المسؤول الذي يدخل السجن على وقع هتاف السجناء... أهلاً بك بيننا
دخِل الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي سجن "لاسانتيه" الباريسي، بعد نحو شهر من صدور حكم بسجنه مدة خمس سنوات لإدانته بالحصول على تمويل غير قانوني من ليبيا لحملته الانتخابية. وهي سابقة في تاريخ فرنسا الحديث، إذ بات ساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يُسجَن منذ المارشال فيليب بيتان.
وبمعزل عمّا اُعلِنَ عن أنه (ساركوزي) تقدّم بطلب للإفراج عنه فوراً بعد دخوله السجن، وعن أن هناك شهرين أمام محكمة الاستئناف للنّظر في طلب الإفراج الموقَّت، وعن أن الرئيس الأسبق المُتّهم قد لا يكون مُذنباً بشكل مُفرِط، إلا أن الصورة جديرة بالتوقُّف أمامها كثيراً.
اللاوعي اللبناني؟...
فمشهد ساركوزي الذي يدخل السجن على وقع هتاف سجناء من زنزاناتهم "أهلا بك ساركوزي" ليس عادياً أبداً.
ومشهد الرئيس السابق وهو يواجه العزلة في سجن انفرادي بنزهة واحدة في اليوم ضمن باحة صغيرة، وبممارسة الرياضة في واحدة من قاعات الرياضة الثلاث داخل السجن، وبتلفزيون مقابل رسوم شهرية، وبهاتف أرضي يمكن التنصُّت على كل ما يُحكى عبره بسهولة، (مشهد) ليس سهلاً أبداً.
ورغم قساوة تلك المشاهد، إلا أنها مهمة من حيث المبدأ، ولإفهام أي صاحب سلطة أو مسؤولية أنه ليس حاكماً مُطلَقاً، وأنه لا يمكنه أن يكون خارج نطاق المحاسبة في أي يوم من الأيام. وهذا كفيل بردعه ليس فقط عن ممارسة الفساد، بل عن سوء ممارسة السلطة أيضاً، وعن سوء استعمال القانون، وعن انتهاج سلوكيات سلطوية ملكية أو أبدية لا تجوز.
فمتى يمكن تعميم هذا النموذج من الملاحقات القضائية في لبنان؟ والى أي مدى يتوجّب إدخال صورة ساركوزي الداخل الى السجن (بمعزل عمّا إذا لم يَكُن فاسداً بالفعل، فنحن لا نحكم عليه بل نقدّمه كمثال) في وعي ولاوعي أصغر وأكبر مسؤول في لبنان؟
الإفلات من العقاب
شدد رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر على "أهمية عدم الإفلات من العقاب. فمن المُفتَرَض أن يجد كل مُرتكِب عقابه بمعزل عن أي شيء، ومهما كانت رتبته رفيعة. وهذه أهم نقطة يمكن الانطلاق منها في دولة قانون".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "مصيبتنا الكبرى في لبنان هي الإفلات من العقاب. فهذا دليل على عدم وجود دولة ومقوّمات دولة لدينا أولاً، حيث يعتقد كل شخص نافِذ أنه أقوى من الدولة، وهذا لا يجوز من حيث المبدأ لأن ركيزة دولة القانون هي عدم الإفلات من العقاب. هذا مع العلم أن الإفلات من العقاب هو دليل على التخلُّف والفساد أيضاً".
تغييرات...
ولفت صادر الى "أننا مررنا بظروف جعلت القضاء مُستزلِماً بفعل تدخّلات الطبقة السياسية المارِقَة فيه. فقد وُزِّعَت المراكز المهمة فيه (القضاء) على مجموعات ليس وارداً أن ترغب بإنشاء دولة قانون في لبنان، وكان كل طرف يُدخِل جماعته الطائفية والحزبية والسياسية الى المراكز القضائية المهمة. وهذا ما حوّل القضاء اللبناني الى جُزُر فساد واستزلام، وهو ما يجب أن نتخلّص منه لأن العمود الفقري لدولة القانون هو القضاء".
وأضاف:"هناك تحسينات تحصل في البلد اليوم، منها مثلاً الحكومة الحالية وهي جيّدة جداً، وعهد فخامة الرئيس (الرئيس جوزف عون). ورغم أن الحكومة لم تتمكن بعد من اتّخاذ قرارات جازمة على مستوى حصر السلاح مثلاً، إلا أن القضاء يشهد تغييراً فعلياً. لماذا؟ يعود ذلك الى التناغم ما بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى".
وختم:"بموجب هذا التناغم، تمّت تعبئة المراكز الشاغرة في محكمة التمييز، وفي الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وفي المجلس العدلي. كما أتت التشكيلات موضوعية هذه المرة، وهو ما يبشّر بالخير إذ يدلّ على أن القضاء بدأ يتغير، وهذا مهمّ جداً".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|