير مصلحة المؤسسات المصنّفة في بلدية بيروت، المهندس باسم العويني، في حديثٍ لـ "الديار"، إلى أن "محافظ بيروت كان قد أصدر أولاً في شهر نيسان بلاغاً تحذيرياً إلى أصحاب المحطات، وعندما لم يلاحظ أي تجاوب، أصدر بلاغاً جديداً في آذار الماضي"، معتبراً أن "هذا البلاغ يشكّل فرصة للتعاون والعمل وفق القانون، وقد جرى تعميمه على الجميع، إذ لا يمكن إقفال المحطات من دون توجيه إنذار مسبق إلى أصحابها".
بالتالي، أوضح العويني أن "مهلة الرخصة هي 30 سنة، ومبدئياً انتهت مدة تراخيص معظم محطات المحروقات، لذا يجب على أصحابها تقديم ملف خاص بقانونية البناء لدى مصلحة الهندسة، التي بدورها تنظر في الإنشاءات القائمة".
كما لفت إلى أن "هناك مرحلتين لتراخيص المحطات: رخصة إنشاء ورخصة استثمار. أولاً، وبحسب المرسوم 5509 الذي يحدّد الأبعاد والمساحات المطلوبة، يتمّ دراسة وضع الإنشاءات القائمة، وبعد ذلك يُبحث في إمكانية منح رخصة استثمار"، مشيراً إلى أنه "في حال كانت الشروط المطلوبة مستوفاة، يُحال الملف من مصلحة الهندسة إلى مصلحة المؤسسات المصنّفة لدراسة إجراءات الترخيص بإنشاء واستثمار المحطة".
وأضاف العويني، "حتى الآن لم يأتي أي ملف مكتمل من مصلحة الهندسة إلى مصلحة المؤسسات المصنفة في بيروت، وهناك خيارين للتعامل مع من لا يلتزم بالإجراءات: إما ختم المحطة بالشمع الأحمر، أو يمكن الإدعاء عليه لدى النيابة العامة بكونه خالف القرارات الإدارية".
بدوره، أكد رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ "الديار"، أنه "من المفروض مساعدة المحطات غير الشرعية لتحسين وضعها وللحصول على تراخيص، وذلك بهدف البقاء تحت سقف القانون وسقف الدولة". لكن أشار البراكس إلى أنه "لا يمكن معاملة جميع المحطات بالمثل، فتلك التي انتهت مدة ترخيصها لا يمكن معاملتها كتلك التي تم بناؤها دون أي ترخيص رسمي".
بالتالي، أوضح أنه تم تقسيم المحطات إلى ثلاث خانات:
- محطات كان لديها تراخيص وانتهت مدّتها، ويجب مساعدتها لكي تنهي معاملات التجديد والترخيص بسرعة.
- محطات أُنشئت خلال فترة الحرب دون ترخيص والأرض مملوكة لأصحابها، ويتوجب تمكين هذه المحطات من الاستفادة من قانون التسويات الصادر عام 2018، ومنحها مهلة لتقديم ملف لتسوية مخالفة البناء، وفي حال استيفاء الشروط المطلوبة يُمنح لها الترخيص.
- محطات دون ترخيص وقائمة على ملك الغير أو أملاك عامة، وعلى السلطات الرسمية التعامل مع هذه المحطات لتطبيق القانون عليها.
ولفت البراكس إلى أن "الهدف من تسوية ملف محطات المحروقات غير القانونية هو منحها فرصة لتكون تحت سقف القانون، وهذا قرار سليم للمصلحة العامة ولجميع المواطنين"، مؤكداً أن "الدولة تحاول تجنّب الخلاف مع هذه المحطات ومساعدتها من خلال تقديم مهلة للعودة إلى السكة الصحيحة".
يُقدّر إجمالي عدد محطات المحروقات في لبنان بحوالى 3500 محطة، منها القانونية ومنها غير الشرعية. من هنا، أشار البراكس إلى أنه "لا يمكن معرفة عدد المحطات المخالفة للقانون بشكل دقيق، فتلك التي أُنشئت دون ترخيص ليست مسّجلة، مما يصعّب عملية تحديد العدد. إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى وجود ما بين 800 و1000 محطة غير قانونية".
أما في محافظة بيروت، فقد لفت العويني إلى أن "هناك فقط ما بين 4 و5 محطات قانونية، أما باقي المحطات فتراخيصها منتهية الصلاحية"، مشيراً إلى أن "صلاحية المحافظ في بيروت واسعة وشاملة، فبقرار منه يمكن إقفال المحطة".
كما أوضح أن "المسار دقيق جداً، والتراخيص الخاصة بالمحطات متشددة، فهذا النشاط قد يشكل خطر على السلامة العامة إذا لم تطبّق المعايير كما يجب"، مؤكداً أن "المخالفات التي تشكل خطراً لا يمكن التهاون بها".
ويبقى السؤال الأهم، أنه في حال لم تُطبّق القوانين، هل يمكن إقفال جميع المحطات؟
البراكس اعتبر أن محطات المحروقات هي "الشريان الحيوي" للبنان، أما العويني فاعتبر أن هناك تماسا مباشرا بين المحطات وحياة المواطن اليومية.
وتوجّه العويني إلى أصحاب المحطات المخالفة للقانون قائلاً: "أنتم أخذتم بدل الفرصة فرصتين"، متمنياً أن يتحلّى الجميع بحسّ المسؤولية، ومعتبراً أن "الرخصة ليست مجرّد ورقة، بل إن الترخيص هو مسار يتضمّن متطلّبات ومعايير".
ميريم ناضر - "الديار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|